بعد تدفق المشاعر كنهر جار أثناء فترة الخطوبة التى عادة ما يتبادل فيها الحبيبان كلمات الحب، يسيطر على العلاقة الزوجية حالة من الفتور خاصة بعد انشغال كل منهما بواجباته الأسرية ومسئولياته تجاه الأطفال، فكيف يمكن إنعاش المشاعر بين الزوجين بعد حالة الثبات الطويلة، وكيف يمكن لكل منهما الحفاظ على العلاقة العاطفية بينهما لتجنب انهيارها؟
هذا ما حاولنا الإجابة عنه فى جولتنا التالية من خلال نصائح عدد من المختصين فى العلاقات الأسرية وعلماء الاجتماع..
البدايه مع د. داليا محفوظ، خبيرة العلاقات الأسرية وتقول: يساعد بناء الحب على أسس سليمة على تقوية العلاقات العاطفية واستمرارها ويحميها من الصدمات التى تواجها فى مراحلها المختلفة خاصة بعد الزواج, ومن هذه الأسس تقبل الآخر والتكيف معه، فلكل شخص طباعه وعاداته التى تربى عليها والتى تظهر عادة بعد الزواج، ومن الخطأ أن يعتقد الشخص فى قدرته على تغيير شريكه لأنه لا يوجد شخص يغير آخر بل يمكن أن يتغير لأجله، مع ضرورة البعد عن الانتقاد الدائم والتركيز على مساوئ الطرف الآخر انطلاقا من أنه لا يوجد شخص كامل، وعلى كل طرف أن يتخلص من أى عادة تزعج الطرف الآخر فالتضحية مطلوبه بين الطرفين وتؤدى إلى نجاح العلاقه، كما يجب على الزوجين أن يتمتعا بالصراحة حتى يشعر كلاهما بالأمان، فالكذب يؤدى إلى الشك وانعدام الثقة، بالإضافة إلى أن إظهار الحب والبوح عن المشاعر أمر مهم لهما لاستمرار الحياة.
الاختيار والروتين
تؤكد د. سوسن فايد، أستاذة علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية على أن الاختيار السليم المبنى على التكافؤ الفكرى والاجتماعى أساس علاقة حب قوية تستمر لسنوات، قائلة: الاتفاق على الحوار والمناقشة وسماع الآخر والتكافؤ يؤدى إلى استمرارية الحب مع الشريك، وغياب الحوار والعزلة يقل بل ينعدم معهما الشعور بالحب بجانب النسيان, فمع مرور الوقت ينسى الزوجان الاهتمام ببعضهما البعض بسبب الروتين اليومى واشغالهما مع زيادة المتطلبات والواجبات خاصة بعد إنجاب الأطفال وزيادة المسئوليات، علما بأن الزوجة يقع على عاتقها الدور الأكبر فى تجديد العلاقة العاطفية وزيادة حب زوجها لها من خلال الاهتمام به وأموره الخاصة ومظهرها.
تدخلات الأهل
تحذر نورا رشدى، وكيل معهد الخدمة الاجتماعية سابقا من التدخل فى العلاقة سواء من الأهل أو الأصدقاء، مؤكدة أن على الزوجين الدور الأكبر فى الحفاظ على الأسرار العائلية لتجنب المشكلات التى من شأنها تدمير علاقتهما, وتقول: أحيانا يتهم كل طرف الآخر بأنه يفضل ذويه على أهله لتدخل المقارنات بينهما، لذا على المرأة والرجل أن يعرفا أن كل شخص تحتل أسرته مكانة خاصة فى حياته لا يقبل إهانتها أو التقليل منها وعلى كل منهما معاملة ذوى الآخر بطريقة حسنة, فالزواج ليس معناه الارتباط بشخص وحده بل بأسرة لها طباعها وتقاليدها, كما أن على كل منهما التقرب لأسرة شريكه ومحاولة التأقلم معها لضمان استمرار الحب بعيدا عن المشكلات.
وتتابع: على كل من الزوجين تقسيم الأدوار والمسؤليات حتى يشعر الطرف الآخر بالتفاهم والتقدير ومعرفة كل طرف دوره والسعى لتنفيذه على قدر الإمكان، فالمودة والرحمة أساسا الزواج، وحتى تظل مشاعر الحب موجودة على الزوجة تقدير مجهود زوجها والاعتراف به من حين لآخر، وعلى الأخير عدم التقليل من مهام الزوجة ومسئولياتها حتى تشعر باهتمامه وتقديره فذلك يرفع من معنوياتها ويزيد من حبها له، فالتقدير والاهتمام هما سبيل الحفاظ على الحب.
الملل والمفاجآت
تنصح د. وفاء الشاطر، خبيرة التنمية البشرية الطرفين بضرورة الابتعاد عن الملل، قائلة: أحيانا يتغلب الشوق والحنين للطرف الآخر قبل الزواج وبعض الشعور بالامتلاك المتمثل فى الزواج، ليشعر كل طرف أنه امتلك الآخر فتظهر المشكلة ويتسلل الملل فى العلاقه, لذا يجب التحدث دائما مع الشريك فى مختلف الموضوعات وإيجاد أفكار ومشاريع مشتركة بينهما, فكثيرا ما نرى زوجين فى عزلة وأحيانا كثيرة تمر ساعات بينهم دون تبادل الحديث خاصة مع انتشار وسائل التواصل الحديثة التى أثرت بشكل سلبى على العلاقات العاطفية، كما أن التجديد فى العلاقة الزوجية مطلوب مع البعد قدر الإمكان عن الأولاد وتخصيص يوم لقضاء وقت مختلف، مع ضرورة التعبير الدائم عن الحب بعبارات صريحة وواضحة دون خجل، إلى جانب الحفاظ على الابتسامة فهى مصدر للراحة والسعادة، ومفاجأة الشريك من وقت لآخر بهدية أو عشاء رومانسى فمثل هذه الأمور من شأنها التغلب على كثير من المشكلات.
ساحة النقاش