حواء: أسماء صقر

يسهم تخطيط الأسرة لإنجاب طفلين والحفاظ على تنظيم الأسرة في الحد من الزيادة السكانية، وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي لها، وتخفيف العبء المادي على الوالدين، وتوفير القدرة على رعاية الأبناء تعليميا وصحيا ونفسيا، وتحقيق مستوى معيشة أفضل لهم، كما يجنب الزوجين المشكلات والخلافات الناتجة عادة عن زيادة عدد الأبناء وكثرة المسئوليات.  

"حواء" التقت خبراء علمي النفس والاجتماع لمعرفة أهمية تنظيم الأسرة في خلق حياة أسرية ناجحة..

في البداية تقول دعاء سامي، مدرسة: منذ بداية زواجي هناك اتفاق بيني وزوجي على إنجاب طفلين أو ثلاثة بحد أقصى لنستطيع توفير احتياجاتهم من رعاية واهتمام وإعطائهم الحب والحنان منذ الصغر، فكثرة الإنجاب تسبب زيادة في عدد السكان ما يزيد الضغط أيضا على الدولة في توفير الوظائف والمساكن والمدارس والمستشفيات وغيرها.

وتؤيدها في الرأي ريم ماجد ربة منزل قائلة: تزوجت منذ خمس سنوات وأنجبت طفلين فقط ولم أفكر في الإنجاب مرة أخرى وأقوم باستخدام وسائل تنظيم الأسرة والمتابعة المستمرة مع الأطباء للحفاظ على عدم حدوث حمل مرة أخرى وذلك برغبة زوجي، فطفلين يكفيان خاصة في ظل ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي نشهده.

ويقول وجيه حسن، موظف: منذ بداية زواجي كنت أتمنى أن يكون لدي ولد وبنت لكن رزقت ببنتين ورضيت بما قسمه الله، لكن والدتي ضغطت علي في التفكير في الإنجاب مرة أخرى حتى أنجب الولد وكذلك حماتي، لكن أراد الله أن تنجب زوجتي بنتين توأم ما يجعلني أشعر بالعبء وأعمل طوال اليوم كي أستطيع تدبير أمور المعيشة فضلا عن الخلافات التي بدأت بيني وزوجتي بسبب رعايتها الأبناء وانشغالها عنى طوال اليوم.

أما محمد ياسين، محاسب فيقول: قررت منذ بداية زواجي إنجاب طفلين وكان نتيجة هذا القرار أنني وجدت في حياتي الزوجية سعادة واستقرار، فزوجتي استطاعت القيام بدورها في تربية الأبناء بشكل سليم حيث تقوم بالحوار مع الأبناء وتوجههم تربويا وسلوكيا في التعامل مع الآخرين بعيدا عن التعامل معهم بغضب وعصبية، أيضا أوضاعي المالية أصبحت أفضل، وقمت بالاشتراك لأبنائي في  إحدى النوادي الرياضية لممارسة هواياتهم المفضلة.

وتقول هبه رجب، ربة منزل: أنجبت ولدين ولم أفكر في الإنجاب مرة أخرى كي أستطيع توفير مستوى مادي مناسب لهما فدخل الأسرة محدود وحتى أستطيع أن أعلمهما وأوفر احتياجاتهم الدراسية  وأتابع مستواهما الدراسي، كما أساعدهما على تعلم اللغات وتنمية مهاراتهم الذهنية، فقلة الإنجاب تساعدنا على توفير جزء من ميزانية الأسرة للترفيه الذي نحتاجه للحصول على الراحة النفسية وهذا ما نفعله كل عام من خلال القيام برحلة المصيف  للاستمتاع معا بالبحر وزيارة الأماكن الجديدة.

تحسين جودة حياة الأسر

يعلق د. سيد أبو زيد، أستاذ علم النفس بجامعة بنها على مردود قلة الإنجاب على استقرار الأسرة وسعادة أفرادها قائلا: تنظيم الأسرة يعزز الشعور بالسعادة من خلال تخفيف الأعباء المالية على الأسرة، وإتاحة الموارد اللازمة لرعاية الأبناء بشكل أفضل، وعدم الشعور بثقل المسئوليات ما يسهم في تحقيق حياة كريمة وتنمية مستدامة للفرد والمجتمع، وهذا ما توضحه الأبحاث والدراسات الاجتماعية والنفسية، والتى تؤكد أن تنظيم الأسرة يساهم في تحسين جودة حياة الأسر من خلال منح الأفراد القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الإنجاب وتوقيته، فعندما تتمكن الأسر من التخطيط  المناسب لإنجاب الأطفال وتأمين الموارد اللازمة له يمكنهم توفير بيئة صحية واجتماعية وتعليمية واقتصادية مناسبة لاستقرار الأسرة والأبناء، وهذا ينعكس بشكل إيجابي على سعادة الأسرة، كما أن تنظيم الأسرة وتحديد عدد الأطفال كإنجاب طفلين يسمح للوالدين بتكريس وقت وجهد أكبر لرعيتهم ويقلل من الضغوط الاقتصادية والنفسية على الأسرة، ويحد من الخلافات الأسرية.

ويدعو د. أبو زيد إلى ضرورة تغيير الاعتقاد الخاطئ لدى الكثير من الأسر بأن كثرة الأولاد عزوة وسند للآباء والأمهات ما ينتج عنه زيادة العبء على الأسرة والدولة، ومعاناة الأبناء الحرمان من التعليم والرعاية الأبوية، فضلا عن انخفاض المستوى المعيشي للأسرة، ومع الجهود التي تبذلها الدولة لبناء الجمهورية الجديدة يجب على الأسر التوجه لتنظيم الأسرة والاستفادة من المبادرات التي تطلقها الدولة لمواجهة الزيادة السكانية.

نشر الوعى

تؤكد د. منى كمال مدحت، أستاذ علم الاجتماع بكلية البنات جامعة عين شمس على أهمية تثقيف الفتاة والشاب قبل الزواج ليدركا أن سعادة الأسرة واستقرارها يبدأ من وجود التفاهم والتوافق بين الزوجين، والسعي للتخطيط معا لتحقيق النجاح والاستقرار الأسري، وأن قرار الإنجاب وتربية الأبناء مسئولية كبيرة تحتاج  للدراسة من الطرفين لتوفيق أوضاعهم  المالية، وتوفير بيئة اجتماعية ونفسية مناسبة للأبناء.

وتدعو د. منى إلى وضع قانون رادع يمنع الأسرة من كثرة الإنجاب لزيادة فرصة التنمية الاقتصادية للدولة بالتنسيق بين مؤسسات الدولة الدينية والاجتماعية والصحية، وعقد ندوات ومؤتمرات باستمرار للتوعية بمخاطر كثرة الإنجاب،  وأيضا نشر التوعية من خلال وسائل الإعلام والسوشيال ميديا بمخاطر الزيادة السكانية حتى تتغير نظرة المجتمع عن كثرة الإنجاب، كما يجب عدم ضغط أهل الزوجين على الأبناء بإنجاب أكثر من طفلين حتى  يستطيعا تعليم الأبناء  وتوفير حياة أسرية سعيدة لهم، فالزيادة السكانية عقبة في طريق تنمية الأسرة والدولة.