كتبت: أميرة إسماعيل
تهتم الأسرة المصرية بتكوين رأي واحد إيذاء موقف ما خاصة السياسى والذي يعنى بالأمن القومى لمصر، ويسعى الآباء إلى اتخاذ موقف موحد مهما اختلفت آراؤهم وهو مساندة وطنهم ودعم قيادتهم السياسية، لكن كيف يمكن توحيد آراء أفراد الأسرة إيذاء المواقف السياسية؟ وهل الاختلاف فى الآراء أمر صحى ما لم يتعارض مع مصلحة الوطن أم أن المصلحة العليا تقتضى وحدة الصف والرأي؟
الخبراء يؤكدون أنه حتى يتم توحيد صف أفراد الأسرة بمختلف أعمارهم لابد من التواصل معهم بوعي وثقة وبناء لغة حوار قائمة على الأدلة والبراهين التى تجعلهم لا ينصتون للأصوات المعادية أو الأفكار السلبية التى تضر وطنهم ومستقبلهم..
فى البداية توضح د. هند فؤاد السيد، أستاذ علم الاجتماع المساعد بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية أن توحيد رأى الأسرة وحمايتها من الاختراقات التي تهدد الوطن يتطلب عدة إجراءات تربوية وثقافية وإعلامية وأمنية لبناء وعي جمعي قادر على التصدي للتضليل والتلاعب، وفى مقدمتها التوعية الأسرية والتربية الواعية من خلال) تعزيز ثقافة الحوار داخل الأسرة وخلق مساحة للنقاش بين الآباء والأبناء حول ما يشاهدونه ويسمعونه، وتوجيههم إلى التفكير النقدي وعدم تصديق كل ما ينشر، كذلك تنمية الحس الوطني والانتماء وغرس القيم الوطنية والتاريخية في نفوسهم منذ الصغر وشرح أهمية استقرار الوطن ودور الأسرة في الحفاظ عليه بما يتناسب مع الأعمار المختلفة للأبناء.
وتقول: أبد من الرقابة الواعية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل ومتابعة المحتوى الذي يتعرض له الأبناء وتشجيع استخدام المصادر الموثوقة للأخبار والمعلومات، بجانب الاهتمام بتقديم البرامج والمسلسلات التي تقدم نماذج أسرية إيجابية وتحذر من الشائعات ومحاربة الأخبار الكاذبة بتقارير موثوقة وتوضيح الحقائق بأسلوب بسيط وشفاف يسهل فهمه من كافة أفراد الأسرة، ولا يمكن إغفال دور التعليم والإرشاد المدرسي والذى يتمثل فى دمج مفاهيم الأمن الفكري والمعلوماتي في المناهج وتعليم الطلاب كيفية تمييز الشائعة من الخبر الحقيقي، وتوضيح مخاطر تداول المعلومات دون تحقق، أما عن الدور المجتمعي والدينى والمتمثل فى الخطاب الديني المعتدل فيتجلى فى توجيه الأئمة والدعاة للحديث عن خطر الشائعات والانجراف وراء التحريض والتأكيد على حرمة نشر الأكاذيب وتأثيرها على أمن المجتمع.
وتؤكد د. هند أن حماية الأسرة من الاختراقات وتوحيد رأيها يرجع إلى تأسيس بيئة واعية ومترابطة، والتكامل مع جهود الدولة ومؤسساتها التعليمية والإعلامية والدينية، فكلما كانت الأسرة محصنة ثقافيًا وإعلاميًا قلّ خطر اختراقها وتشتت آرائها وأفكارها.
القدوة
يقول د. شحاته سليمان محمد حسب الله، أستاذ الصحة النفسية ورئيس قسم العلوم النفسية السابق بكلية التربية الطفولة المبكرة بجامعة القاهرة: يكتسب الطفل السلوكيات من خلال تقليد قدوته والمتمثلة فى الوالدين، وبالتالى لابد إن يكون النموذج الذى يراه الطفل إيجابى فى التعامل مع الأحداث ومساندة الوطن إلى جانب تربيته على القيم الأخلاقية والاجتماعية وعلى رأسها الانتماء وهو أن يشعر الطفل بالفخر والاعتزاز بالانتماء لهذا البلد، وعلى الوالدين أن يستمرا فى غرس هذه القيمة فى شخصية الطفل منذ نعومة أظافره، وتوجيهه إلى الحصول على المعلومة أو الخبر من مصادرها الصحيحة الموثوق منها وعدم الانسياق وراء وسائل التواصل والمواقع الإلكترونية المختلفة التى قد تنشر أخبارا مغلوطة، وأن يكون هناك إشراف ورقابة وتوجيه لا ستخادمه مواقع التواصل الاجتماعى وما يتعرض له من محتوى.
الحوار الأسرى
ترى الزهراء رفعت، خبيرة التنمية البشرية أن أهم العناصر الأساسية فى تنشئة الأسرة زرع المواطنة والانتماء فى نفوس الأبناء منذ الصغر، لافتة إلى أن هناك أدوارا أساسية للآباء لتوحيد صفوف الأسرة فى تنمية المجتمع وتعزيز الوطنية بأبنائهم، من خلال المشاركة فى أعمال التنمية المجتمعية التى تطلقها المحليات والمحافظات، بجانب تقوية الروابط بينهم وأبنائهم وإتاحة مجالات للنقاش الأسرى عن الوطن وإنجازاته وأهمية هذه الإنجازات فى بناء مستقبلهم وتوعيتهم فى إدراك أهمية استقلال الوطن وأمنه وأمانه، وسرد بعض القصص البطولية لجنودنا بما يعزز ترابطهم مع وطنهم واتفاق آرائهم وأفكارهم وتوحيد كلمتهم حول مصلحة الوطن.
وتؤكد د. إيمان عبد الله، استشارى العلاج الاسرى أنه من المهم أن نرى افراد الاسرة مجتمعين حول رأي مستنير وان ينشأ الابناء على الانتماء والولاء والعطاء لوطنهم.
وتقول د. إيمان: وجود حوار داخل الاسرة من شأنه تشجيع أفرادها على فتح باب المناقشة حول الانجازات التى حققتها القيادة السياسية، والتحديات التي يواجهها الوطن، وما تبذله الدولة للارتقاء بمستوى معية الفرد رغم ما تواجهه من تحديات اقتصادية كالمبادرات الوطنية التى تطلقها الوزارات المختلفة، والمشروعات القومية التى تنفذها الحكومة، واصطحابهم فى جولات ميدانية ليشاهدوا هذه المشروعات وضرورة الحفاظ عليها.
حب الوطن
تقول منار أبو العلا، حاصلة على درجة الدكتوراه في إدارة المنشآت التعليمية: ان التربية الوطنية مسؤولية لا يمكن تأجيلها،والبيت هو المدرسة الأولى للطفل، كما أن فالتربية على الانتماء تبدأ بالموقف لا بالمحاضرة، فعندما يرى الطفل ابويه يشكران الله على نعمة الامن والامان او يتحدثان عن مصر بكل اعتزاز وفخر فهذا من شأنه غرس الانتماء بداخله وتوحيد رأيه مع والديه لمساندة الوطن، فاللغة الواحدة داخل الاسرة تساوى راى واحد، وهناك أدوات بسيطة لها عظيم الأثر فى نفوس ابناءنا مثل تعليمهم تاريخ مصر من خلال سرد القصص ومشاهدة الأفلام الوطنية والمشاركة فى المناسبات الوطنية، أو يصمموا علم بلدهم ويقوموا برفعه او وضعه فى حجرتهم او باب المنزل , تشجيعهم للتعبير عن حبهم للبلد في رسومات، كلمات، أو حتى في حديثهم مع أصحابهم، كذلك ربط حب الوطن بالدين والتأكيد أن "حب الوطن من الإيمان"، وربط الوطن بالمسئولية ف "بلدك مسئوليتك"، واخيرا فاذا أردت ان يكون اولادك لديهم شخصية وانتماء واحساس بالمسئولية فابدأ بزرع حب الوطن داخلهم منذ الصغر واجعلهم يؤمنوا ان الوطن ليس مجرد مكان بل هو حكاية وتاريخ، ومستقبل، وأنهم الأبطال الحقيقيون الذين سيكملون المشوار.
ساحة النقاش