كتبت : سكينة السادات
أبدأ حكاية اليوم التى حدثتنى بها قارئتى السيدة نيفين ) 42 سنة( قالت: أرجوك ألا تظنى يا سيدتى إنى إنسانة بلا كرامة بالعكس فإن كرامتى هى أهم شيء فى حياتى وأرجو ألا تحكمى علي إلا بعد أن تعرفى وجهة نظرى وتقديرى للأمور على ضوء معرفتى الوثيقة بالطرف الآخر وهو زوجى محمود، وسوف أحكى لك الحكاية منذ البداية بكل صدق وصراحة والله شهيد على ماةأقول!
قالت: أنا من أسرة متوسطة الحال والدى كان موظفا فى الحكومة ووالدتى ربة بيت ونحن من أصل ريفى وما زالت علاقتنا بقريتنا فى محافظة الشرقية قوية، وأقاربنا هناك يزورونا ولنا بضعة أفدنة يزرعها أقارب والدى وما زال بيت جدى لأبى هناك يشرف على رعايته وتنظيفه أحد أقارب والدى، وما زلنا نحرص على زيارة قريتنا كل عام عدة مرات ونستمتع بجو الريف وخيراته وجماله، وأنا يا سيدتى الابنة الوحيدة لوالدى ولى أخوان يكبرانى بسنوات عديدة، لذا فقد حصلت على رعاية خاصة من أسرتى بصفتى الابنة الوحيدة لكننى لا أعتبر ذلك تدليلا فقد كانت تربية أمى وأبى فى غاية الحنان كما كانت فى نفس الوقت فى غاية الصرامة تحكها تقاليدنا الريفية التى لم تنسها أسرتى حتى بعد إقامتهم بسنوات عديدة فى المدينة.
وأدخل فى الموضوع لأنه طويل بعض الشيء ولكن لابد أن أذكر أن أخواى تخرجا فى كلية الهندسة والتحقت أنا بكلية التجارة الإنجليزية وحصلت على البكالوريوس، والتحق أخواى بالعمل فى إحدى شركات المقاولات الكبرى التى تنجز المشروعات الكبيرة وتزوجا زيجاب موفقة وأنجبا البنين والبنات أى أن أسرتنا بحمد الله كانت ولا تزال سعيدة وموفقة كن كل الوجوه!
***
واستطردت السيدة نيفين أما عن نفسى فقد صادفنى وأنا أدرس بالجامعة زميل فى نفس دفعتى أى نفس السنة الدراسية وكان يحاول أن يقترب منى بكل الطرق والوسائل، وكنت أحادثه فى إطار الزمالة لكنه كان يزيد اهتمامه بى حتى استطاع أن يجعلنى أهتم به عندما علمت أنه من أسرة متوسطة أيضاً وأنه الأخ الأكبر لعدد من الأشقاء والشقيقات وأن والده قد خرج على المعاش وأن والدته تعانى من عدة أمراض مزمنة وأن يتولى بالنيابة عن والده المسن تصريف الكثير من شئون أسرته ورعاية إخوته وأخواته! هذه المعلومات يا سيدتى جعلتنى أحبه وأحترمه فهو إنسان بار بأهله واحترمته كثيرا وبدأت أهتم به وأساعده فى الكثير من شئون حياته، ثم تخرجنا سويا ووجد لى أبى عملا فى إحدى الشركات وللأسف لم يجد محمود أى فرصة عمل وكان أن تدخلت لمساعدته ونجحت بحمد الله والتحق محمود بعمل وبراتب محترم لا يقل عن راتبى، وكنت سعيدة بأننى أسديت له هذه الخدمة!
واستقرت احواله وفاتحنى فى أمر زواجنا فلم أعارض رغم أننى أعرف أن إمكانياته ضعيفة جدا لكننى أقنعت والدى بأن الفلوس ليست كل شيء وأن محمود إنسان طيب ومحترم وبار بأهله ويستاهل كل خير، ووافق والدى على مضض!
***
واستطردت السيدة نيفين.. وتزوجنا وضحى والدى ووالدتى كثيرا ولم يحرمانى من شيء وجهزانى بكل ما أريد رغم ظروف محمود الضعيفة، ولا أنكر أننى كنت سعيدة بكل شيء، وكان محمود يبدو سعيدا راضيا، أما والده ووالدته فكانا يدعيان لي ليلا ونهارا لأننى كنت أرعاهما ولا أؤخر لهما أى طلب وأشترى لهما كل ما يريدان من راتبى الخاص الذى أنفقه بالكامل فى بيتى بعد أن رزقنى الله بولد وبنت فى غاية الجمال، ومر على زواجى قرابة عشرة أعوام والحياة تسير عادية حتى كان أن لاحظت أن زوجى محمود صار يقضى معظم وقته خارج المنزل وخصوصا فى الفترة المسائية، وأسأله فيقول كنت زهقان وسهرت مع أصحابى فيها حاجة دى؟ وأسكت حتى لا يتهمنى كالمعتاد بأننى أحاصره وأخنقه! وذات يوم عاد إلى البيت متأخرا فقابلته بعاصفة من اللوم والزعيق فقال لى: على فكرة يا نيفين أنا خطبت وحاتجوز وبقولك أهو قبل ما أتجوز وأتسجن خمس سنين زي القانون الجديد ما بيقول؟
قلت له: إيه؟ بتقول إيه؟
قال: زى ما سمعتى.. خطبت واحدة وهاتجوزها وبقولك أهو! كاد أن يغمى علي يا سيدتى من هول الصدمة وتماسكت بمعجزة وباقى الحكاية أرويها لك الأسبوع المقبل بإذن الله!
ساحة النقاش