كتبت : سكينة السادات
سمعت الشيخ متولي الشعراوي رحمة الله عليه يقول إن الله سبحانه وتعالي لا يتقبل إيمان وتدين الشخص الكذاب, وإن ذنبه لا يغتفر, وأنه سبحانه وتعالى لعن الكذب والكذابين, وعندما سألوا الشيخ الجليل لماذا قسوة ذلك الحكم على الكذاب؟ قال لأنه عندما يكذب يمكن أن يؤذي نفسه ويؤذي غيره, وقال إن ديننا الحنيف ينهى عن الكذب ويعتبره من الفتن التي هي أشد من القتل!
أقول لقارئاتي وقرائي الأعزاء أن هناك صفتين كريهتين إذا سكنتا أي إنسان فهو لا يبرأ منهما إلا نادرا, أولهما اعتياد الكذب والبخل, وكانت آفة الكذب هي محور حكاية اليوم والتي أرويها لك في السطور التالية!
***
قالت الابنة نورهان,29 سنة: سوف أحكي لك كل شيء حتى وقائع أخطأت فيها وأعترف بخطئي وأرجو أن يسامحني الله ويسامحني البشر, وأبدأ بأن أعطك صورة عن نشأتي وحياتي, فقد نشأت في بيت (مستور) والدي موظف كبير بالحكومة ووالدتي ربة بيت محترمة هادئة ولي ثلاثة أخوة وموقعي بينهم في الوسط وبيتنا نظيف وأنيق, ووالدتي لا هم لها إلا رعاية بيتها وزوجها وأولادها, وهي كانت قد حصلت على الثانوية العامة قبل زواجها ولكن بمجموع ضئيل جعلها تزهد في الالتحاق بالجامة وآثرت الزواج, وكان أبي بالنسبة للأسرة يعتبر عريسا محترما لا يجب التفريط فيه, وعشنا أنا وأختي وأخواي الكبيران حياة هادئة جميلة في بيت يملأه الحب والإيثار من ناحية الأب والأم, وبفضل الله سبحانه وتعالى نجحا أن يوفرا لنا نحن الأربعة مصاريف التعلم العالي وتخرجنا جميعا في الجامعات, وتخرجت أنا في كلية التجارة الإنجليزية, وتخرج أخواي الكبيران في كلية الهندسة, أم أختي فلا تزال تدرس في إحدي المدارس الثانوية للغات, وبعد تخرجي التحقت بالعمل في أحد البنوك الوطنية وحققت نجاحاً وتوفيقا في وظيفتي حتى أنني الآن في مركز محترم ومحل ثقة رؤسائي, ومن بين موظفي البنك لاحظت زميلاً على نفس مستوى موقعي الوظيفي أو أكبر قليلا, لاحظت أنه يطيل النظر إلي ويهتم بي اهتماما خاصا, وذات يوم قالي لي إنه يتمنى لو يجد له زوجة مثلي إلا أن العين بصيرة واليد قصيرة وهو لا يملك لا شبكة ولا مهر ولا شقة ومسئول عن أمه الأرملة وإخوته الستة الصغار الذين ما زالوا في مراحل التعليم المختلفة وأخته المطلقة وأولادها الثلاثة, ويومها قلت له إن الله سبحانه وتعالى سوف يجازيه خيراً على بره بأصلك وأنه سوف يجد له مخرجاً, وقدرته كثيراً وصارت بيننا شبه صداقة لا تتعدى الكلام العادي في البنك أو المزاح في الاستراحة أو حفلات البنك وكان ذلك أحد أخطائي, فتعلقت به وانقلبت صداقتنا حبا جارفا لا يعلم أحد مصيرة, وظل الحال على ما هو عليه قرابة الثلاث سنوات انتهت بأن انتدبه البنك للعمل في أحد فروعه في بلد عربي شقيق, وكان ذلك هو الحل الأمثل لإنقاذه من ضائقته الاقتصادية, وسافر الزميل الذي أصبح حبيبا إلى عمله الجديد وتركني في فراغ وألم شديد!
وبعد سفره أرسل لي رسالة أنه حتى بوضعه الجديد لا يستطيع إلا أن يفي بالتزاماته تجاه أهله وأن فكرة الزواج غير واردة بالمرة لاستحالة توفير مستلزمات الزواج, وعلى الجانب الآخر كانت أمي وأبي وأخواي يلحون علي في أن أفكر في الزواج حتي لا يفوتني القطار, فأنا من بيت محترم ولي وظيفة محترمة ولا ينقصني سوى العريس المناسب.
***
واستطردت الابنة نورهان.. ومن بين جيراننا كانت لي صديقة تكبرني بعدة أعوام متزوجة وكان لها أخ يكبرها بعدة أعوام وكان معروف عنه أنه رجل أعمال وسيم وخفيف الظل ويضحك ويقابل الحياة ببساطة, وكنت أعرف أنه قد تزوج ولم يستمر زواجة إلا بضعة شهور ثم انفصل عن زوجته ولم يعرف السبب في الانفصال, إلا أن صديقتي التي هي أختي كانت تقول إنها القسمة والنصيب, وهمست لي صديقتي إلي بأن أخوها يرغب في الزواج مني وأنه مستعد لكل شيء وجاهز من كله, وجاء يوسف شقيق صديقتي ووجدته إنسانا لطيفا مهذبا سألته عن عن زوجته قالي نفس العبارة مفيش نصيب, ولا أخفي عليك أن أهلي فرحوا به كثيراً, فالشقة جاهزة من كل شيء وليس علي إلا أن أحضر حقيبة ملابس فقط, ثم كانت المفاجآت عندما قابلت زوجته الأولى صدفة في النادي وجلسنا نتحدث وقالت لي ما قلب حياتي رأسا على عقب! الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية.
ساحة النقاش