الملف إعداد : إيمان عبد الرحمن - محمد عبدالعال - أمانى ربيع - هدى إسماعيل

 

"نشأت بدون أبي الذي تزوج وأنجب ولم يسأل علي يوما، أصبحت شابة جامعية ولدي شعور كبير بالنقص، فدائما أتمنى وجوده في حياتي، للأسف تركني ولم يعتبرني ابنته، نعم أحب أمي التي ربتني ولم تتزوج ولكن ابي لا أعلم ما الذنب الذي اقترفته لينبذني، ويهتم بأبنائه الآخرين؟ حالات كثيرة لأبناء يعانون من الإهمال المادي والعطفي والتفرقة بينهم وبين أخواتهم غير الأشقاء نتيجة لزيجة ثانية أو زيجات متعددة، حواء تناقش هذه القضية في السطور التالية.

وبدايتنا من حكاية يحكيها عمر موسى، طالب جامعي أن والداه انفصلا وهو طفل صغير، ووالدته تركته وتزوجت، وتربى مع والده وزوجته وأخواته غير الأشقاء ولسنوات طويلة والدته لم تسأل عليه، ويضيف أحب عائلتي ولا أشعر بأي شعور سلبي تجاه إخوتي من أبي، فأشعر أننا أشقاء، ولكن مشكلتي بأنه  بعد أكثر من عشر سنوات طلبت والدتي مقابلتي في النادي، وحضرت مع طفليها الآخرين، وبعدها رفضت مقابلتها مرة أخرى، شعور قاس جدا، فقد أحسست باهتمامها الشديد بهما، وأنا ابنها الذي رفضتني منذ الصغر لذلك اتخذت قرار بقطع علاقتي معها ومع إخوتي الذين لم أرهم سوى مرة واحدة.

وتقول دينا راشد، طالبة في المرحلة الثانوية، بعد انفصال والدتي عن ابي تربيت في بيت جدي وعشت حياة إلى حد ما مستقرة واهتم بي خالي، أما أبي فلم يسأل كثيرا علي وانقطعت اخباره وخاصة بعد زواجه، أعرف أخباره من الأقرباء وعن أولاده، لا أعتبرهم إخوتي والسبب أبي الذي لم يهتم بي مرة ولم يشعر نحوي بأنني ابنته ولم يوليني رعايته مثل أبنائه الآخرين.

وتحكي سهام عبد العظيم، مدرسة تجربتها فتقول: تزوج زوجي من أخرى ولظروفي الاجتماعية لم أطلب الطلاق ولكن المشكلة في تفضيل زوجي لأبنائه الآخرين على أبنائي، فلا يسافر معنا ولا يتواجد بحجة أن الأبناء كبروا وأن أبناءه الآخرين لا يزالون صغارا ويحتاجون رعايته، لذلك أبذل الكثير من المجهود حتي لا أشعر أبنائي بفرق المعاملة من قبل والدهم ولكن للأسف بدأ أولادي ينفرون من والدهم ولا يشعرون بالحب والود ناحيته مثل السابق.

غياب الأب

عن المشكلات الناجمة للأبناء في هذه الحالة تقول د. نادية جمال الدين، استشاري العلاقات الأسرية وخبير التنمية الذاتية: إن أحيانا كثيرة يعاني أبناء الزوجة الثانية في حالة الزواج غير المعلن لوالدتهم، فدائما ما يشعرون بغياب الأب، ومن سن الطفولة المبكرة يلاحظون عدم وجوده وغيابه المستمر وخاصة لو يوجد فارق سني بينهم وبين إخوتهم غير الأشقاء، والأب منشغل بأعماله، واجتماعيا مع الاختلاط مع الأصدقاء والأقرباء يشعرون بعدم وجوده، ويفتقدون عادة الصلات مع أهل الأب، فيؤثر ذلك بالسلب  عليهم، ويسمعون أن لهم إخوة آخرين ويشعرون بالرفض من قبلهم، وتنشأ العداوة من هنا، فالشعور بالنبذ يجعلهم أبناء غير أسوياء نفسيا ويعرضهم للعديد من المشكلات النفسية مثل التأخر الدراسي والقلق والاضطراب والتشتيت والعدوانية في بعض الأحيان.

العدل والمساواة

تقول د. إيمان عبد الله، الاستشاري النفسي والأسري: تتلخص العلاقة في موقف الأم والأب من الأبناء غير الأشقاء، لكن الأب تقع عليه المسئولية الأكبر في تقويم سلوك أبنائه من زيجاته المختلفة في أن يقرب بينهم ويحببهم في بعض كإخوة غير أشقاء، وينمي العلاقات الطيبة بين أبنائه من البداية وضبط زمام الأمور ويحمل كل منهم مسئولية لعمل علاقة طبيعية، وإعطاء نظرة إيجابية خلال هذه العلاقات غير الأشقاء من خلال غرز معاني الأخوة والمحبة ولكن يحدث أحيانًا لو علاقة غير سوية بين الزوجين تحدث مشاكل اجتماعية ونفسية، وخاصة مع غياب العدالة والإنصاف بين الأبناء، فقد تعاملت مع حالة لمراهق يعاني من اكتئاب شديد نتيجة لإهمال الأب له منذ صغره وعدم سؤاله عنه، فقد أنجب تزوج ولم يرغب في رؤيته إطلاقا ومع ضغط الأم لمقابلته من أجل الماديات يعامله الإخوة غير الأشقاء بطريقة غير لائقة فأصبح شابا غير متزن في حياته الاجتماعية والنفسية.

وتتابع: لذلك يجب على الآباء التفكير مسبقا بتأني قبل اتخاذ قرار الزواج الثاني والإنجاب، وإذا حدث يجب العدل والمساواة في المعاملة بين كل الأبناء حتى نخرج جيلا سويا نفسيا واجتماعيالا يعاني من أي شعور بالنقص أو اضطرابات في الشخصية قد تصل إلى الاكتئاب وانعدام الثقة وصعوبات في التعلم وعدوان مجتمعي وتفكك أسرى ينمي العدوان والشعور بالانتقام لدى الأبناء ويدمر صلة الأرحام والعلاقات الأخوية، قد تصل الأمور إلى المحاكم والنزاعات بين الإخوة بسبب الميراث.

التهيئة النفسية

حول كيفية التهيئة النفسية للأبناء إن لهم إخوة آخرين، وحتى لا يؤثر ذلك سلبا على نفسيتهم، يشرح د. محمد سمير عبدالفتاح، أستاذ ورئيس قسم علم النفس بكلية آداب المنيا سابقا، أن الحوار هو مفتاح كافة مشاكل التربية وخاصة في سن المراهقة، وعلي كل الأطراف من أب وأم التحدث مع الأبناء أن لهم إخوة آخرين، ويجب تنشئتهم تنشئة سوية بأن يحبوا إخوتهم ولا يبغضوهم، ولا يضمروا لهم أي شر أو كراهية، فأكثر المشاكل سببها أن تزرع الأم الكراهية في نفوس أبنائها تجاه إخوتهم من الأب، والعكس في حالة زواج الأم من آخر وإنجابها، يقوم الأب بزرع الضغينة تجاه الإخوة الآخرين، وهو الأمر المرفوض دينيا وأخلاقيا وتربويا، فنسب الطلاق في ازدياد كبير، ووجود أبناء آخرين أصبح شائعا، فبذلك نحن ننشئ جيلا غير سوي نفسيا وننشئ بنية اجتماعية مهترئة.

المصدر: الملف إعداد : إيمان عبد الرحمن - محمد عبدالعال - أمانى ربيع - هدى إسماعيل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 592 مشاهدة
نشرت فى 1 إبريل 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,986,680

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز