تحقيق: سمر عيد

على الرغم من تواجد المنتج المحلى فى أسواق الملابس المصرية ذات الجودة العالية وتميزه بقدرته التنافسية مع المستورد خاصة القطني والذى يعد من أشهر منتجات الصناعة الوطنية ويتهافت عليه المستهلك من الداخل والخارج إلا أن المصريين يفضلون المستورد، فما السبب وراء ذلك؟ وما سبل إعادة الثقة بين المستهلك والملابس المحلية؟ وكيف نشجع المواطنين على شرائها والوصول بها لمنافسة المنتجات ذات العلامات التجارية العالمية؟ 

فى البداية التقينا بشهد عبد الوهاب، طالبة بكلية طب أسنان والتي حدثتنا عن رأيها في المنتجات المصرية وخاصة الملابس قائلة: هناك منتجات مصرية أعلى جودة من المستوردة، وقد سبق لي أن اشتريت بنطلون جينز مستورد وكان ثمنه غاليا جدا، وبعدها بفترة عدت لأشتري آخر وكان من العلامات المصرية المشهورة، وفي الحقيقة لم أجد فرقا لا في الخامة أو الجودة، والفارق الوحيد كان في السعر؛ لأن سعر المصري كان نصف سعر "البراند" تقريبا.

وترى إيريني خير، طالبة بكلية الفنون الجميلة أن دعم المنتج المصري سيعود على شبابنا أيضا بالنفع؛ لأنه يوفر فرص عمل لهم الأمر الذى يسهم فى الحد من البطالة، وتقول: الأعمال اليدوية كالتطريز والكروشيه له جمهوره حول العالم لذا أدعو المصانع الكبيرة ورجال الأعمال إلى التعاون مع أصحاب المشاريع الصغيرة والاستفادة من إبداعاتهم، وعلينا أن نشجعها لأن نسبة كبيرة منها تملكها النساء المعيلات، وأرى الملابس المصرية باتت تنافس نظيراتها العالمية لما تتميز به من جودة عالية، لكنها في الحقيقة تفتقر إلى الدعاية الجيدة، ومكملات التصنيع مثل السحابات والأزرار، وهذه الأمور في رأيي هي التي تدفع البعض لشراء المنتج الأجنبي المستورد.

وتقول بسملة حسام، طالبة بكلية الحاسب الآلي: ينبغي على المصانع المصرية الاطلاع على كل التقنيات الحديثة واستخدامها خاصة الذكاء الصناعى، وفي اعتقادي أننا كمصريين لا ينبغي أن نقلد الموضة الفرنسية ولا الإيطالية لأن مجتمعنا ونساءنا لهن طابع مختلف عن الأوروبيات والأمريكيات بل ينبغي أن تكون لنا موضة خاصة بنا، وهذا ما شاهدته بالفعل من خلال تشجيع مصممي أزياء مصريين على الوصول إلى العالمية من خلال تصاميمهم.

ويؤكد هاني عمر، مرشد سياحي أن الكثير من الأجانب والعرب الذين يزورون مصر يشترون في آخر رحلتهم منتجات قطنية مصرية، ويضيف: أغلبية السائحين يطلبون مني اصطحابهم إلى محلات تبيع الملابس الداخلية القنطية بسعر الجملة قبل مغادرتهم مصر نظرا لأن القطن المصري عالي الجودة.

معايير الجودة العالمية

حدثتنا ماري ميشيل، مديرة أحد المصانع الكبرى عن كيفية الارتقاء بالملابس المصرية قائلة: الأمر ليس بتلك السهولة التي يعتقدها البعض فالنجاح يعني سنوات كثيرة من العمل الدؤوب والتركيز ومواكبة التطورات العالمية والوقوف في وجه الأزمات والتحديات، وأكثر ما أؤكد عليه وأنصح به كافة المصنعيين المصريين خاصة مصنعي الملابس استغلال كافة إمكانيات العامل لديه، واحترام رأيه وتدريبه جيدا لأنه هو الذي سينهض بالصناعة وبالمنتج، وأنا شخصيا أعتمد على النساء في تشغيل المصنع فنسبة العاملين بالمصنع لدي 70% منهن نساء، لأنني كمديرة مصنع أحترم دور المرأة وأقدرها وأعرف أن حواء تعني الالتزام والعمل الجاد والإبداع، كما أنصح أصحاب المصانع بمراعاة معايير الجودة العالمية، فكلما كانت موادك الخام التي تعمل بها عالية الجودة استطعت أن تنافس على المستويين الداخلي والخارجي.

سر التفوق

يكشف لنا عمر شرف، مدير المبيعات في إحدى شركات الملابس الكبرى سر التفوق على المنتجات الأجنبية قائلا: هناك مثلث مكون من ثلاثة أضلاع لا غنى عنه لأي مستثمر في مجال الملابس؛ الأول المنتج ومدى جودته وخامته، والثاني أماكن الأفرع التي سيتم عرض المنتجات بها، والأخير الموظفين ومدى احترافيتهم فى التعامل مع العملاء، فإذا راعى أي منتج الثلاثة أضلع فإنه لن يحتاج إلى الدعاية ولا إلى الإعلان.

ويتابع: تقديم منتج بجودة عالية وسعر مناسب معادلة صعبة لكن حلها بسيط، فكلما خفض صاحب المصنع في نسبة الربح حقق نجاحا أكبر، بمعني أن أي صاحب مصنع يسعى للوصول إلى هامش ربح كبير عليه أن يعرف أنه لن يستمر طويلا بالسوق المصرية، كما أن مكان الفرع "المحل" يحدد لي نوعية الملابس التي سأعرضها؛  فليس ما أعرضه بأحد المولات الكبيرة هو نفسه الذي سأعرضه في محل بالشارع بمكان شعبي، فاختيار المكان الجيد وعرض المنتج الذي يتماشى مع طبيعة قاطنيه، والموظف الذي يعامل الزبائن عوامل تساعد على نجاح المنتج.

تقديم المصممين المصريين بشكل جيد

ترى ماري لويس بشارة، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة أنه كلما أتيحت الفرصة لمصممي الأزياء المصريين أن يتألقوا وينافسوا عالميا ويقدموا عروضهم بدول مختلفة تسنى لنا الترويج للمنتجات المصرية، وتقول: كل مصري سفير لبلده داخليا وخارجيا، وفي زمن العولمة لابد من تهيئة مصمم الأزياء المصري كي يكون كمصمم الأزياء الغربي، وقد وصلت صادرتنا في أول عام 2024 من الملابس الجاهزة إلى 259 مليون دولار مقارنة ب192 مليون دولار في عام 2023،وفي كل عام تخرج لنا كلية فنون تطبيقية بعض المتميزين بقسم الأزياء، وعلى الرغم من تمسكي الشديد بمضاهاة الموضة العالمية إلا أنني أؤكد على ضرورة أن تصبح للموضة المصرية خطوط خاصة بها.

ويوضح مختار محمد، مشرف على أحد أفرع شركة مصرية عربية أهمية التعاون المشترك بين مختلف الدول العربية لتقديم منتج جيد قائلا: لا أحد يمكن أن ينجح وحده فالاستثمار العربي المشترك يحقق نجاحا باهرا، فالشركة التى أعمل بها مصرية عربية ولديها فروع بالعديد من الدول العربية، وفي رأيي الشخصي أكثر ما يميز منتجاتنا المصرية العربية هي الجودة وسلامة الاكسسوارات المستخدمة في صناعة القطعة؛ فقد لاحظت على مدار 8 سنوات من العمل المستمر أن الزبائن التي تفضل المنتجات الأجنبية تشتريها بسبب الاكسسوارات المستخدمة فيها، لذا ركزنا  على مراعاة معايير الجودة العالمية حتى في الاكسسوارات الملبوسات.

مبادرات مصرية

تشير د. رشا يحيى زكي، الأستاذ المساعد بكلية التربية النوعية بجامعة عين شمس إلى جهود الدولة لدعم الصناعة المصرية وتقول: أطلقت الدولة العديد من المبادرات التى هدفت من خلالها إلى الارتقاء بالمنتج المصرى وكان على رأس هذه المبادرات "تتلف في حرير" التي أطلقتها وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع صندوق تحيا مصر، كما قامت وزارة التضامن الاجتماعي بعمل تدريب حرفي في بداية عام 2024 وشجعت أصحاب المنتجات التراثية على الاحتفاظ بهذه المنتجات وإعادة إنتاجها، ونظمت العديد من المعارض لترويج مثل هذه المنتجات مثل "تراثنا- بيت العرب"، كما أعادت الدولة إحياء صناعة المنتجات الجلدية من جديد حيث أقامت منطقة (الروبيكي) للحفاظ على صناعة الجلود ودباغتها.

زيادة الناتج المحلي 

يوجه المهندس حسين رشدان، عضو شعبة الملابس الجاهزة بالغرفة التجارية أنظارنا إلى أن شراء الملابس المصرية له فوائد عديدة منها؛ القضاء على عقدة الخواجة المتأصلة لدى بعض الناس حيث يعتقد البعض خطأ أن أغلبية المنتجات الأجنبية أفضل من المصرية، بالإضافة إلى توفير الدولار لأنه كلما ازداد الاستيراد تعاظمت حاجتنا إلى العملة الصعبة؛ فبتشجيعك للمنتج المصري ستجعل التاجر لا يستورد من الخارج ويحتاج إلى الدولار، والشق الأهم من وجهة نظري زيادة الناتج المحلي وتشغيل العمالة المصرية والنهوض بشركات ومصانع بلدك. 


المصدر: سمر عيد
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 129 مشاهدة
نشرت فى 21 سبتمبر 2024 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,876,034

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز