أماني ربيع
تسعى القيادة السياسية بخطى حثيثة إلى توطين الإنتاج المحلي، وتعزيز تنافسية المنتج المصري وذلك عبر إقامة العديد من المعارض المحلية مثل "ديارنا" و"تراثنا" و"أهلا رمضان" و"أهلا بالمدارس" وغيرها من المعارض التي توفر المنتجات المصرية بأسعار معقولة للمواطنين، وفي نفس الوقت تقدم فرصا حقيقية لأصحاب الحرف والمشروعات الصغيرة لعرض منتجاتهم وتسويقها، كما تفتح لهم أبواب للتصدير.
"حواء" تستعرض تجارب بعض صاحبات المشروعات مع المعارض، لتتعرف على تأثير هذه المعارض على تسويق منتجاتهن.
عشقت هبة عبد العزيز، 38 سنة، من محافظة بني سويف الصناعات اليدوية منذ نعومة أظفارها، ورغم أنها أم لطفلين إلا أنها لم تتخل عن هوايتها التي تحولت إلى مشروع على أرض الواقع منذ عام 2017، واختارت اسم ابنتها "أيسن" عنوانا لمشروعها، وهو تدريب وتصميم وصناعة الحلى اليدوية بالأحجار الطبيعية.
وتضع هبة التصميمات بنفسها وتنفذها، وتقوم بدمج أكثر من نوع من الأحجار في تصميم واحد، وعملت مدربا لدى المجلس القومي للمرأة الذي رشحها للمشاركة في العديد من المعارض، واختارتها إدارة السياحة بمحافظة بني سويف لعرض منتجاتها أمام الأفواج السياحية الأجنبية، كما شاركت في تدريب السيدات على صناعة الحلي ضمن برامج التمكين الاقتصادي للمرأة من قبل عدة مؤسسات منها: الهيئة الإنجيلية، ومبادرة حياة كريمة، ووزارة القوى العاملة "مبادرة قدرة"، وقد كرمتها وزيرة الهجرة السابقة د. نبيلة مكرم عبيد عام 2022، وحصلت على لقب "قدوة العام" لعام 2023، واختيرت ضمن 13 نموذجا قدوة على مستوى الجمهورية ضمن مبادرة "قدوتك" التابعة لوزارة الاتصالات، وانضمت في عام 2023 إلى برنامج "رابحة" التابع لهيئة الأمم المتحدة.
وشاركت هبة بمنتجاتها في معرض العلمين بشهر أغسطس 2024، كما شاركت في عدة نسخ من معرض ديارنا التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، ومثلت محافظة بني سويف في معرض "أيادي مصر" التابع لوزارة التنمية المحلية بالقاهرة وأسوان، وتوضح هبة عبد العزيز أن المشاركة في المعارض تؤدي إلى زيادة العملاء، كما ترفع من مستوى تقديرهم للمنتج الذي يرونه على الطبيعة، مشيرة إلى أن علامتها التجارية شهدت انتشارا واسعا بعد المشاركة في المعارض.
وتؤكد هبة أن المعارض تساعدها في التعرف أكثر على السوق، وتلبية متطلبات العملاء، وتخلق مجالا أكبر لثقة العملاء بالمنتج، ويساهم بصورة كبيرة في ترويج المنتجات وتطويرها ووصولها إلى خارج مصر، والكثير من عملائها يأخذون منتجاتها كهدايا قيمة لأصدقائهم في الخارج، وتحلم عاشقة الأحجار بأن تدري المزيد من السيدات وتساعدهم في فتح مشروعاتهم الخاصة.
الحرق على الخشب
تعلمت سفانة الباهي الحرق على الخشب خلال المرحلة الابتدائية، وبمرور الوقت انشغلت سفانة عن هوايتها والتحقت بكلية الصيدلة، ثم عملت بمهن مختلفة، منها: محررة لغة إنجليزية ومترجمة علمية، وأخيرًا عملت كمديرة مشروعات في مجال التعليم الإلكتروني، وتقول سفانة: فى عمر الـ ٢٣ عاما وجدت الآلة مخبأة وسط الكراكيب، أخرجتها ثم أحضرت قطعة خشب وبدأت في ممارسة هواية الحرق على الخشب مجددا.
تطور الموضوع من هواية إلى مشروع، بعدما بدأ أصدقاؤها في شراء القطع التي تصنعها، ثم بدأ البعض يطلب منها تصميمات مخصوصة كهدايا لأحبائهم، وفجأة اكتشفت أنها خلال 10 سنوات عملت بكل الوظائف التي أحبتها أيضا، لكنها أهملت هوايتها، وجدت أن الأوان قد حان لتنمية هوايتها وأن تروج لهذا النوع من الفن لكي ينتشر أكثر في مصر كما هو منتشر في الخارج، والآن أصبحت لديها علامة تجارية خاصة بها، وتصنع منتجات خشبية متنوعة ترسم عليها بالحرق اليدوي.
شاركت سفانة في معارض عدة منها معرض "ديارنا"، وتشير إلى أن هذه المعارض تجعلها تقابل العملاء وجها لوجه، وتتعرف أكثر على ما يفضلونه، وتكتسب منهم أفكارا جديدة، كما أن المعارض تساعد على التعرف على جمهور أكبر.
وتؤكد سفانة أن المشاركة في معرض ديارنا تحديدا تسعدها لأنها تتيح لها تقديم منتجاتها وسط جمهور مهتم بالحرف اليدوية والفنون من هذا النوع، والتعرف أكثر على ما يرضي العملاء، وبالتالي تكون أكثر مرونة فيما تقدمه بحيث يناسب أذواق مختلفة، غير أنه طبعا ينشر ثقافة الفنون اليدوية التي تتميز بها مصر، ويروج للمنتج المصري بصورة مشرفة.
مسمار وخيط
ألزم المرض نجلاء المنزل لفترة طويلة، وبدلا من البكاء والحزن قررت تقبل قدرها واستثمار فترة مكوثها بالمنزل وتعلمت الكروشيه، وأنشأت صفحتها الشخصية لتعليم الكروشيه، وبعد فترة قررت استثمار الخيوط التي لديها في فن جديد يسمى "string art" وهو عبارة عن تابلوهات مشغولة بالخيوط والمسامير، وبدأت في مشروعها منذ 8 سنوات تعرضت فيها لنجاحات وعقبات لكنها وصلت لنتيجة تسعدها وترضيها.
تعتبر نجلاء، الأم لأربع أبناء، مشروعها منحة ولدت من رحم محنة المرض، وخلال تلك الفترة كانت عائلتها هي المشجع الأول، وأصبحوا الآن شركائها في المشروع، وخلال تلك الفترة شاركت بمنتجاتها في العديد من المعارض مثل "ديارنا" و"تراثنا"، التي كانت سببا في أن يعرفها الناس وأن تصل لجمهور أكبر، وساهمت المشاركة في المعارض في التسويق لمنتجاتها، كما ترى فى المعارض فرصة للترويج للمنتجات المصرية، وتمنح أصحاب المشروعات فرصا للخروج من عالم الأون لاين إلى دوائر أكبر وأوسع.
الخزف المصري يتفوق
خلال دراستها أحبت يسرية محروس، الرسم على ورق البردي، وأنشأت أتيليه كانت ترسم فيه مع زملائها في القرية، وكانت تسافر لبيع ما ترسمه أمام الأهرامات وفي القلعة والأقصر وخان الخليلي والغردقة، وبعد إنهاء دراستها فتحت بازارا، وفي عام 2006 حققت حلمها في إنشاء مركز لتعليم الحرف اليدوية، وخلال مشوارها تعلمت يسرية العديد من الحرف مثل صناعة الفخار والسجاد والنحت على الخشب حتى استقرت على الخزف، الذي تعمل به منذ عام 2015.
شاركت يسرية في معارض "ديارنا" و"تراثنا" مع وزارة التضامن، كما سافرت في معارض مع جهاز تنمية المشروعات إلى البحرين وإيطاليا، وتؤكد أن هذه المعارض شكلت فارقا في مهنتها، لأنها في البداية كانت تبيع منتجاتها للفنادق فحسب، لكن بفضل المشاركة في المعارض أصبح جمهور عملائها أوسع، ونظرا لأن الاختيار للمشاركة في المعارض يقع على أصحاب الجودة والكفاءة فهذا يعزز من فرص المنتج المصري على التنافس وبفضل هذا أصبح الخزف المصري ينافس الصيني، ويتميز بتصميماته الجميلة وألوانه المشرقة.
تعزيز فرص تنافس المنتج المصري
يرى حسام طه، الخبير الاقتصادي أن المشاركة في المعارض تساعد أصحاب المشروعات في التعرف على احتياجات السوق، وتمنحهم أفكارا جديدة لتطوير منتجاتهم بما يلبي أذواق عملائهم، كما يفتح المجال أمام المنتج المصري للتصدير إلى الخارج، خاصة مع تواجد نسخ من هذه المعارض تقام في بعض الدول العربية والأفريقية مما يعزز فرص تنافس المنتج المصري في دول أخرى.
ويؤكد طه أن المعارض من الأدوات التسويقية المهمة لأنها تعزز من قيمة المنتج المحلي وتوفر فرصا حقيقية لتطوير مشروعات الحرف اليدوية والتراثية والمشروعات الصغيرة ما يساهم في نمو هذه المشروعات وبالتالي يزيد من فرص العمل.
ساحة النقاش