بقلم : إقبال بركة

بعض القنوات التليفزيونية التى تخصصت فى إذاعة الأفلام الأجنبية انتهزت فرصة الجائحة ( كورونا)، واختارت عرض أفلام معينة لإمتاع مشاهديها، أو ربما عقابهم! هذا ما حدث للأسف مع مجموعة قنوات كنت أدمن مشاهدتها، ثم أصبحت ألجأ إليها بعد كارثة الجائحة، خاصة قبل النوم، سعيا لتهدئة أعصابى بعد أن دمرتها أخبار الوباء وفشل العالم كله فى القضاء عليه، فإذا بى أفاجأ بما لم أكن أتوقعه.
أغلب الأفلام التى تعرضها تلك القنوات اليوم صباحا ومساء، تدور حول محاولات سكان كواكب أخرى غزو الأرض، وإفناء كل من بها، أفلام تصخب بالعنف والمخلوقات المرعبة الضخمة والمعارك الدموية والخوارق والوحوش.. هذا إلى جانب أفلام الإنسان الآلى وتمرده على صانعيه، والسفن الفضائية التى تهدد الأرض وكل سكانها، ثم تسعى لاحتلالها..  ويصدم المشاهد بمشاهد الإبادة الجماعية ومشاهد قطع الرقاب وفقأ العيون..! إلخ وإعلانات عن أفلام تقول: مصير الكون على المحك.. والطاعون يغزو العالم، ويقضى على نصف السكان.. وهلم جرا.. الأغرب من ذلك أن مسئولى تلك القنوات أعادوا عرض فيلم قديم للممثلين العالميين براد بيت وأنجلينا جولى  Mr and Mrs Smith  (  2005  ) لزوجين يتباريان فيه بأعمال عنف غير مسبوقة، رغم أنهما زوجان فى الفيلم وفى الواقع أيضا، وفيه يقدمان دروسا بالصوت والصورة والأمثلة الحية لكل زوجين بكيفية إيذاء شريك حياته، والتنغيص عليه بكل الوسائل، أما السبب الغريب الذى جهلاه  فهو أن كلا منهما عميل لوكالة متخصصة فى قتل المتخاصمين! وأن كلا منهما جاءه الأمر بقتل الآخر!!.  الغريب أن هذا الفيلم بكل ما فيه من عنف وتآمر اعتبر واحدا من أنجح أفلام هوليود! انتهت علاقة الزوجين الممثلين واقعيا، وتحولا إلى خصمين أمام المحاكم، وتم تفريقهما بالطلاق أخيرا، ولكن قناتنا، لا سامحها الله، رأت أن تذكرهما بالماضي الذى نبذاه، ونسيت أو تناست أن بطلة الفيلم تقلدت منصب سفيرة النوايا الحسنة لشئون اللاجئين لدى الأمم المتحدة، كأنما لتكفر عن خطيئة ذلك الفيلم، أكثر ما صدمنى فى هذا الفيلم وموجة أخرى من الأفلام المشابهة، هو إقحام المرأة فى تلك الأفلام ليس كحمامة سلام وراعية للأسرة ومهدئة بين الطرفين، ولكن كشريكة فى أعمال العنف بكل أنواعها، فهى تجيد التصويب بكل الأسلحة وتقتل وتجز الأعناق وتلقى بأعدائها من النوافذ العالية.. إلخ ، دون أن يهتز لها جفن، ويشترط أن تكون غاية فى الجمال والجاذبية والرشاقة، وأكثر عنفا ودموية من الرجال..! هل هذه الشخصية المفروضة على نساء العالم ولدت فى فترة مطالبة النساء بالمساواة بالرجال وبحقهن في تقلد المناصب؟ هل الهدف منها إقناع المعارضين، مثل الإخوان غير المسلمين، بأننا يمكن أن نكون أشد عنفا منكم وأبشع إيذاء وما عليكم سوى أن تواجهونا فى صراع، وثقوا أن النتيجة لن تكون أبدا فى صالحكم؟! ربما، ولن أذكر أسماء تلك القنوات، فاللبيب بالإشارة يفهم.. منكم لله.

المصدر: بقلم : إقبال برك
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 591 مشاهدة
نشرت فى 16 يوليو 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,848,033

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز