هل تمنيت يوما لو كان الله قد خلقك ذكرا، ولم تخلقى أنثى؟ هل تحسدين الذكور على ما يتمتعون به من حرية واحترام وإيثار على الإناث؟
لست وحدك عزيزتى، ففى استفتاء أجرته إحدى المجلات الفرنسية اعترفت 60 فى المائة من النساء الفرنسيات بأنهن كن يفضلن لو خلقن ذكورا! وفى بحث أجرته إحدى المجلات الإنجليزية بين أكثر من عشرة آلاف سيدة وآنسة وافقت 30 % من نساء إنجلترا على إجراء عمليات لتحويلهن إلى ذكور!
فماذا لو تم نفس الاستفتاء فى البلاد العربية؟ قطعا ستكون النتيجة أكثر كثيرا، رغم كل ما حدث من تقدم وتغيير فى كل المجتمعات، ورغم أن المعروف علميا أنه لا يوجد ذكر مائة فى المائة ولا أنثى مائة فى المائة ففى كل منا هرمونات ذكورة وهرمونات أنوثة ولكن بدرجات متفاوتة، ما زال العربى ينظر إلى المرأة كمخلوق ناقص التكوين وفى حاجة لمن يصلح إعوجاجه.
لا شك أن الحركة النسائية العالمية التى اكتسحت العالم منذ نهاية الستينيات قد أيقظت وعى النساء بحقوقهن وحرضتهن على المطالبة بها ومقاومة تفضيل الذكور على الإناث تحت أى دعاوى، لذلك يعتقد البعض وأن هذه الموجة الهادرة المطالبة بإنصاف الإناث هى السبب وراء ما يزعمه البعض من كراهية النساء لنوعهن، والحلم أو الرغبة الدفينة لدى بعضهن فى أن يصبحن ذكورا.
الواقع أن العكس صحيح، فحركة تصحيح الأوضاع الاجتماعية التى أطلق عليها «الحركة النسائية » كان هدفها الأساسى عدل الميزان بين الإناث والذكور، فيستحوز أحدهما على كل الحقوق والمزايا والفرص، بينما يتحمل الآخر نصيبه من المعاناة والإهمال والتهميش..الخ.
إن تقسيم العمل بين الذكور والإناث بدأ منذ
الأزمنة البدائية، عندما كان على البشر أن يقاوموا الطبيعة ويحموا أنفسهم وأسرهم، وكانوا يواجهون الكوارث الطبيعية صفر الأيدى من أى سلاح، اللهم إلا بلطة صنعها أحدهم من أغصان الشجر، أو حجارة يلقيها فى وجه الحيوانات الضارية، أو كهفا يلجأ إليه هربا من صقيع الشتاء وزمهرير الصيف، ولم يكن هناك بد من الاعتماد على العضلات، ولا شك فى أن عضلات النساء فى تلك الأزمنة السحيقة كانت لا تقل قوة عن عضلات الرجال، إلا أن أعراض الحمل وتوابع الولادات المتكررة وغريزة الأمومة جعلت المرأة تكرس وقتها لرعاية الأبناء حتى لا يموتوا مبكرا وتفنى البشرية، لقد أسدت جداتنا جميلا عظيما حينما استسلمن لغريزة الأمومة وحافظن على النسل، وأجدادنا الأوائل فعلوا نفس الشىء، فلولا القنص والصيد ما كان يمكن للأجيال الأولى أن تستمر على قيد الحياة، ولولا الحماية القوية واليقظة الواعية والتربص لكل من تسول له نفسه التهجم على الأسرة من وحوش وجوارح وقوارض وزواحف، لولا هذا لكانت البشرية ظلت على بربريتها وضراوتها كما حدث للحيوان، واليوم، فى زمن الحريات والحقوق والديمقراطية لابد أن يظل ميزان الحياة متكافئا، وبالمنافسة يفوز أصلحهما بالوظيفة أو المنصب القيادى أو مقعد البرلمان.. الخ.
سيدتى لا تكرهى أنوثتك، ولا تتمنى ما لدى الرجال، فما لديك أعظم وأروع كثيرا.
ساحة النقاش