غرباء تحت سقف واحد، هذه هى حياتى باختصار، فقد اتسعت الفجوة بينى وزوجى حتى انفصلنا فى صمت دون طلاق، سقف واحد وأبناء وشكل اجتماعى وتضحية من أجل أبنائى كما كنت أظن، ثم حيرة تنهش قلبى هل هذا هو أفضل حل؟ لكن لعثمة ابنى وتبوله الاإرادى وسلوكياته الخاطئة جعلتنى أعيد النظر فى حياتي، فهل من متخصصيين يعينوننى على اتخاذ القرار الصحيح؟ فيما يتعلق بوضعى كمطلقة تحت سقف واحد مع زوج؟
حالة من حالات عدديدة لانفصال عاطفي يحدث في كثير من البيوت، وجدران تأوي علاقات زوجية انتهت صلاحيتها، منها ريهام بعدالحكيم، ربة منزل التى تحكى تجربة اختها فتقول: بعد زواج دام أكثر من عشر سنوات قررت شقيقتى وزوجها البقاء تحت سقف واحد دون أي مشاعر فقط من أجل الأولاد بسبب الخلافات المستمرة بينهما، وبعد عدة سنوات ومع استمرار المشكلات تدهورت صحة شقيقتى وأصيبت بالضغط والسكر وقررت الانفصال نهائيا رغم رفض زوجها حفاظا على نفسية الأبناء.
وتقول شيماء صابر، ربة منزل: اشترط علي زوجى فى بداية خطبتنا أن أترك عملي بعد الزواج ، وبعد إنجابي لطفلتين كثرت المشكلات بيننا بسبب المادة فلم يعد باستطاعتى الاستقلال ماديا أو توفير كافة متطلبات بل أصبحت ملزمة أن أراعى ظروفه المادية، فرضيت بالأمر الواقع وعشت معه تحت سقف واحد لكن بل عاطفة زوجان على الورق لكننا منفصلان في الحقيقة.
"أخاف من لقب مطلقة" كان هذا دافع داليا رفاعى، ربة منزل لحفاظها على حياتها الزوجية وتقول: بعد خمس سنوات من الزواج عانيت فيها مرارة العيش بسبب الخلافات المستمرة إلا أننى فضلت العيش بالمنزل مع زوجى هروبا من لقب مطلقة وخوفا من العيش وحيدة، وفضلت الحياة الخالية من أى مشاعر تحت سقف واحد مع زوجي على أن أطلق وابني يعيش مشتتا بيننا.
غياب الحوار
كانت هذه بعض الحالات التي اختارت الجفاء العاطفى حلا لمشكلاتها فما الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق الصامت أو الانفصال العاطفى داخل الأسرة؟ تقول د. هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس: هناك أسباب كثيرة وراء هذا الانفصال منها غياب الحوار بين الزوجين، وعدم تلبية التوقعات المنتظرة من الطرف الثانى بالإضافة إلى زيادة المشكلات والضغوط المادية التي تؤدي إلى التفكير في هذا النوع من الانفصال عوضا عن الطلاق ظنا من كلا الزوجين أن هذا الحل هو الأنسب في ظل وجود الأبناء، لكن للأسف لا تتوفر البيئة السوية في هذه الحالة لتربيتهم، لذلك أنصح بحل المشكلات بين الزوجين أو الانفصال الرسمى ليبدأ كل طرف حياة جديدة تجنبا للآثار السيئة عليهما والأبناء.
آثار نفسية
أما عن الآثار النفسية على الأبناء في حالة الانفصال العاطفي للزوجين فيقول د. علي عبدالراضي، استشاري العلاج النفسى والنمو: يعد الطلاق الصامت أو البخل العاطفي حياة غير سوية على الإطلاق وتؤثر بالسلب على الأبناء، فإذا اختار الزوجان هذه الحياة لأنها في نظرهما الأمن لأطفالهما فهما على خطأ كبير، لأنهما لن يتمكنا من إخفاء خلافاتهما عن أطفالهما طوال الوقت بل سيشعران الأبناء بكل المشكلات القائمة الأمر الذى قد يؤثر على نفسياتهم أو إصابتهم بأمراض تختلف حسب المرحلة العمرية, فالأطفال من سن عام إلى أربع سنوات قد يصابون باضطرابات الكلام من التلعثم، بينما يصاب الأطفال من 4 :10 سنوات بالتبول اللاإرادي نتيجة لشعورهم بأن حياتهم واستقرارهم مهدد، كما أن انفصال الوالدين قد يولد لدى الطفل شعورا بأنه منبوذ من أحد الأبوين وربما يتحول إلى مريض نفسي ويبتز الأبوين عاطفيا.
ويضيف د. عبدالراضي: أما الفتيات من 5 : 12 عاما فيرغبن فى عدم الارتباط لأنهن يعيشن نموذجا سيئا للحياة الزوجية، أما الفتيات فى مرحلة المراهقة فيعزفن عن الارتباط العاطفى بسبب حالة البخل العاطفى التى يعيش فيها الأبوان، لذا أنصح الزوجين فى هذه الحالة بالانفصال النهائى لأنه أفضل من الناحية النفسية والتربوية للأطفال، فإذا كان هم السبب الحقيقي لاستمرار الحياة بهذا الشكل فهو الاختيار الأسوء لأنه لا يخلق بيئة صحية نفسية لنشأة الأبناء.
فرصة ثانية
هل لا يزال هناك فرصة لاستعادة الحياة الطبيعية بين الزوجين بعد فترة من الانفصال العاطفى؟ تجيب عن ذلك د. إيمان عبدالله، اسشارى العلاقات الأسرية قائلة: إذا اتفق الطرفان على البقاء سويا حرصا على إنجاح حياتهما الزوجية فيجب عليهما عدم التحدث في المشكلات القديمة وتقبل كل منهما للآخر كما هو، مع أهمية وجود الحوار المتبادل وتمتع كل منهما بفن الاستماع ومشاركة الآخر فى كافة القرارات، بالإضافة إلى التركيز على الجوانب الإيجابية فى كل طرف، وتجنب السلبيات.
وتنصح د. إيمان الزوجة بأهمية التجديد لأن الملل والرتابة تقتل المشاعر، وتعد الإجازات والنزهات بعيدا عن ضغوطات العمل من أفضل الوسائل لتحقيق ذلك، بجانب محاولة تفهم الآخر والتعرف على احتياجاته، وقضاء وقت كاف مع الأسرة يتبادلون الذكريات ويتشاركون مشاهدة الأفلام الكوميدية فهذا يعرف علميا بـ "العلاج بالضحك".
***
بالأرقام .. الطلاق مشكلة عربية
وفقا للتقارير الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فنسب الطلاق فى شهر يونيو 2017 ارتفعت بشكل ملحوظ لتصل ل 15 % إذا ما تم مقارنتها بعام 2016 ، حيث سجلت حوالى 11500 حالة طلاق مقابل 10000 حالة بشهر يونيو 2016 ، لكن لم تقتصر الزيادة فى نسب الطلاق على مصر فحسب بل انتقلت إلى عدد من الدول..
احتلت الأردن المرتبة الأولى عربيا والأولى عالميا من حيث معدلات الطلاق، وكشفت جمعية معهد تضامن النساء الأردنى عن وجود زيادة مستمرة في حالات الطلاق بالأردن بلغت نحو 37.2 % خلال خمسة أعوام ممتدة بين العامين 2011 و2015.
بينما سجلت تونس الرابعة عالميا فى حالات الطلاق مقارنة بعدد السكان، أما فى سوريا وعلى الرغم من الحرب الطاحنة فقد سجلت أكبر معدل لحالات الطلاق فى الفترة التى عانت فيها الأسر الرعب والتدهور المعيشى وأزمة السكن وعدم الاستقرار.
- وفى لبنان ووفقا لإحصاءات لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا فقد ارتفع معدل الطلاق بها بين عامى 2000 و 2013 بنسبة 55 %.
ساحة النقاش