أسرار الرجال

أرفضـك.. طلـقـنـى

كتب :أدهم نور

 إنها لحظة مركزة جداً قد لا يلتفت كثيرون لها لحظة الطلاق، وأنا هنا لا أقول، ولا أتكلم عن مشكلة الطلاق نفسها لكنني أتناول لحظة مكثفة، وهي اللحظة التي تتفوه فيها المرأة بطلب الطلاق، عندما تواجه الرجل بكلمة "طلقني"، كثيرات لا يعرفن ما يندلع في نفس الرجل عند النطق بهذه الكلمة >>

الرجل منذ نعومة أظفاره يدرك وضعه المتميز، ويتعامل على أنه الجنس الأقوى بل و بصراحة ، الجنس الأفضل.. دعونا نعترف.. لذلك فهو لا يتصور أبدا أن ترفضه امرأة.

قد يسمح الرجل لامرأة أحبها، أو رغب فيها أن تبتعد عنه، وتذيقه الصد والهجران، لكنه لا يسمح بذلك لامرأة تزوجها.المرأة عندما تتفوه بكلمة طلقنى الكلمة لا تدرك ما يحدث بداخل الرجل، وأنا هنا أتكلم عن الرجل السوي فقط.

المرأة في هذه الحالة تتصور شيئاً من اثنين، لا ثالث لهما..إما أن يطلقها فعلاً ليريح ويستريح، وإما أن يحاول ترضيتها وإزالة العوائق التي تضايقها، تتصور بذلك أنها تتعامل مع كيان مثالي، وتتناسى أنها تعامل إنساناً يحمل مثلها مشاعر، وكرامة كما تحمل هي.

كلمة طلقني تذبح كرامة الرجل خاصة عندما تتفوه بها المرأة لأول مرة، تريق كبرياءه، فعندما تطلب المرأة الطلاق، يفسرها هو بأنها رسالة تقول فيها :"أنا لا أريدك لأنك لا تناسبني، أنا أرفضك، وأرفض كل ما تفعله من أجلي، أنا ألقي بك من حياتي غير آسفة عليك".

كل هذه المعاني تزدحم بسرعة في ذهن الرجل عندما يسمع كلمتها، ويختلف رد الفعل من رجل لرجل، فكل الرجال تجرحهم هذه الكلمة، لكن طريقة التصرف مع الجرح تختلف، فهناك رجل مندفع يعلي كرامته على مسئوليته لذلك سيسارع بإجابة طلبها ويطلقها فعلا في لحظة عناد جنونية لا سيما أن ما حدث إنما جاء في أعقاب شجار أثر على العقل، والتعقل .

وهو يفعل ذلك انتقاما لكبريائه، وهناك رجل يأخذ الخنجر، ويظل يلعق جرحه بلسان عقله، وحكمته، يؤرقه التفكير، ولا يمكنه إجابتها لطلبها بهذه السهولة لأن إجابتها معناها خراب البيت، وهو بيته وبيتها، وتشريد أطفالهما في حالة وجودهم، وعدم إجابتها معناها أن يتحمل على كرامته أن يحيا مع إنسانة أعلنتها صريحة أنه لا يرضيها ومن الأفضل لها أن تعيش بعيداً عنه، ويميل هذا النوع من الرجال إلى تغليب مصلحة الجماعة على مصلحته الشخصية.

فيضمد كرامته الجريحة، ويستأنف حياته معها، ولكن يبقى في نفسه جرح منها. وهناك رجل وهو النوع الثالث تثيره الكلمة، وتستفز رجولته، وتلهب كبرياءه فيعلنها صريحة "أنا الرجل، وأنا وحدي من أقرر متى تنتهي حياتي معك".

لكن هذ النوع من الرجال ينقسم بدوره إلى صنفين:الأول تئن كرامته، لكنه يستمر مبقيا على بيته الذي ألفه، وحياته التي تعودها مع أسرته لذلك لا يتصور أن يطلق هذه المرأة أبدا، لكن لأن كبرياءه قد تم جرحه فهو يبقى على زوجته، لكنه لا يعترف بحاجته إليها فيحوّر رفضه، ويعطيه شكلاً يناسب كرامته لكنه يبقى في كل الأحوال، وقد حمل شرخاً نفسياً من هذه المرأة، ولم يعد مطمئناً لها، وقد يظل يثبت لها دائما من خلال تعاملاته معها أنها لن تكون أبداً صاحبة القرار، وأنها تحتاج إليه.

الصنف الثاني يرفض طلبها لا انتقاما لكرامته، ولكن انتقاماً من تمردها حتى وإن كانت على حق لأنها فكرت، ولو للحظة أنها لا تحتاجه.

الرجل مهما اندمج في حياته مع زوجته بعد ذلك، لا ينسى أبداً أول مرة طلبت فيها الطلاق، والنساء لا يدركن أن الرجل عندما ترميه بهذه الكلمة إنما يحدث بداخله ما يشبه الزلزال .

هو لا يفكر فقط في كرامته، وأسرته وحياته التي يصعب عليه الانفصال عنها، لكنه أيضا يفكر في جبروت هذه المرأة التي لا يريد أن ينفصل عنها رغم ما يحدث واستطاعت هي أن تطلب ذلك.

المصدر: مجلة حواء -أدهم نور
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1299 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,813,561

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز