أماني ربيع
اكتسبت مدينة العلمين سمعة سيئة لاحقتها لعقود طويلة باعتبارها مدينة للأشباح لا تسكنها إلا الألغام القاتلة التي تجعل الحياة فيها مستحيلة، ورغم قيمتها التاريخية كانت المدينة مجرد مزارا لذوي القتلى في معركة العلمين الذين يأتون لزيارة موتاهم، لكن خلال السنوات الأخيرة أعطت القيادة السياسية المصرية "قبلة الحياة" لهذه المدينة لتتخلص من سمعتها كمدينة للموت وتصبح عروس ساحل البحر المتوسط الجديدة.
سعى الرئيس عبدالفتاح السيسي لتطوير المدينة التي ظلت حقول الألغام المزروعة فيها تعرقل أي جهود للتنمية، وبأوامر من الرئيس تم وضع تصورا شاملا لتطويرها لتصبح مدينة مصرية على طراز عالمي، ودُشنت العلمين الجديدة في شهر مارس عام 2018، وخلال هذه السنوات القليلة تحولت إلى قبلة للزائرين من كل العالم.
لم يكن التصور المطروح لمدينة العلمين الجديدة هو مجرد تحويلها لوجهة سياحية صيفية فقط، بل مدينة سكنية للإقامة والعمل في مجالات مختلفة وليس السياحة فقط، وأن تصبح كذلك منطقة جاذبة للاستثمارات العالمية، ونقطة التقاء للثقافات المختلفة، وبالفعل نجحت العلمين الجديدة خلال وقت قياسي في جذب أنظار العالم نظرا لمقوماتها الجذابة من شواطئ خلابة وطقس رائع، وأصبحت وجهة مثالية لممارسة الأنشطة الترفيهية والرياضية وإقامة المهرجانات والحفلات الفنية، وفي العام الماضي تم تدشين أول نسخة من مهرجان العلمين تحت عنوان العالم علمين.
مهرجان العلمين 2024
استقبلت المدينة الجديدة خلال موسم الصيف الماضي أكثر من مليون سائح، وخلال النسخة الثانية هذا العام سيشارك المزيد من النجوم والمشاهير خلال الفعاليات التي سوف تصل لأكثر من 50 فعالية في المدينة التراثية والمنطقة الترفيهية طوال فترة المهرجان، ومن المتوقع أن تتضمن النسخة الثانية من مهرجان العلمين هذا العام ارتفاع نسبة الحفلات الفنية والفعاليات الثقافية التي أصبحت هدفا للآلاف من زوار المدينة بعد نجاح دورة العام الماضي الكبير، وستتضمن نسخة هذا العام مشاركة لفرق الفنون الشعبية التي تعبر عن تراث المحافظات المصرية المختلفة، وكذلك عروض للسيرك القومي والأوبرا، بالإضافة إلى تخصيص فعاليات مميزة للطفل.
فخر المصريين
للوقوف على حجم الإنجاز الذي تحقق في العلمين الجديدة، التقت "حواء" عدد من زوار المدينة خلال الصيف الماضي لمعرفة انطباعاتهم عنها.
محمد حسين، مدير تسويق بأحد شركات الأدوية، كان يقضي الصيف في الساحل الشمالي وجذبته الدعاية للعلمين الجديدة، يقول: عندما أفكر في ماضي المدينة التي كانت خاوية تماما وخالية من أي مقومات للحياة، أشعر بالفخر لما رأيته أمامي على أرض الواقع، حيث تحولت المنطقة خلال سنوات معدودة إلى مدينة عالمية بهذا الجمال، فنادق على أحدث طراز وشواطئ خلابة.
ويضيف: أكثر شيء أحببته في المكان أنه ليس مصيفا للنخبة فقط كما يشاع، وإنما مكان للجميع، فأسعار الفنادق متنوعة تناسب كل الفئات وهناك أيضا شواطئ مجانية.
استمتع مصطفى السيد، مهندس، بالتجوال على الممشى السياحي بالعلمين أحد أبرز معالم المدينة والذي يوفر فرصة للهدوء لزوار المدينة سواء بالجولات سيرا على الأقدام أو داخل السيارة، ويقول: أنا فخور بالتحول السريع فى المنطقة، الحقيقة حجم الإنجاز كبير لا يمكن إنكاره، بصراحة كان جمال العلمين مفاجأة لنا، فالطقس رائع والأجواء ممتعة، وتخطيط وتنظيم المدينة على أعلى مستوى، بدءا من الأبراج الشاطئية الشاهقة، وتصميمات المباني العصرية وكأننا في بلد أوروبي.
أمان ورُقي
لم تتوقع سها عطا الله، خبيرة تجميل جمال الطقس والطبيعة وتنوع الترفيه في المدينة تقول: أجواء راقية توفر قدرا من الهدوء والمتعة، بالإضافة إلى الشعور بالأمان، واستمتعت للغاية بالتسوق في مركز نورث سكوير الترفيهي الذي يضم العديد من المحلات التجارية، لافتة إلى المعاملة الراقية التي يحظى بها الجميع في المدينة.
سعادة كبيرة شعرت بها فاطمة إسماعيل طبيبة، عندما قضت عطلتها الصيفية في العلمين العام الماضي، وفوجئت بتواجد أعداد كبيرة من المصطافين، بالإضافة إلى توافر كافة الخدمات في المدينة، وتقول: بجانب التمتع صباحا بالسباحة على الشواطئ البديعة، استمتعت مع عائلتي أيضا بالرياضات الشاطئية التي يأتي بعض السائحين مخصوص لممارستها، وفي الليل تزخر المدينة بالمطاعم والمتاجر والمقاهي، بالإضافة إلى المناطق الترفيهية الممتعة، وهو ما يجعلها مدينة متكاملة.
وتقول كاريمان سعيد، ربة منزل: ما يجعل العلمين مدينة مختلفة تنوع الفئات فيها، فهي مدينة يمكن للجميع الاستمتاع فيها، والترفيه الذي توفره يناسب الشباب والعائلات أيضا، كما كان من الرائع مشاهدة نجوم كرة القدم والمشاهير خلال فعاليات مهرجان العلمين من حفلات ومسابقات رياضية..
تعزيز مكانة مصر السياحية
يرى الخبير السياحي أشرف صحصاح أن مهرجان العلمين ساهم في الدعاية للمدينة وإبرازها كوجهة سياحية جديدة فريدة، ما يعزز مكانة مصر في قطاع السياحة العالمي، والترويج للفرص الاستثمارية الواعدة بها، لافتا إلى أن المهرجان ساهم في زيادة شعبية المنطقة خاصة بين السائحين العرب الذي يوفر لهم المهرجان فرصة للقاء نجومهم المفضلين خلال فعاليات المهرجان من الحفلات الغنائية ومهرجان الدراما وغيرها من الفعاليات الفنية.
ويضيف: توفر العلمين فرص عمل للشباب في مجالات مختلفة مثل تنظيم الحفلات والسياحة، خاصة وأن المدينة لا توفر الترفيه للقاطنين داخلها فحسب، فهي وجهة أيضا لرواد الساحل الشمالي في مناطق أخرى يفدون للمدينة لزيارة المهرجان والتسوق من المحلات التجارية، وتناول الطعام البدوي الذي يعده أهالي العلمين، كما تتميز المدينة بشواطئها المتنوعة التي تناسب كافة الفئات، بالإضافة إلى وجود شواطئ مجانية وأخرى بأسعار متوسطة.
ويؤكد الخبير السياحي محمد كارم أن تأثير مهرجان العلمين الجديدة على القطاع السياحي كان كبيرا، وأنه يعد تطورا كبيرا في المشهد السياحي بمصر، ويغير مفهوم السياحة في المدن الساحلية التي ستتحول من السياحة الشاطئية إلى سياحة متكاملة ترفيهية وثقافية، ويقول: بفضل مهرجان العلمين بما يتضمنه من فعاليات متنوعة أصبحت المدينة مقصدا للزوار من جميع الأعمار، مع الأنشطة المتنوعة صباحا بالسباحة وممارسة رياضات مثل: الكرة الشاطئية والسباقات المائية وليلا سيتمكنون من الاستمتاع بالحفلات والعروض الترفيهية.
ويتابع: ما حدث من تطوير للمدينة ساهم في تحسن أحوال سكان المنطقة حيث شهدت منتجاتهم اليدوية التراثية رواجا كبيرا بين السائحين خاصة خلال فترة مهرجان العلمين التي شهدت إقبالا كبيرا من المصريين والسائحين الأجانب والعرب، مشيرا إلى أن استقطاب نجوم مصريين وعرب وعالميين إلى المهرجان يعطي للمهرجان ثقلا ويجعله عامل جذب لمزيد من السائحين، مما يساهم في إنعاش الاقتصاد وزيادة فرص العمل للمواطنين في العديد من القطاعات السياحية والخدمية.
ساحة النقاش