حوار : محمد الشريف
بطولات خالدة زخر بها تاريخ المرأة المصرية فى الدفاع عن الوطن وتطهير أرضه من رجس الأعداء والمستعمرين بداية من حرب 1976 وحتى العملية الشاملة "سيناء 2020"، حيث شاركت فى إجلاء العدو الصهيونى فى حرب أكتوبر وقدمت الأعزاء فى الحرب على الإرهاب التى لم تضع بعد أوزارها.
ومع حلول الذكرى الـ 47 كيف تستكمل المعاصرات تلك المسيرة لإنجاح خطة البناء والتنمية؟ وما الدور المنوط بهن فى التصدى للمخططات التى تستهدف الوطن وأمنه القومى؟ وكيف يدفعن بسفينته إلى بر الأمان وسط الأمواج المتلاطمة من الشائعات والدعوات التخريبية التى تروجها قوى الظلام؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير يجيب عنها اللواء د. حسام الدين أنور، مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا فى هذا الحوار.
فى البداية يقول: تاريخ المرأة حافل فى سجله ما بين النضال وإعداد المناضلين حيث تبدأ المعارك بالنساء وينهيها الرجال، فإذا ما أعددن العقول فى الأسرة ومن ثم المجتمع للمواجهة خاض الرجال المعركة بقناعة وطمأنينة، انطلاقا من أن المعارك تبدأ بالأساس من المرأة صانعة النشء التى تعد ولدها للقيام بواجبه، وقد جسدت المرأة دورا بارزا في صناعة نصر أكتوبر حيث تواجدت بصفوف الهلال الأحمر لتطبيب جرحى الحرب بالإضافة إلى التبرع بالدم للمصابين والإشراف على الطعام المقدم للجنود على الجبهة، فضلا عن دور المرأة السيناوية التى كان لها البصمة الواضحة أثناء الحرب، ورغم أهمية ذلك الدور إلا أنها لم تكتف بذلك بل وكانت فى الصفوف الأولى وتحت قصف نيراني مستمر تستقبل المصابين وتداوى الجروح لم يثنيها شراسة العدو ولم تنل من عزيمتها خسته التى أباحت له قصف المدنيين، كما عملت الفلاحة المصرية تحت قصف القنابل الإسرائيلية فى بناء الدشم ولم تتراجع أو تخفِ بل كانت قوية صامدة تعى دورها وما يقوم به أولادها وزوجها من أجل سلامة مصر، وفى معارك الثغرة وقفت تقدم الماء والطعام للجنود بدون استدعاء.
- وكيف نستلهم روح انتصارات أكتوبر لتسير المرأة المعاصرة على خطى سيدات هذا الجيل العظيم؟
من المعلوم أن المرأة التي تدرك أهمية دورها وتلتزم بواجباتها وتحرص على ممارسة حقوقها هى بحق ركيزة المجتمع تدفع بوطنها إلى مزيد من التقدم والرقي وملاحقة الركب الحضاري، فالأسرة هي اللبنة الأولى في بناء الأمة والخلية الأساسية في المجتمع الإنساني، وللمرأة دور رئيسي في الأسرة لا يمكن تغييبه فهي حجر الأساس حيث يقع على عاتقها تربية أجيال المستقبل وتنشئتهم، ولقد شهد الجميع عبر العصور على قدرة تحملها لأعباء الأسرة ومقدرتها على تسيير أمورها أكثر من الرجل دون أن تبخل بأي مجهود يمكن أن تبذله في سبيل إسعاد الآخرين أو مساعدتهم، وهنا يجب أن نستلهم روح أكتوبر حيث أبت المرأة المصرية أن تترك موقعها فى ساحة المعركة لتكون روح ذلك العبور وتساعد على إعداد جيل يعرف معنى التضحية والفداء والحفاظ على وطنه الأمر الذي ينتج عنه تعزيز روح التعاون والمحبة والتكافل الاجتماعي بين أفراد الأسرة بشكل خاص والمجتمع الواحد بشكل عام.
- ذكرت الدور الفعلى للمرأة فى نصر أكتوبر إلا أن الحروب الحديثة اختلف آلياتها وأدواتها عن سبعينيات القرن الماضى، فما الدور المنوط بها وسط معاركها، وما الأدوات التى يمكنها التسلح بها؟
لا شك أن آليات الحرب التي تستخدم الآن اختلفت عن أكتوبر، حيث تستخدم الآن الحروب غير المتماثلة التي لا تكون بين جيش وآخر أو يحدث فيها صدام مباشر بين دولة وأخرى، بل تستخدم فيها الدولة كل الوسائل والأدوات المتاحة ضد الدولة العدو لإضعافها وإنهاكها وإجبارها على تنفيذ إرادتها دون تحريك جندي واحد كالإعلام والاقتصاد والرأي العام وكل الأدوات المادية والمعنوية حتى مواطني الدولة المستهدفة هدفها تفتيت مؤسسات الدولة وإنهاكها أمنيا واقتصاديا وتفكيك وحدة شعبها، فهي ليست نمطية كحروب الأجيال السابقة بل تعتمد على التقدم التكنولوجي وذلك بغرض التأثير السلبى على الروح المعنوية للأفراد وإثارة الرأى العام واستهداف كيان الأسرة المتمثل في الأم والأولاد، من هنا يبرز دور المرأة الحيوى في تحصين شبابنا ضد ما يحاك للوطن من مؤامرات وفتن خارجية وداخلية تستهدف أمن واستقرار الوطن من خلال الدعوات الأخيرة التي فشل مروجوها في هز ثقة الشعب بقيادته وأيضا الكم الهائل من الشائعات التي تعتبر أكثر فتكا ودمارا للفرد والمجتمع لأنها ببساطة تخترق العقل لا الجسد.
-وإلى أى مدى تشكل الشائعات خطرا على أمن الوطن واستقراره وما دور مؤسسات الدولة فى التصدى لها؟
للشائعة الكثير من الآثار السلبية والمدمرة على الفرد متمثلة فى الحرب النفسية التي تؤدي إلى تحطيم معنوياته وإضعاف ثقته بنفسه وانهيار منظومة القيم والأخلاق، كما تساهم في إيقاع العداوة والبغضاء بين الأفراد والأسرة والمجتمع على السواء وبث الرعب بين الأفراد وغرس بذور الفتنة الطائفية ونشر الأحقاد والكراهية وزعزعة الاستقرار من خلال إضعاف الثقة بين المواطن والمجتمع من جهة وقيادته ووطنه من جهة أخرى، من هنا يأتى أهمية التطرق للحلول الوقائية لمحاربة الشائعة وكبح جماحها من خلال الفهم الدقيق لأسبابها والتي عادة ما يكون أساسها الجهل وسوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وفضولية البعض وخوضهم فيما لا يعلمون وضعف الوازع الديني وغياب الوعي الثقافي والأمني.
ولأن الشائعات أشد خطرا على المجتمع من الإرهاب ومواجهة الأعداء، فإنه يجب على المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية والإعلامية والفنية أن تتضافر جهودها لتهذيب النفوس وغرس القيم والمبادئ الأخلاقية السوية، وتهيئة المجتمع وتوعيته بألا يصدق أو يردد ما يتلقفه من أخبار دون التأكد من مصداقيتها، وبث روح الثقة بين الحاكم وشعبه والقضاء على كل ما من شأنه أن يضيع هذه الثقة، إلى جانب ضرورة تكذيب الشائعات إعلاميا وتفنيدها وبيان خطورة الانجراف وراءها.
أوضحت أن الشائعات أحد أسلحة الحروب الحديثة، فما دور المرأة فى محاربتها، وكيف يمكنها تجنيب أولادها مخاطرها؟
المرأة هي الحصن المنيع لحماية شبابنا من كل تلك المخاطر وسبيل الحفاظ على وطننا الغالي وصمام أمانه وحائط الصد الأول لأى مخاطر أو مؤامرات تحاك به من خلال غرس روح الانتماء والإيمان بالقيادة وثوابت الدولة، كما أن محاربة الشائعة يكون بتحكيم لغة العقل وتعظيم التحليل والمقاربة وتماسك النسيج الاجتماعي وتقوية الجبهة الداخلية بين الأفراد والمجتمع ومؤسسات الدولة وركائز ذلك الإيمان والثقة المتبادلة والإيمان بقدرة مؤسسات الدولة وتحملها المسئولية وحسن الظن والوحدة الوطنية، بالإضافة إلى تحصين جبهتنا الداخلية والإيمان بثوابت الدولة، ولا شك أن للمرأة الدور الأهم في ذلك من خلال تنشئة أبنائها بشكل إيجابي بما يجعلهم أشخاص صالحين يفيدون أنفسهم ومن حولهم أيضا.
قطعت الدولة شوطا كبيرا فى مسيرة البناء والتنمية، فماذا عن دور المرأة فى استكمال خطة التنمية الشاملة؟
إن ما تشهده مصر حاليا من مشروعات قومية عمالقة يستلزم أن يكون للمرأة دورها في استكمال هذه المسيرة والمشاركة بكامل طاقتها في البناء والتقدم، لأن دورها محورى فى نمو المجتمعات ونهضتها فهي التي تضع الجزء الأكبر من اللبنات الأساسية لكونها المربية الأولى للأجيال وتمتلك سلاح التأثير القوي فى من حولها وهو غريزة الأمومة، كما أن لها الدور الاجتماعي الأعظم من خلال غرس القيم والأخلاق الدينية والمجتمعية في الأبناء، فضلا عن مشاركتها في العمل الاجتماعي والتطوعي فهي عنصر أساسي في المنظمات الاجتماعية العامة والخاصة داخل المجتمع.
ساحة النقاش