حواء: أسماء صقر
تعد المرحلة الجامعية من المراحل المهمة في حياة طلابنا، واختيار الكلية من الأمور التي تتطلب البحث عن التخصص المناسب لرغبات الطالب ومهاراته الفكرية واحتياجات سوق العمل وذلك لتحقيق النجاح على المستوى العملي والمجتمعي، ولأن اختيار الكلية المناسبة لطلابنا أمر شديد الأهمية فعلى الأسرة توجيه أبنائها دون ضغط لتحديد مستقبلهم الدراسي وترك حرية الاختيار لهم ومناقشتهم لمعرفة ميولهم الدراسية.
مجموعة من النصائح التربوية لمساعدة طلابنا على اختيار الكلية المناسبة يقدمها الخبراء خلال هذه السطور..
في البداية تقول فتحية عثمان، موظفة: عندما اختار ابني الكلية التي يرغب في دراستها وهي كلية العلوم تركت له حرية الاختيار رغم المجموع العالي الذي حصل عليه وكان يستطيع أن يلتحق بكلية طب أسنان لكنني طلبت منه أن يدرس التخصص الذي يحب دراسته كي يبدع فيه ويحقق هدفه بأن يصبح أستاذا جامعيا.
ويقول محمود سليمان: كان حلم حياتي أن أرى ابنتي مهندسة مثل ابنة أخي لكنها كانت رافضة لرغبتي وتريد أن تدرس التجارة وتصبح محاسبة، وبعد ضغط مني عليها لتحقيق رغبتي في التحاقها بكلية الهندسة تعثرت في الدراسة فى عامها الأول ما دفعها للتحويل إلى كلية التجارة والتى تفوقت فيها وحصلت على تقديرات مرتفعة.
وتقول نورا مصطفي، ربة منزل: لم أتدخل في اختيار ابني للكلية لكنني طلبت منه الحديث والتواصل مع ذوي الخبرة من الأساتذة والمتخصصين على مواقع الكليات الإليكترونية ومعرفته بالتخصصات وما يطلبه سوق العمل ورغبته كانت دراسة التخصصات الحديثة لذا قرر الدراسة بكلية الذكاء الاصطناعي.
حرية الاختيار
يعلق د. محمود أبو النور أستاذ التربية المقارنة والإدارة التربوية ووكيل كلية التربية النوعية للدراسات العليا والبحوث بجامعة القاهرة قائلا: يجب ترك حرية الاختيار للأبناء وعدم الضغط عليهم للالتحاق بإحدى كليات القمة كالطب والهندسة والصيدلة وغيرها، ويجب اختيار الكلية التي تناسب رغبات الطالب وميوله كي ينجح فيها، وبالتالي يستطيع العمل في المجال الذي اختاره بإرادته لينجح ويبدع فيه، وتتحدد القدرات الدراسية والاستيعابية للطلاب منذ مرحلة الحضانة والتعليم الأساسي، وفي دول العالم ليس هناك كليات قمة، بل يتم تحديد الكلية على أساس رغبات الطالب وما يسمى بملف الإنجاز الذي يحدد مستواه وميوله سواء كانت أدبية أو علمية.
وينصح د. محمود الطلاب بضرورة ترتيب الأولويات من خلال عمل قائمة تضم الإيجابيات والسلبيات لكل كلية قام باختيارها ويحدد التخصص الذي يترتب عليه الالتحاق لسوق العمل.
الفروق الفردية
يقول د. أحمد عبدالرحمن خبير التنمية البشرية واستشاري الإدارة والتسويق والموارد البشرية والعلاقات الأسرية: يمر طالب الثانوية العامة بالعديد من الصعوبات أولها الاعتمادية على الوالدين وعدم الاستقلال الاقتصادي فيكون بداخله صراع وضغوط مجتمعية لتحقيق ذاته مع عدم استيعاب الوالدين لهذا الصراع الذي يؤثر على تفكير وقرارات الطالب ومنها اختياره للكلية التي تناسبه، لذا على الوالدين تقديم الدعم المعنوي والمادي للطالب ومساعدته على اتخاذ القرارات المصيرية، ومنها تحديد التخصص الدراسي بما يتناسب مع ميوله ورغباته وعليه مراعاة معرفة قدراته العقلية والنفسية التي تتيح له فرصة تعليم أفضل، وكيفية التغلب على ما يعترضه من معوقات تحول دون تحقيق أمانيه وتطلعاته ومعرفة ميوله ويقف مع ذاته جيدا ليعرف ماذا يحب أن يفعل لأن الإنسان عندما يدرس ما يحب يستمتع ويبذل قصارى جهده حتى يصل للأفضل، ثم بعد ذلك عليه جمع معلومات أكثر لنوع الدراسة أو الكلية التي يريد الالتحاق بها لمعرفة المزايا والعيوب، ومعرفة احتياجات سوق العمل في ضوء قدراته العقلية والنفسية والبدنية، وكذلك مراعاة الجانب الاقتصادي للأسرة كي لا يكلفها ما لا تطيق ماديا وطلب المساعدة من المتخصصين لبلورة مصادر القوة في شخصيته وكيفية تطويرها عندما يصعب عليه فعل ذلك بنفسه، وتوجيه الإرشاد له وعدم مقارنته بغيره، فكل فرد له قدراته وميوله ومميزاته وعيوبه لأن سلوكياتنا من صنع أفكارنا وعلينا تقبل الاختلاف في الفروق الفردية.
الضغط الأسري على الأبناء
أما د. سامية قدري، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: يعد اختيار الطالب للكلية المناسبة له قرار مصيري يجعله يتردد بشدة فهو يرغب الالتحاق بالكلية التي تناسب ميوله ورغباته وقدراته الدراسية لكنه يواجه ضغط أسري في الالتحاق بكلية أخرى يراها أحد الأبوين أنها مناسبة له لتحقيق طموحات مادية أو معنوية، وفي ذات الوقت يرى الابن قدرته علي الدراسة والنجاح في الكلية التي اختارها، وهنا يحدث التصادم في وجهات النظر، لذلك يجب على الوالدين ممارسة الحرية مع الأبناء بعيدا عن التسلط ومناقشتهم والحوار معهم والاستماع لوجهات نظرهم وإعطائهم الاستقلالية وحرية التعبير عن آرائهم، وذلك لزيادة وتحفيز الثقة بالنفس داخل الأبناء ودعمهم نفسيا واجتماعيا من خلال اكتساب مهارات التعامل مع الآخرين والقدرة على اتخاذ القرار وتحقيق النجاح في كل النواحي الحياتية سواء في الدراسة ثم التخرج والالتحاق بسوق العمل وكذلك الحياة الأسرية وهذا ما أكدت عليه الدراسات والأبحاث الاجتماعية أن عملية اختيار الطالب للتخصص الجامعي الذي يريد الالتحاق به من العوامل التي تؤثر على شخصيته سواء على المستوى النفسي والاجتماعي أو الدراسي والتعليمي.
تطور سوق العمل
يشدد د. شحاتة زيان أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية على ضرورة ألا ينصب تركيز الطالب على تخصص واحد فقط بل يجب اتباع سياسة وجود خطة بديلة عندما يخفق في تحقيق رغبته ويبدأ في التفكير والبحث عن تخصص آخر يمكنه تحقيق النجاح فيه.
وتنصح الطالب بضرورة معرفة أقسام الكلية التي اختارها جيدا فهناك العديد من الأقسام والتخصصات التي تجعل الطالب قد يرغب في الدراسة في الكلية حسب رغبته أو يتجه لتخصص آخر وكذلك عليه أن يوازن بين المتطلبات التي تحتاجها الكلية وبين قدراته الفكرية والمهارات الشخصية ومدى توافقها مع متطلبات المناهج الدراسية.
وتقول: يبرز دور الإعلام في التوعية بأهمية الالتحاق بالتخصصات الحديثة والمطلوبة لتحقيق رؤية مصر 2030 وبناء مصرنا الجديدة، وينبغي أن تقوم وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي بدور فعال في عمليتي التوجيه والإرشاد الأكاديمي للطلاب للالتحاق بتلك التخصصات وتبني التخطيط للتعليم الذي يركز على احتياجات سوق العمل المتغيرة والمتجددة وفي ظل التطور الإليكتروني الذي نشهده الآن علينا توجيه طلاب الثانوية لتخصصات الذكاء الاصطناعي والنظم الخبيرة والتعدين ومجال النانوتكنولوجي والبيوتكنولوجي والهندسة الحيوية وغيرها وخاصة أن التوجه العالمي الآن نحو التخصصات التطبيقية والتكنولوجية.
ساحة النقاش