مرت ذكرى رحيل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، من دون أن يتذكره أحد  إلا فيما ندر ففى مثل هذا اليوم من عام 1991 رحل «الأستاذ » عن عمر.... هنا اختلف المؤرخون، هل ولد عام 1901 فيكون رحيله عن عمر تسعين عاما، أم كما يقول عبد الوهاب أنه من مواليد عام 1910 فيكون الرحيل عند عامه الـ 81 ؟ وهذا يصعب تصديقه! ليس هذا ما يشغلنا، ولكن يهمنا أن نؤكد على عشق عبد الوهاب لفنه أكثر مما أحب أى شيء آخر بما فيهم النساء اللاتى أحبهن كمصدر للإلهام وليس لأى سبب آخر، يقول الأستاذ فى مذكراته المرئية: «لحظة الإبداع عندي، هى التى أشعر فيها بأننى أحب، وأننى عاشق ولهان، ولا أستطيع أن أفارق حبيبتي، ولو لحظة واحدة، هذا الإحساس يأتينى عندما يفاجئنى خاطر لحنى أشعر بقيمته »، هكذا كان يحب الأستاذ فنه.. بدأ الموسيقار مشواره الفنى فى سن الخامسة عشر، وفى سن الـ 18 ، درس العود فى معهد الموسيقى العربية، بما يفيد أنه كان جادا إلى أبعد الحدود، وعمل فى السينما وهو فى سن ال 32 ، وما لم يتوقف أمامه الدارسين بشكل جاد ومتعمق تبنى أمير الشعراء أحمد شوقى له، فقد عمل على تثقيفه ومنحه الكثير من قصائده ليغنيها فكانت فتحا مبينا لعبد الوهاب، مثل «مضناك جفاه مرقده، ودمشق، والنيل نجاشي ،» وكانت بداية معرفتهما أثناء حفل بأحد الكازينوهات، وأعجب شوقى بصوت عبدالوهاب، واكتشف فيه موهبة تحتاج للرعاية والتثقيف، فتبناه حينها وقضى عبدالوهاب مع أمير الشعراء كوالد ومعلم لمدة 7 سنوات، تعلم خلالها النطق الصحيح للغة العربية وبحورها العميقة، حتى فنون «الإتيكيت » وأجواء الصالونات، كما أحضر له شوقى مدرسا لتعليمه اللغة الفرنسية، وكانت وقتها هى لسان الطبقة الراقية؛ وبذلك تعلم منه كل شيء يجعل منه رجلا راقيا، حتى ملابسه كان يساعده أمير الشعراء فى اختيار المناسب منها، وللحقيقة والتاريخ فإن زوجة عبد الوهاب الأولى قامت بنفس الدور فى حياته، وكلاهما كان له دور فى تكوين شخصية عبد الوهاب الفنية والشخصية.. فمن يفعل هذا الدور الآن مع نجوم الغناء وبعضهم يعانى من جهل مفرط؟!