الفنان محمد حجى

ولوحات من ثورة مصر ورسوم من ليبيا

كتب :صلاح بيصار

محمد حجى رسام صحفى .. ليس مجرد رسام صحفى .. ليس مجرد رسام .. هو فنان تشكيلى .. مصور اختار مهنة الصحافة بعد تخرجه فى كلية الفنون الجيملة عام 1962 عن قصد ومع سبق الاصرار لإيمانه الشديد بأن تتحول اللوحة من خلال الوسيط الطباعى إلى آلاف اللوحات .. تطالع القارىء .. تدخل كل بيت ولا تكتفى بأصل واحد يحاط بهالة من القداسة .. فجاءت رسومه التعبيرية من البداية بروزاليوسف وصباح الخير وخلال كتب مرسومة بريشة تمتد فى أغنية وسلاح .. أغنية للحياة وسلاح فى مواجهة التسلط وديكتاتورية الحاكم وسيادة النظم الفاسدة وتغنى للعمل والأمل والحرية والديمقراطية 

شمال يمين

فى كتابه «شمال يمين» الذى صدر فى طبعته الثانية بعنوان «العار» يقول محمد حجى : بين عامى 1976و1977 انجزت هذا الكتاب وهو محاولة لأن يكون وثيقة تضاف إلى وثائق الفن الثورى ضد كافة أشكال الحكم القمعية من اليمين إلى اليسار ومابينهما من نظم وفى الحقيقة جاء الكتاب من وحى تلك الأنماط والأشكال الضارية التى تحكم فى شتى بقاع العالم .

وقد صدر الكتاب فى طبعته الأولى بتونس كما أعيد فى طبعته الثانية هنا بمصر فى عام 2010 مع بعض الاضافات بعنوان آخر فقد أطلقت عليه «العار» بدلا من «شمال يمين» .. تأكيدا على عمق مأساة النظم الديكتاتورية وما تفعله بالشعوب من إبادة وقهر للأبرياء .

رسوم من ليبيا

ولما كانت لوحات حجى فى «شمال يمين» أو العار باللون الأسود فقط.. فقد جاءت بمثابة وقفة تشكيلية.. احتشد بعدها ليقدم ملحمته التعبيرية فى لوحات كتابه «رسوم من ليبيا» والتى جاءت فى صورة قصيدة تشكيلية طويلة متعددة المستويات تضافر فيها عنصرا الشكل واللون .

وحول تلك التجربة يقول : لقد عشت سنوات عديدة بليبيا الشقيقة وتعرفت عن قرب على هذا الشعب العربى الذى انجب الثائر عمر المختار والذى ندعو له فى ثورته الحالية.. كما تنقلت من مكان إلى آخر خلال تلك المساحات المترامية هناك من المدن الى الريف ومن الصحراء الى التلال مع الكهوف بالإضافة الى حركة الإنسان فى الأسواق والموالد والمقاهى والحوانيت.. والبيوت وكل صور الحياة.. والكتاب يمثل ملحمة شعب عربى وقد طبع حتى الآن فى طبعتين .. الأولى بإيطاليا وطبع منه 25 ألف نسخة والطبعة الثانية فى اسبانيا وطبع منه 10 آلاف نسخة .

قلنا له : ماذا عن ثورة 25 يناير ؟

- بانفعال يضيف : بالنسبة لى تمثل حدثا من أهم وأجمل وأروع أحداث حياتى على المستوى الشخصى .. فقد عشت طول عمرى أحلم بها وأسخر ريشتى وأغلب رسومى لها .. إنها ثورة استهدفت تغيير الإنسان وكان الشباب سن الرمح فيها كما كانت ثورة لكل طبقات الشعب المصرى وأجياله وطوائفه كانت ثورة كرامة تمس صميم تركيبة الإنسان المصرى الذى ظل مخدوعا بكذب النظام السابق.. الثورة أعادت إليه رشده وهذا الرشد سوف يتمثل قريبا فى إعادة بناء المجتمع المصرى .

وماذا عن الثورة التونسية وقد عشت اكثر من عشر سنوات بتونس؟

- الثورة التونسية لاشك كان لها فضل الريادة فى مواجهة السلطات فى الألفية الثالثة فى الوطن العربى .. وبهذه المواجهة جعلت الانتفاضة بالنسبة لأى شعب امرا ممكنا .. وثورة الشعب المصرى لم تكن بأى حال من الأحوال نسخة من ثورة الشعب التونسى ولكنها استفادت كثيرا منها .

وماذا تهدى لشباب الثورة؟

- إذا كانت ثورة 25 يناير قد قامت عن طريق الميديا الحديثة من الوصلات الاجتماعية عبر الانترنت خلال «الفيس بوك» و«التويتر» .. فقد قررت أن ابث أعمالى الفنية لهم عبر الفيس بوك وكانت البداية بكتاب «شمال يمين».. وهو موجود حاليا .. وسوف تتوالى الأعمال من خلال هذا الوسيط الحديث الذى يمثل الأداة الأولى لتواصل الشباب .. هذا بالإضافة الى أننى قدمت ثلاث لوحات من وحى الثورة.

وإذا كانت الكاتبة سكينة فؤاد قد أثارت قضية السياسة الزراعية التدميرية فى النظام السابق والتى قضت على المحاصيل الاستراتيجية التى كانت تنتجها مصر والتى اشتهرت بها.

نجد الفنان محمد حجى بحكم نشأته بالريف المصرى ومع تردده على قريته «سندوب» .. كان يحزن من فرط التغيرات التى بدأت تنتاب القرية المصرية عموما وتآكل الأراضى الزراعية وانكماش زراعة المحاصيل التقليدية .. ومن هنا ابدع مجموعة من اللوحات بريشته البليغة حول الريف المصرى وحركة الحياة اليومية فى مواسم الحصاد من القمح والأرز وجمع البلح يهفو فيها الى عودة القرية منتجة من جديد .

وتمثل لوحاته حول ثورة مصر 25 يناير احدى ذرى أعماله.. فى لوحة «التطهير» .. صور الانسان المصرى متخلصا من ثيابه التقليدية فى رداء ابيض رافعا العلم المصرى وكأنه يتخلص مما كانت تعيشه مصر من تسلط وديكتاتورية وفساد .. كما جسد عروسان من ثوار شباب مصر والعلم المصرى يتدلى من غصن شجرة خضراء وارفة .. حيث كان الفرح بالثورة والزواج فى وقت واحد بميدان التحرير.

تحية الى محمد حجى الفنان والإنسان بعمق ما أبدع من أعمال فى حب مصر