رغم أن الطلاق غير مستحب ويبقى أبغض الحلال إلا أنه فىتزايد مستمر يوم تلو الآخر، حيث شهد العام الماضى ارتفاعا ملحوظا فى معدلاته، كما شهد الشهر الأخير من عام 2017 ارتفاعا قدره %29 مقارنة بديسمبر 2016، ما يطرح تساؤلات عدة حول أسباب تلك الزيادة المفزعة التى تهدد استقرار الأسر والمجتمع..
قصص الطلاق كثيرة وأسبابها متعددة، نستمع إلى أبطالها، ونسأل المختصين عن سبل مواجهتها ووسائل الحد من تفاقم المشكلة ؟
فى البداية تحكى لمياء أحمد سبب انفصالها عن زوجها وتقول: طلقت فى السنة الأولى من زواجى بعد أن صدمت بواقع أليم فوعود زوجى التى كان يتغنى بها أثناء فترة الخطوبة والصورة الذهنية التي رسمتها عن الزواج كانت وهما، فما الزواج إلا طلبات، وغياب عن المنزل طوال اليوم، ولا وقت لدى زوجى للاستماع لمشكلاتى، لم اتحمل الوضع فطلبت الطلاق.
وتقول شيماء عبدالله: استمر زواجى 10 سنوات كانت بمثابة أسوء سنوات عمرى، ضرب وإهانة واعتداء، حاولت خلال تلك الفترة التحمل أملا فى التغيير لكن الوضع أصبح يسوء أكثر فأكثر، وفى النهاية تعدى زوجى على بالضرب أمام أولادى وطردنى خارج المنزل فى منتصف الليل، لأحصل على لقب مطلقة الذى تحملت الكثير فى سبيل الهرب منه.
أما حسناء محمد فكان سبب انفصالها عن زوجها عجزه عن قيامه بواجباته الزوجية ورغم تلقيه العديد من العقاقير إلا أنها لم تجدى نفعا ما دفعها لطلب الطلاق، حالها فى ذلك حال أمل حسن وريم يوسف وزينب محمود، لكن الأخيرة لم ينتهى طلاقها بالهدوء الذى انتهت به زيجات غيرها بل كتبت كلمة النهاية فى قسم الشرطة، فزوجها السابق بمجرد أن طلبت منه الطلاق انهال عليها بالضرب صارخا "أنت عايزة تفضحيني"، فأصيبت بعدة جروح فى جسدها وارتجاج فى الرأس وتم الطلاق بحضور رجال الشرطة مقابل التنازل عن المحضر.
أسباب ذكورية
أبطال قصص الطلاق ليسوا نساء فقط بل هناك رجال خاضوا التجربة وعانوا منها ولهم أسبابهم فى إنهاء علاقاتهم الأسرية، منهم أمجد فؤاد الذى عانى كثيرا من إهمال زوجته له وأبنائه ونفسها رغم اهتمامها بمظهرها خارج المنزل، ورغم نصحه لها وتدخل الكثيرات من العائلتين إلا أن تلك المحاولات لم تجد نفعا ما جعله يتخذ قرار الانفصال.
اما حمدى محمود فيقول: حياتنا كانت منقولة بث مباشر، أسرار بيتى مشاع لأمها وصديقاتها والجيران وربما البواب وزوجته، أصغر تفصيلة بيننا ممكن أن أجد والدها يناقشنى فيها، حاولت عشرات المرات إرجاعها عن تلك العادة إلا أن الحوار بيننا كانت ينتهى دائما بقولها " انا ست صريحة وأنت راجل بتحب الغموض واحنا معندناش حاجة تستخبة ودول أهلى" وفى آخر نقاش بيننا قلت لها بعد أن كررت تلك الكلمات "خلاص خليك عند أهلك.. وأنت طالق".
اختلاف الطباع
رغم أن الطلاق وسيلة شرعية لإنهاء علاقة زوجية غير ناجحة إلا أن ارتفاع معدلاته ينذر بخلل أصاب المجتمع ما يحتاج للاطلاع على آرأء المختصين لإصلاحه، وعنه يقول د. مصطفى حسين، استشارى الطب النفسى: يعود ارتفاع نسب الطلاق لأسباب عديدة أهمها اختلاف التكوين النفسى للرجل والمرأة والطباع بين الزوجين، ورفض أى طرف التنازل لحساب الطرف الأخر، فاختلاف البشر طبيعة كونية، فالطباع والعادات تختلف من شخص لآخر، ويمكن النظر للزواج أنه جمع شخصين غريبين عن بعضهما فمن الطبيعى أن تظهر الاختلافات والمشكلات، لذا على الطرفين الاتفاق أنه لا يوجد شخص بلا عيوب، وأن كل إنسان يطمح فى أن يكون الأفضل، لذلك يجب فى حالة الاختلاف أن يصلا لنقطة لقاء قائمة على حلول ترضيهما عن طريق تنازل كل طرف بنفس مقدار تنازل الآخر.
وينهي د. حسين حديثه قائلا: لا شك أن لضغوط الحياة دورا فى الطلاق نتيجة لأمراض وإحباطات نفسية يصاب بها الشخص خارج المنزل فتؤثر على أعصابه وطريقته فى التعامل مع شريك حياته، بمعنى أن هناك حالات زواج تفشل لأسباب لا علاقة لها بالزواج، وإذا أدركنا ذلك ولجأنا لمختص يساعدنا في حلها بكل سهولة لانتهت مشكلاتنا، لكن للأسف الشديد ما كنا نتجاهله نضطر للجوء إليه بعد الطلاق الذى يعتبر واحد من 4 ضغوط نفسية تقع على الإنسان التى يمكن أن تصيبه بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب.
مقومات النجاح
يقول هانى حسن، استشارى تعديل السلوك والإرشاد الأسرى: لنجاح أى علاقة زوجية أساسين أولهما قبل الزواج والآخر بعده، أما الأول فالاختيار الصحيح القائم على المصداقية وعدم التطلع إلى تغيير طباع شريكه بعد الزواج دون رغبة منه، وإعداد قائمة بمواصفات الشريك بدلا من قائمة المنقولات التى تحرص عليها معظم الأسر تتضمن المميزات التى لا يمكن الاستغناء عنها، والتى يمكن الاستغناء عنها، والعيوب التى يمكن التعامل معها والتى لا يمكن التعايش معها، فإذا وجد أحد الطرفين أن شريكه المستقبلى يفتقد مميزات لا يمكن الاستغناء عنها أو به عيوب لا يمكن التعامل معها فننصح بعدم إتمام الزواج، اما ما بعد الزواج فيجب على الطرفين إعداد قائمة بعيوب شريكه حال حدوث مشكلة ويطلب كل منهما من الآخر تجنبها، وقتها يمكن تجاوز المشكلة، أما أن نتجاهل المشكلات فلا شك أن الطلاق هو النهاية المؤكدة.
توعية الشباب
أما د. رشا عبد السميع، أستاذ علم الاجتماع فتدعو إلى نشر التوعية بين الشباب المقبلين على الزواج بالمسئوليات التى يتحملها كلا الزوجين وواجبات وحقوق كل منهما على الآخر، وتقول: لقد تغيرت التركيبة المجتمعية فى مصر والعالم كله، ولم تعد خبرات من سبقونا مثل الأم والأب كافية لعبور تجربتنا الخاصة بنجاح، بل يجب حدوث حوار مجتمعى يشارك فيه الخبراء لرسم شكل الأسرة باعتبارها المكون الرئيسى للمجتمع، لافتة إلى أن النسبة الأكبر من حالات الطلاق التى رصدت تكون بسبب الضعف الجنسى والأمراض الوراثية لدى أحد الطرفين، ورغم أن الدولة حددت إجراء استباقى تمثل فى فحوصات الزواج إلا أن معظم الناس تتلاعب به والنتيجة أننا أصبحنا الدولة الأولى فى حالات الطلاق، لذلك أنصح كل الشباب المقبل على الزواج أن يحرص على إجراء الفحوصات دون تلاعب فتجنب المشكلة أسهل بكثير من حلها.
***
عالميا .. أعلى 10 دول فى نسب الطلاق
تختلف دول العالم فى معدلات الطلاق ، وفى هذه القائمة نسرد أكثر عشر دول فى العالم فى نسب الطلاق، حيث نجد أن هذه النسب تتغير حسب اختلاف كل مجتمع عن الآخر فى عاداته وتقاليده وقوانينه:
المركز العاشر: الولايات المتحدة الأمريكية: تأتى الولايات المتحدة الأمريكية فى الترتيب العاشر فى هذه القائمة بنسبة تصل إلى 53 % من إجمالى حالات الزواج المسجلة لديهم.
المركز التاسع: تأتى فرنسا فى المرتبة التاسعة عالميا، حيث وصلت نسبة معدلات الطاق فيها إلى 55 % من إجمالى حالات الزواج المسجلة لديهم.
المركز الثامن: كوبا التى احتلت المرتبة الثامنة حيث وصلت نسبة معدلات الطاق فيها إلى 56 % من إجمالى حالات الزواج.
المركز السابع: إستونيا، جاءت فى المرتبة السابعة التى وصلت نسبة معدلات الطاق فيها إلى 58 % من إجمالى حالات الزواج.
المركز السادس: لوكسمبورج، التى جاءت فى المرتبة السادسة حيث وصلت نسبة معدلات الطلاق فيها إلى 60 % من إجمالى حالات الزواج لديهم.
المركز الخامس: إسبانيا، التى احتلت المرتبة الخامسة لتصل نسبة معدلات الطاق فيها إلى %61 من إجمالى حالات الزواج.
المركز الرابع: فقد جاءت جمهورية التشيك فى قائمتنا فى المرتبة الرابعة حيث وصلت نسبة معدلات الطاق فيها إلى 66 % من إجمالى حالات الزواج.
المركز الثالث: المجر والتى جاءت فى المرتبة الثالثة بنسبة معدلات طلاق بلغت نحو 67 % من إجمالى حالات الزواج.
المركز الثاني: البرتغال، فى المركز الثانى التى وصلت فيها نسبة معدلات الطلاق إلى 68 % من إجمالى حالات الزواج.
المركز الأول: أما المرتبة الأولى عالميا فكانت من نصيب دولة بلجيكا التى وصلت فيها نسبة معدلات الطلاق إلى 71 % من إجمالى حالات الزواج وهى أعلى نسبة للطاق بين دول العالم.
ساحة النقاش