لاشك إن إنجاب طفل فرصة ذهبية لكل أم وأب لكى يستعيدا معه ذكريات الطفولة التى يفتقدها الكبار فى عالمهم المليء بالعمل والماديات والضغوط الحياتية المختلفة، فمشاركة الأبناء لحظات المتعة واللعب يمثل أهمية كبيرة لكل من الطرفين الأبناء من جهة والآباء من جهة ثانية، كما أنه فرصة طيبة لتكوين شخصيات سوية تشعر بالدفء والأمان الأسرى مما ينعكس على المجتمع كله، فكيف يمكنك تحقيق هذا مع ابنائك؟

تقول د. إيمان الريس استشارية تربوية وأسرية ومدربة مهارات ذاتية: يمضى الطفل أغلب وقته فى اللعب، واللعب هنا ليس وسيلة للتسلية فقط ولكنه نشاط فى غاية الأهمية فيما يتعقل بنمو الطفل وجعله متوازنا نفسياً وقادرا على تطوير مجتمعه والارتقاء به، لذلك يؤكد خبراء الطفولة على أهمية ما يعرف باسم التربية باللعب مع الأطفال ومراقبتهم أثناء لعبهم، حيث يساهم اللعب فى تربية الأطفال وصقل شخصياتهم من خلال ما يتعرضون له من مواقف وردود أفعال أثناء اللعب الجماعي، أو المنفرد، أو التخيلي، وبما أن العملية التربوية من العمليات البالغة الأهمية فى حياة الأطفال فلا يجوز إهمال أى ناحية من نواحيها. وتتابع: تزداد أهمية وفوائد اللعب حينما تقوم الأم بمشاركة أبنائها أوقات لعبهم فيمكنها فى هذا الوقت تعليمهم قيم تربوية من خلال توجيه الأطفال نحو الصواب وتوضيح الخطأ لهم وتصحيحه، واعتماد الأنشطة التربوية الهادفة من أجل غرس الأخلاق الحميدة فى شخصيات الأطفال، تقول د. إيمان الريس استشارية تربوية وأسرية ومدربة مهارات  ومنها الكرم، والشجاعة، والإخاص، والصدق، والأمانة، والصبر، ومن الناحية البدنية يعد اللعب من النشاطات الحركية المهمة فى حياة الأطفال، حيث يساعد على تقوية العظام والعضات والتخلص من الوزن الزائد، كما يحفز الجسم على النمو السريع وحرق الدهون والسكريات الزائدة فى الدم، وبالتالى الحفاظ على صحة الأطفال وحمايتهم من الإصابة بالكثير من الأمراض، كما يساعد اللعب فى تفريغ الطاقة الحركية الزائدة لديهم وتسخيرها فى شيء مفيد.

تنظيم الوقت

أما عن أهمية اللعب فى حياة الأمهات فتشير د. إيمان إلى أنه يساعد على استعادة شعورهن بفترة الطفولة وبراءتها مما ينعكس على الأداء العام فكثير من الأمهات يشعرن بمتعة حقيقية أثناء اللعب مع أبنائهن، لافتة إلى أن الأم الناجحة هى التى تعتمد سياسة تنظيم الوقت بحيث توفر بعض الوقت لمشاركة أبنائها اللعب كمكافأة لهم بعد إنهاء واجباتهم الدراسية، موضحة أن الأم يمكنها الاستمتاع مع أطفالها منذ ولادتهم فبمجرد رؤية طفلها الرضيع تنشأ لديها مشاعر جديدة من الرغبة فى الاحتواء تبدأ بضم طفلها لتعيش معه أحلى لحظات عمرها من خلال التلامس الجسدى وما ينشأ عنه من رابطة نفسية تشكل بدايات تعرف الطفل على عالمه المحيط من خلال لمسة الأم واحتضانها له، وبمرور الوقت تنشأ مهارات أخرى للطفل يتعرف من خلالها على العالم المحيط من حوله ويكون اللعب مع الأم والأب وسيلته الأمنة فى هذا العالم من خلال الألعاب التى تعتمد على الألوان والأصوات ثم ألعاب الحركة, فالأم هنا هى من ترشد الطفل وتشاركه الألعاب المناسبة لعمره, وبدءا من السابعة سيقوم الطفل باختيار ألعابه مطالبا الأم والأب مشاركته إياها.

تقول ورود ياسين أخصائية نفسية ومستشارة الإرشاد الأسرى:يساعد مشاركة الأم أبنائها نشاطاتهم المختلفة خاصة اللعب على التخلص من الشعور بالضغوط المادية والحياتية التى تواجهها,كما أن مشاركة الأطفال ألعابهم سواء المعتمدة على التلوين أو الحركة يساهم فى تجديد الطاقة الذهنية والنفسية والعضلية أيضا عند الأمهات، والأمر لا يتوقف على اللعب فقط بل إن تبادل الأحاديث مع الأبناء يساهم بشكل كبير فى توطيد مشاعر الصداقة بين الأم والأبناء من الجنسين وقتها تشعر الأم بأنها صديقة لأولادها وهو إحساس رائع يؤكد لها أنها تسير فى طريق التربية السليم بعيدا عن إعطاء الأوامر والتوجيهات المباشرة.

وتضيف: لا شك أن معايشة الأم ومشاركتها لفترات طفولة أبنائها يجعلها الأقرب لهم خلال مراحل نموهم المتعاقبة مما يجعل من اليسير عليها التدخل فى الوقت المناسب فهى هنا الأم والصديقة والتى تمثل جانبا كبيرا من ذكريات الطفولة فى حياة أبنائها، كما أن حسن الإنصات للأبناء والاستماع إلى أحلامهم الصغيرة ومحاولاتهم الأولى للتعبير عن أنفسهم يجعل الأم تكتشف نفسها أكثر من خلال انعكاس تربيتها وما تغرسه فى أطفالها على سلوكياتهم مما يجعلها تعدل دائما من نفسها للأفضل, فالأم العصبية يمكن من معايشتها لأطفالها أن تقوم بعمل علاج ذاتى لتلك العصبية من خلال الاستمتاع بلحظات من اللعب أو حكى القصص البسيطة لطفلتها ومن هنا تجد نفسها أقل عصبية وأكثر استمتاعا بالهدوء والراحة النفسية، مؤكدة أن مشاركة الطفل أوقاته ينشأ عنها طاقة نفسية وذهنية رائعة للأم والطفل حيث تتكون شخصية الطفل المتكاملة وطريقة تعامله السوية مع العالم المحيط, كما يساهم اللعب فى تنمية سلوك الطفل وإكسابه المهارات الاجتماعية, ويساعد أيضا الآباء والأمهات فى اكتشاف المشكلات النفسية التى يعانى منها الطفل كالخجل والإنطوائية وبالتالى علاجها بشكل سليم، مؤكدة أن مشاركة الآباء والأمهات للأنشطة الحياتية للطفل وخاصة اللعب يساهم فى إحساس الطفل بالأمان والدفء الأسرى ويدعم روح الصداقة والمشاركة بين جميع أفراد الأسرة.

مجالات المشاركة

عن أهم مجالات اللعب التى يمكن للأم مشاركة أبنائها فيها فتقول ورود ياسين: تأتى ألعاب التلوين والرسم فى مقدمة الألعاب التى يمكن للأم مشاركة أبنائها فيها,لذلك نجد كثيرا من الأطفال وبمجرد إتقانهم للمبادئ الأولى للرسم يبدأ فى رسم وجه باسم لأمه أو عابس تبعا لإحساسه بها, ثم يبدأ فى كتابة بعض الكلمات البسيطة فى ورقة يحاول أن يصنع منها كارتا للمعايدة يقدمها لأمه وفيها "أحب ماما",وهنا يتشارك الطفل والأم الإحساس بالسعادة, وكذلك ألعاب الفك والتركيب واللعب بالعرائس والشخصيات المحببة للأطفال والتى تمثل بداية إحساس الطفل بالنجاح فى عمل شيء يسعد به, ويجب على الأم هنا إعطاء الطفل التقدير المعنوى المناسب، ولا ننسى أهمية القيام باصطحاب الأطفال فى جولات سواء لتسوق مشتريات المنزلأو شراء احتياجاته, ومن المفيد أن تطلب الأم من أبنائها رأيهم فيما تقوم بشرائه سواء للمنزل أو لنفسها بما يساعد على تدعيم الثقة بالنفس خاصة فى المراحل العمرية الأكبر.

المصدر: كتبت: شيماء أبو النصر
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 897 مشاهدة
نشرت فى 22 نوفمبر 2018 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,807,602

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز