الهواء البارد يداعب اغصان الشجر التي تغسل أوراقها قطرات المطر لتبدو الطبيعة بأبهي صورها فأخيراً عاد الشتاء ليحمل أجمل السعادة لعشاقه الذين ينتظرون قدومه بكل الشوق والحنين.. فما هي قصة عشق الشتاء .

تبدأ القصة منذ قديم الزمان، فمنذ عهد الفراعنة من آلاف السنين، والناس واقعة فى غرام هذا الفصل من فصول السنة فقد أطلق الفراعنة على فصل الشتاء اسم فصل «برت» وهو فصل الشتاء والزراعة، وهنا يأتى وسط هذا الفصل بحرفة المصريين الأساسية فى ذلك الوقت وهى الزراعة، وكان هذا الفصل يبدأ يوم 21 أكتوبر، ويرى بعض الأثريين أن تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى فى معبد أبى سمبل يوم 22 أكتوبر يأتى احتفالاً ببداية فصل الشتاء وليس كما هو سائد أن هذا اليوم يوافق يوم تتويج الملك رمسيس مؤكدين نظريتهم بحب المصريين لفصل الشتاء والزراعة.

وقد توارث الاحفاد هذا الحب خاصة من يعمل منهم فى مجال الزراعة ويحدثنا عن ذلك محمد أحمد مزارع ويذكر أن الشتاء فصل مهم جداً فى الزراعة حيث يتم فيه زراعة أهم المنتجات الزراعية، والتى على رأسها القمح، والبرسيم وهناك من يزرعون الكتان، وتعد هذه المنتجات هى المحاصيل التقليدية، والمهمة جداً فى حياة الفلاح المصرى عبر العصور.

الانتخـابــات

«شتاء السياسيين ساخن جداً» بهذه الجملة يبدأ حديثه كريم عبدالعزيز أمين شباب المنيرة بالحزب الوطنى، ويقول: العمل السياسى الحقيقى يكون فى فصل الشتاء أما الصيف فرغم المجهود الزائد فهو ينحصر فى تنظيم رحلات أو دورات كرة وغيرها من الأنشطة الترفيهية حتى إذا بدأ فصل الشتاء بدأ معه العمل الحقيقى.

ويستطرد مؤكداً أن الشتاء هذا العام جدوله حافل جداً حيث سيتم اجراء الانتخابات خلاله لذا فهناك العديد من المؤتمرات والندوات التى سيتم تنظيمها بين المواطنين، والناخبين فضلاً عن اللقاءات التى سيتم عقدها مع الجماهير خاصة الشباب للتعرف على مشاكلهم ومحاولة البحث عن حلول لها مع المرشحين، وأخيراً فمجلس الشعب خلال دورته القادمة من المقرر أن يناقش العديد من القضايا التى تمس الشارع المصرى والتى سيتم متابعتها والتعرف على وجهة نظر المواطنين، وما يريدونه من القوانين الجديدة المطروحة مثل قانون التنمية الإدارية لذا فهذا الشتاء سيكون ساخنا جداً بلاشك.

الكـورنيــش

ولا يقتصر حب الشتاء على العمل فقط، فللترفيه جانب كبير فى ايامه ولياليه وتحدثنا عن ذلك سحر أحمد موظفة وتقول: أعشق الشتاء، فالجو البارد يعطى للإنسان الانتعاش، ويجعله يشعر بالهدوء على عكس جو الصيف الخانق الذى يجعل الفرد متوتراً دائماً، كما أن الأيام المشمسة فى الشتاء تعتبر دعوة جميلة للنزهة والترفيه خاصة إذا صادف ذلك يوم الاجازة هنا تكون الفرصة مواتيه للانطلاق فى أماكن الطبيعة الساحرة أو الذهاب لإحدى الحدائق للاستمتاع بالخضرة النضرة لكن يظل النيل هو أجمل الأماكن حيث يحلو المشى على الكورنيش، وما أجمل أن تهطل الأمطار وقتها ليمتلىء الكون كله بضحكات السعادة والمرح.

عهد الشيطان

وقد عبر الكتاب عن عشق الشتاء باشكال مختلفة فبعضهم جعله هو الحدث الرئيسى فى الكتابة كما فعل توفيق الحكيم فى قصة «عهد الشيطان» التى يقع الحدث فيها كما وصفه الحكيم «فى ليلة من ليالى الشتاء فى منتصف الليل حيث اجمعت جميع الاساطير أن فى ذلك الوقت يحدث دائماً أمر جلل» وقد شارك الحكيم العديد من الكتاب سواء الذين جعلوا الشتاء هو الحدث أو استخدموه للتعبير عن اجواء خاصة.. لكن يبقى الكاتب الانجليزى سايمون فان بوى هو أكثر الكتاب عشقاً للشتاء ليس لأن له قصة قصيرة تحمل عنوان: «الحب يبدأ فى الشتاء» فحسب، ولكن لأن قصته هذه فازت بأكبر جائزة فى القصة القصيرة على مستوى العالم كله، وهكذا وضعه عشقه للشتاء فى مصاف الكتاب العالميين..

وتعلق على عشق الشتاء الكاتبة «وفيه خيرى» وتقول: «اعتبر نفسى واحدة من الملايين من عشاق فصل الشتاء فهو بالنسبة لى شهر العمل، والابداع فأنا لا استطيع الكتابة فى فصل الصيف لذا فأظل انتظر الشتاء ليأتى حتى يأتى معه الابداع واستطيع أن أمارس عملى فى جوه الدافىء الجميل خاصة فى الأيام المشمسة أذهب إلى النادى فى الصباح واستمتع بجمال الطبيعة ودفئها لأجد الكلمات تتسابق على اسطر أوراقى، وإذا اشتدت برودة الجو هنا لا أغادر المنزل وابقى مع مشروبى الساخن ودفتر اوراقى وأنا حالياً اشتاق لقدوم هذا الضيف العزيز حتى تولد روايتى الجديدة «بسيمة ودلال» وكل ما اتمناه أن يبقى أطول فترة ممكنة ولا يرحل كعادته ســــــريعاً، فما أجمل ايامه التى وقع فى عشقها الجميع.