سماح موسى
يجتهد الطالب بالليل والنهار خلال المرحلة الثانوية للحصول على مجموع يؤهله للالتحاق بإحدى كليات القمة العلمية أو الأدبية، لكن ماذا لو تحطم هذا الحلم على صخرة المجموع وفات الطالب هذه الكليات، كيف يمكنه تحقيق النجاح والتميز فى غيرها من كليات؟
في البداية تقول جودي محمد، 36عاما: رغم تفوقي في الثانوية العامة وسعيي الدائم لألتحق بكلية الهندسة لكن النتيجة صدمتني، لم أستسلم ولكن قررت أن أرضى بالواقع والتحقت بكلية الآداب قسم الصحافة، ومعها تحول حلمي من مهندسة إلى حلم آخر لم يكن في الحسبان أن أكون صحفية مجتهدة، أحببت الصحافة أصبحت عشقي الذي لا يمكن التنازل عنه يوما ما، تأكدت أنني لو التحقت بكلية الهندسة لما نجحت مثل نجاحي هذا.
ويقول محمد عبدالله، 30عاما: بعد سهر وجهد طويل وإهدار للوقت والمال اعتقدت أن حصولي على مجموع 99% تحقيق لكل آمالي وأهدافي وكذا أحلام أهلي، لكن سرعان ما تحطم كل شيء فرسبت عامين متتاليين بالفرقة الأولي بكلية الطب فاضطررت أن أنتقل للدراسة بكلية العلوم وفيها تخرجت بامتياز وعينت معيدا بها.
أما ثريا إبراهيم، أم الطالبة أمنية محمد 29عاما فتقول: في البداية بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة صدمت بمجموع ابنتي الذي لا يقارن بذكائها وتفوقها الدراسي، لكنى ووالدها رضينا بالأمر الواقع وألحقناها بإحدى المعاهد وبعدها تخرجها أصبحت أخصائية اجتماعية ناجحة تعطى دورات تدريبية عبر السوشيال ميديا.
المفهوم الحقيقى للقمة
يقول د. محمد صالح الإمام، مستشار وزارة التعليم سابقا وعميد المعهد العالي للعلوم الإدارية: كليات القمة مصطلح اعتدنا على سماعه لسنوات عديدة ماضية، ارتبط بتوقيت إعلان نتيجة الثانوية العامة، وأصبحت الكلمة هاجسا يطارد الطلاب وأولياء الأمور حتى إعلان نتيجة تنسيق المرحلة الأولى من كل عام، لكن مع مرور الوقت بات هذا المصطلح مهمشا خاصة بعد أن نجحت الدولة في إتاحة تخصصات مختلفة من التعليم الجامعي تواكب متطلبات سوق العمل العالمى والتحول الرقمي سواء إقليميا أو دوليا، من خلال إنشاء الجامعات الأهلية والتكنولوجية وأفرع الجامعات الدولية التى تضم تخصصات جديدة.
ويتابع: تتحدد كليات القمة في الاختبارات التحصيلية بالحفظ والاسترجاع والقدرة على الإبداع، ونادرا ما يظهر فيها الفهم والتطبيق والاستنتاج والقدرة على الإبداع، ففي الحالة الأولى يكون الخريج نمطي روتيني يسمع ويطيع، ويركز على النتائج التقليدية، ويسعى إلى تحقيق أهداف معينة، لذا يجب أن يعي الجميع بأن درجة الامتحان ليست دلالة على التفوق، لأن التفوق والإبداع الحقيقيين أن نضع الطالب تحت مسئولية مجتمعية، إذ القمة تكمن في تكاملية الشخصية وليست انكفائية الشخصية حول محور الفوز وخطف درجات تحصيلية دون النظر لسد ثغرات البناء الكلي في صناعة الشخصية المستقلة التأملية لمزيد من الدافعية للإنجاز واكتساب مفاهيم الاجتماع الإبداعي في إطار الارتباط العميق بالوطن.
الفرصة لا تزال متاحة
يوجه د. محمد عبدالعزيز، أستاذ العلوم والتربية جامعة عين شمس الطلاب إلى ضرورة التأكد أن الثانوية العامة هي المدخل لحياتك المستقبلية حتى لو لم يحصلوا على المجموع الذي يحقق طموحاتهم، مشددا على ضرورة أن يتحرى الطالب الدقة في اختيار الكلية أو المعهد الذي سيلتحق به.
وينصح د. عبدالعزيز الطلاب الحاصلين على مجموع منخفض لا يتفق مع طموحاتهم بعدم التفكير فى إعادة العام الدراسى لتحسين المجموع فما زال أمامهم فرصة للالتحاق بالجامعات الخاصة أو الأهلية إذا كانت قدرات الأسرة المالية تسمح بذلك، وإلا فيجب اختيار التخصص القريب من طموحاتهم وقدراتهم الحقيقية، مع ضرورة اختيار كلية أو معهد يوفر لهم فرصة عمل بعد التخرج ويمكن التأكد من ذلك من خلال استشارة أهل الخبرة.
أما د. وائل إبراهيم الكميلي، خبير التنمية البشرية فيرى أن نتيجة الثانوية العامة مجرد خطوة في طريق الحياة الذى يعد فرصة عظيمة للتميز والنجاح الذين لا يتوقفان على كليات بعينها، لافتا إلى وجود نماذج ناجحة وملهمة في مجالاتها لم يتخرجوا فى كليات الطب والهندسة كقادة الرأي ورؤساء الدول وكذا رؤساء كبرى الشركات.
ويقول الكميلى: انظر حولك في مجتمعك الصغير ستجد الكثير من الناجحين، ثم وسع نطاق رؤيتك من خلال المجتمع الأكبر بل والعالم، حدد موقعك بين الناجحين، وليكن هدفك أن تنجح وتحقق ذاتك مهما كان موقعك، وفي ظل المعطيات المتاحة عليك أن تقرر ماذا تريد وتخطط كيف تصل إليه وتستعد له جيدا من خلال رفع قدراتك وتطوير مهاراتك وتأكد أن النجاح يبدأ بقرار ويتحقق بالعمل والاستمرار.
ساحة النقاش