كتبت : سكينة السادات

رن هاتفى المحمول وجاءنى صوت واهن لرجل يبدو كبير السن أو به وعكة صحية .. قال : هل أنت الأستاذة سكينة؟ قلت له : نعم ، أنا هى .. قال اعطنى رقم تليفونك الأرضى ولا تشغليه فإننى أريد أن أتحدث إليك حديثا طويلا فلا تحرمينى منه .. قلت له : حاضر وأعطيته الرقم!

قال :أحدثك من محافظة دمياط ، وأ نا رجل فى الرابعة والسبعين من عمرى ، وكنت قبل أن أصل إلى سن المعاش موظفاً كبيرا فى جمرك دمياط ، وأنا أصلا من أهل دمياط وقد حصلت على رقم المحمول الخاص بك من قريبة لى كانت تعمل معك فى دار الهلال ، وأنا أرجو أن يتسع صدرك لحكايتى فأنا متعب نفسياً أكثر من متاعبى الصحية ، وقال لى اسم الزميلة التى حصل منها على الرقم ، فقلت له :أه لا وسه لا تفضل بالكلام .

قال :أنت تحبين أن تعرفى التفاصيل منذ البداية ، فبعد أن تخرجت فى كلية التجارة التحقت بالعمل الحكومى وأنا من أسرة متوسطة أو يمكن أن تقولى فوق المتوسطة ، إذ كان جدى وأبى يملكان مصنعاً صغيرا للأثاث ومعرض فى شارع جانبى فى مدينة دمياط نفسها ، والأهم أنه كان مشهود لأثاثنا بالتفوق والجودة ، وكان أهالى القاهرة يقصدون مصنعنا ومعرضنا بالذات ، وكانت أسرتى المكونة من أبى وأمى ربة البيت وأخواتى وإخوتى الستة وكلهم تخرجو ا فى الجامعات ومنهم من آثر أن ينضم للعمل فى تجارة وصناعة أبى ومنهم من اختار الوظيفة الحكومية ، وكنت أنا من بين من اختاروا الوظيفة لعدم شغفى بأى حرفة أو مهنة يدوية أو غير يدوية ، لكن هذا لم يمنعنى من أن أعاون أبى فى المسائل الحسابية وحسابات الضرائب والتأمينات وكل ما يخص عمله من الشئون المالية .

***

واستطرد الأستاذ أحمد ..والتحقت بالعمل فى إحدى الإدارات الحكومية ، وعندم ا تدرجت فى الوظيفة وأثبت كفاءة وتفوق اً فيها نقلت إلى إدارة الجمارك حتى وصلت إلى درجة وكيل وزارة قبل المعاش بأعوام عديدة !!

وفى سن الثامنة والعشرين اقترح أبى أن أتزوج من الأسرة نفسها فتاة جميلة حاصلة على شهادة الإعدادية ، وكان اثنان من إخوتى قد سبقانى وتزوجا ، وكنت أنا رقم ثلاثة فى الأبناء ولى ثلاثة أخوات بنات كن لازلن فى الجامعات والمدارس ، وبم ا أننh لم نكن نستطيع أن نعارض أبى فضلا أن العروس لم يكن هناك ما  يعيبها فقد تزوجت من قريبتى التى كانت تصغرنى بحوالى عشر سنوات ، وكانت لى نعم الزوجة ونعم الأم لأولادنا الثلاثة الذين رزقنا الله بهم وكلهم من الذكور ، وعشت معها حياة جميلة هادئة متمتعا بحب أسرتى لها وحبها لهم وحسن تدبيرها للمعيشة وحسنتربيتها لأولادنا الذين تخرجوا فى كليات القمة كم ا يسمونها ، فابنى الكبير طبيب مرموق نال شهادة الماجستير وسافر للخارج لدراسة الدكتوراه ، وبعدها  نجح ونال الدكتوراه وعاد إلى مصر ، ورشح للعمل فى بلد أوربى وسافر بالفعل وتزوج بطبيبة أجنبية زميلة له فى العمل فى البلد الذى يعمل به ، وأقام هناك وأنجب بنتاً واحدة !

أما ابنى الثانى فقد تخرج مهندساً وأيضاً سافر للعمل فى دولة خليجية وتزوج فتاة محترمة من أسرة محترمة تمت إلينا بصلة القربى ولم ينجب حتى الآن ، رغم مرور عدة سنوات على زواجه وكلم ا سألناه عن السبب وعن وجوب مراجعة الطبيب لمعرفة أسباب عدم الإنجاب يقول :“لسه ربنا لم يأمر بعد والصبر طيب” ، لكنه سعيد فى حياته الزوجية وزوجته محبوبة من الأسرة !

***

واستطرد الأستاذ أحمد أما . . ابنى الثالث فهو ضابط بالجيش المصرى المحترم وهذ ا الابن لم يتزوج ويرفض الزواج ويقول إن طبيعة عمله فيها مخاطرة شديدة ، وكانت زيارات أبنائى تبث فينا الحياة والسعادة خاصة بعد أن أكملت سنوات الوظيفة وخرجت على المعاش وكانت زوجتى رقيقة الصحة تعانى من حساسية الصدر وضيق التنفس ، وكانت رحمها الله نحيفة وغير مقبلة على الطعام وتتولى كل أمور البيت وأمورى بنفسها ، فهى التى تلبسنى ملابسى وتهئ لى طعامى ودوائى وكل شيء فى حياتى وحياة الأسرة ، وذات صباح كانت المفاجأة التى زلزلت كيانى ودمرت حياتى . .الأسبوع القادم أكمل لك الحكاية !

المصدر: كتبت : سكينة السادات
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 596 مشاهدة
نشرت فى 13 مايو 2021 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,863,637

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز