كتب : جلال الغندور

» طفلى عنيد.. بنتي ما بتسمعش الكلام.. ابني ليه شخصية مستقلة.. طفلتي هي اللي بتقرر نأكل إيه كل يوم.. ابني ديكتاتور صغير يتحكم في رغبات البيت كله  «كلمات وجمل نسمعها كثيرا من  الأمهات هذه الأيام بعضها حسن والآخر سيئ لكن للأسف العديد منا يخلط بينها فلا نفرق بين الطفل الديكتاتوري الذي يتحكم فعليا في والديه والطفل المستقل صاحب الرأي.

فى البداية يقول د. هانى حسن، استشاري التربية والعلاقات: يجب أن نتأكد قبل أن نحكم على الطفل بالعناد والديكتاتورية، فهناك بعض الأمهات للأسف تتهم الطفل بالعناد لمجرد أن له شخصية مستقلة، فهناك أمهات تدفع أبناءها عنوة لكي يكون لديهم سلوك عنادي من خلال تسلط الأم الزائد على الطفل أو تدليلها للطفل وفي الحالتين سيلجأ للعناد لإثبات ذاته وتحقيق رغباته، وينشأ العناد لدى الابن بسبب عدم منحه الاحتياج النفسى الصحيح فى كل مرحلة عمرية فوفقا لنظرية أريك أريكسون للنمو النفسي فإن الطفل يبدأ في تكوين شخصية مستقلة من 18 شهر : 3 سنوات وخلال هذه المرحلة تتعامل معظم الأمهات مع الطفلعلى أنه امتداد لها ونتيجة للخوف عليه ترفض إعطاءه أى مساحة حرية، علما بأن أى خلل في هذه المرحلة العمرية سيخلق طفلا عنيدا ديكتاتوريا أو منعدم الشخصية مترددا لا يقوى على الاختيار.

أشكال العناد

يقول د. محمد طه، استشاري الطب النفسي: يعد العناد لدى الطفل سلوك مضطرد ينم عن مشاعر نفور وكره للمحيطين به ويمكن أن يصدر منه بوعي وإرادة، لذا فإن الطفل العنيد يحتاج لاهتمام أكثر من الطبيعى ويجب عدم الاستسلام لسلوكه حتى لا يتسبب فى تعميق العناد في نفسيته ويجعله يعتقد أن بقية أفراد الأسرة رهن تحقيق رغباته، وللعناد العديد من الأشكال منها الصراخ الشديد أو التشاجر مع المحيطين به، ومن مظاهر العصبية لدى الطفل قضم الأظافر أو لعق الأصابع أو الإصرار على تصرف أو شيء محدد بشدة وإلحاح، ويرجع العناد والضيق والعصبية في الأطفال لأمراض عضوية أو أسباب نفسية أو خلل في التربية والبيئة المحيطة.

ويتابع: قد تظهر الأسباب العضوية فى صورة اضطراب في الغدة الدرقية أو الجهاز الهضمي أو الصرع، أما الأسباب النفسية فمنها أن يكون أحد الأبوين أو كليهما لديه نفس السلوك العنادي لذا يقوم الطفل بتقليده، كما يلعب عدم إشباع رغبات الطفل واحتياجاته العادية والمنطقية أو قسوة الأسرة والتعنيف أو التدليل المبالغين فيهما أو التفرقة بين الأبناء والمقارنة بينهم دورا مهما فى خلق سلوك العناد لدى الطفل.

أساليب علاجية

يوضح د. محمد طرق علاج العناد والعصبية لدى الأطفال قائلا: يجب تحديد المشكلة لإيجاد حل لها فإذا كان السبب عضويا فإن إخضاع الطفل للعلاج سيؤدي لاختفاء العصبية، أما إذا كان بسبب البيئة المحيطة وانعدام الحب والأمان داخل الأسرة فيجب على الوالدين توفير الجو الصحي له كتوطيد العلاقة بين الطفل والأبوين وجعل العلاقة أكثر حميمة وتجنب أسلوب إعطاء الأوامر والبعد عن القسوة مع ترك مساحة للطفل لكي يعبر عن رأيه والتنفيس عن مشاعره، كما يجب أن يكون للأب والأم معايير ثابتة، فمثلا هناك أمهات يطلبون من أبنائهم الأكل بطريقة محددة خارج المنزل مثل استخدام الشوكة والسكين لكن داخل المنزل يتركونه يأكل كيفما يشاء، أو يسمح أحد الوالدين للطفل بسبه ويقابل ذلك بالضحك طالما أننا وحدنا في المنزل، وفي وقت آخر يرفض نفس الشخص نفس التصرف بسبب وجود آخرين، تلك الازدواجية والتذبذب سيقابلها الطفل بصورة تلقائية بالعناد تعتبر القدوة الحسنة من طرق علاج العصبية عند الطفل، وأقرب قدوة للطفل هما والده ووالدته، والطفل دائما ما يقلد تصرفاتهما سواء الإيجابية والسلبية، لذلك يجب أن يبدأ الأبوين في مراقبة تصرفاتهما أولا.

أسس التربية

من جانبه يرى د. وليد هندي، استشاري الصحة النفسية أن التربية عملية منظمة يحكمها أسس وأساليب محددة للتعامل مع الأطفال، ويقول: يجب معرفة أن الابن إنسان مستقل وليس امتدادا لأحلامنا السابقة المحرومة، لذا فالتربية يجب أن تكون مبنية على الحب والحوار والثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء والحرية المقيدة وليست المطلقة مع تعليمهم أنها مسئولية فلا نحرمهم منها ونحد من قدرتهم الإنتاجية والإبداعية، ولا نمنحها دون رقيب فتتحول لعناد وسلوك غير مرغوب.

ويتابع د. وليد: لعناد الأطفال عدة أسباب منها أن يكون لديه الرغبة في إثبات ذاته مع والدين يتجاهلانه، أو مستبدين يفرضان عليه حماية زائدة، وفي بعض الأحيان يكون العناد نتيجة المعاملة الجافة أو ما نسميه بالأمهات من نوعية افعل ولا تفعل، وتعاملها فقط قائم على الأوامر والتعليمات، أو أن يكون العناد سلوك أحد الوالدين فيرثه، كما أن هناك آباء يعززون السلوك العنادي لدي أبنائهم لذلك يجب ألا  يستجيب الوالدان لسلوك الطفل العنادي وفي نفس الوقت أن يبدآن بنفسهما وإقناع الطفل بتصرفاتهما ولا يفرضاها عليه، أيضا من أسباب العناد والديكتاتورية لدى الطفل وهي التدليل الزائد، وتوفير كل طلباته بشكل مبالغ فيه، لذلك نقول إن بعض الحرمان يعتبر من الحنان والتربية الصحيحة.

ينهى استشاري الصحة النفسية حديثه قائلا: يجب ألا نتعامل مع  السلوك العنادي للطفل بالعقاب اللفظي أو السباب، ونراعي أن نحرص أن يختار الأطفال طعامهم وملابسهم فهذا نوع من تكوين الشخصية المستقلة وليس العناد، وخلاصة القول إن التربية تحتاج لميزان حساس لا إفراط ولا تفريط، ومن المهم جدا أن نعزز السلوك الإيجابى والتصرفات الجيدة لدى أطفالنا كما  نعاقبهم على الخطأ

المصدر: كتب : جلال الغندور
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 330 مشاهدة
نشرت فى 26 نوفمبر 2020 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,466,137

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز