بقلم: د. حنان سليمان

مهما اختلفت ثقافاتنا وأفكارنا وتباينت مستوياتنا الاجتماعية إلا أنه يظل ثمة قواسم مشتركة بيننا كانتظار العيد بلهفة وشوق والاستعداد  لقضاء ساعاته وأيامه بكل الطرق التي تسعدنا وتدخل البهجة على قلوبنا، فالجميع يحرص على زيارة الأهل والأقارب والتقاء الأصحاب والخلان الذين ربما لم نلقهم منذ زمن طويل، كما يخطط الشباب للاستمتاع بالخروج في رحلات عائلية أو شبابية لقضاء وقت مختلف ومتميز عن الأوقات العادية، والتقاط الصور التذكارية التي تخلد تلك اللحظات الجميلة.

هكذا كنا نحتفل بالعيد، وهكذا كانت أيامه تشهد على تجمعاتنا حول الأضحية أثناء ذبحها وعلى مائدة الطعام خلال أيام العيد الأربع، إلا أن بعض المتغيرات التى طرأت على بيوتنا وجعلت من تجمعنا أمرا نادرا، فرغم أن شريعتنا جعلت من مشاهدة ذبح الأضحية سنة إلا أن الكثير من الآباء يكتفون بشرائها ونحرها عند الجزار أو دفع صك الأضحية لإحدى الجمعيات الأهلية، ولست أعارض صحة ذلك فقد أفتى مشايخنا بجوازه، لكن تساؤلى لما نحرم أبناءنا من فرحة مشاهدة الأضحية ونجعل منها مناسبة لتعريفهم بمشروعيتها وسرد القصص الدينية لنبيين عظيمين كإبراهيم وإسماعيل، كما نغرس بداخلهم منذ الصغر التمسك بتلك السنة؟

هكذا كنا نحتفل.. "لمة العائلة" أحد المظاهر الأساسية والعادات المقدسة خلال أيام العيد إلى أن متغيرات العصر اغتالتها، فالأبناء يقضون معظم أوقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعى والعالم الافتراضى أو الأصدقاء أو على المقاهى، لذا أدعو الأمهات إلى الحفاظ على روح الأسرة واستعادة "لمتها" ودفئها من جديد ولنجعل من العيد مناسبة للتقارب بين أفراد الأسرة، ومعايدة الأهل والأقارب ونخلى الخلافات ونعلى قيم المودة والإخاء والوصال والتراحم.

هكذا كنا نحتفل.. ولأننا في زمن مختلف جدت علينا فيه الكثير من المستجدات وفى مقدمتها جائحة "كورونا" والتي تحتم علينا أن نعيد النظر في طريقة احتفالنا بالعيد، فمن المؤسف أن الواقع يخبرنا أننا نواجه خطرا حقيقيا لا يستهان به، ولا يستثني أحدا، فالجميع معرض للإصابة به ومواجهته، ولا توجد ضمانات تؤكد لأي شخص كبيرا كان أو صغيرا، مريضا أو صحيحا بأنه سيتمكن من التغلب على الإصابة أو تجاوزها والتعافي منها إلا بلطف الله ورحمته، ومن ثم فإننا يجب أن لا نتجاهل وجود هذا الخطر وأن لا نتعامل معه باستهتار ولا استهانة لأن الثمن ببساطة ندفعه من صحتنا أو صحة من نحبهم، ولا يوجد في الدنيا ثمن أفدح من ذلك ولا أغلى منه، وبرغم انتهاء الحظر والعودة إلى الحياة الطبيعية والتعايش مع أزمة كورونا إلا أنه يجب أن نتذكر دائما أن خطر كورونا مازال قائما، فلنحتفل بعيد الأضحى المبارك بوعي وبحرص على سلامتنا ومن نحبهم، وأن نتجنب الأماكن المزدحمة، وأن نحتمل قليلا البعد لنأمن طول البعد، وأن نكثر من الدعاء والتوسل إلى الله عز وجل أن يجنبا شر البلاء وأن يجعل أعيادنا المقبلة أكثر سعادة ورحابة وأجمل من سابقيها.

 

المصدر: بقلم: د. حنان سليمان
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 829 مشاهدة
نشرت فى 7 يوليو 2022 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,909,190

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز