حوار: محمد الشريف
فى الوقت الذى تتكاتف فيه جهود الجهات الحكومية مع مؤسسات المجتمع المدنى فى تجهيز المساعدات وإرسالها إلى قطاع غزة، يظل التحالف الوطنى للعمل الخيرى والتنموى صاحب الجهد الأكبر فى إنجاح إيصال المعونات إلى القطاع، لكن كيف يتمكن التحالف من تحديد احتياجات الأشقاء الفلسطينيين؟ وهل يتوقف دوره والدولة المصرية عند عبور المساعدات معبر رفح أم أن هناك تنسيق مع جهات داخل الأراضى الفلسطينية؟ وهل تتواجد المرأة بين صفوف شباب المتطوعين؟
هذه التساؤلات وغيرها الكثير يجيب عليها د. مصطفى زمزم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صناع الخير"، وعضو مجلس أمناء التحالف الوطنى، وسفير المبادرة الرئاسية حياة كريمة فى هذا الحوار..
- بين الحين والآخر يخرج علينا بعض السياسيين العرب لينتقدوا دور الدولة المصرية فى دعم القضية الفلسطينية متشدِّقين برفض الجانب المصرى فتح المعبر بشكل دائم؟
الحقيقة أن الدولة المصرية لم تتوان يوما عن القيام بدورها القومي والإنساني تجاه القضية الفلسطينية، وما يُثار من انتقادات لا يعكس الواقع؛ فمعبر رفح هو شريان الحياة الوحيد لأهلنا في غزة، ومصر عملت دائما على إدارته بما يضمن إدخال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومنظم، خاصة في ظل ظروف بالغة التعقيد أمنيا وسياسيا، والهدف الأساسي لمصر هو الحفاظ على حياة المدنيين وتقديم الدعم الحقيقي دون المتاجرة بالشعارات.
- وما الجهود التى تبذلها الدولة المصرية لمواجهة الوضع الإنسانى فى غزة خاصة فى الأشهر الأخيرة؟
قادت مصر تحركا إنسانيا غير مسبوق خلال الأشهر الماضية، شمل إرسال قوافل طبية وغذائية ضخمة عبر التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي، بجانب تسيير المستشفيات الميدانية وتجهيز مستشفيات العريش والإسماعيلية لاستقبال الجرحى، فالدولة لم تكتف بالمساعدات فقط، بل سعت أيضا إلى تحريك الجهود الدولية لوقف نزيف الدم وفرض هدنة إنسانية وليست وقفا لإطلاق النار فحسب.
- بالحديث عن التحالف الوطني الذى يعد أحد أهم أذرع الدولة فى تجهيز المساعدات، فكيف ساهم فى إنجاح إيصال تلك المساعدات إلى القطاع؟
أثبت التحالف الوطني أنه ذراع قوي وفعال في إدارة ملف المساعدات، ومن خلال التنسيق الكامل مع أجهزة الدولة تمكن التحالف من حشد مئات الشاحنات المحملة بالغذاء والدواء والمستلزمات العاجلة، وتجهيزها وفق أعلى معايير التعبئة والتغليف، لتصل سليمة إلى أهلنا في غزة، هذا التناغم بين الدولة والمجتمع المدني مثل نموذجا يحتذى به في إدارة الأزمات.
- وما الآلية التى يعمل بها التحالف أو الدولة بصفة عامة فى تحديد احتياجات أشقائنا الفلسطينيين؟
هناك تنسيق مباشر مع الهلال الأحمر الفلسطيني والجهات المسئولة داخل القطاع لرصد الاحتياجات أولا بأول، وبناء على هذه المعلومات يتم إعداد قوائم دقيقة بالأولويات سواء كانت أدوية، أو أدوات جراحية، أو أجهزة طبية، أو مواد غذائية، هذه الآلية تضمن أن ما يصل إلى غزة يعكس الاحتياجات الفعلية على الأرض، بعيدا عن التكرار أو العشوائية.
- وهل اقتصرت المساعدات التى قدمتها مصر إلى الفلسطينيين على الدعم العيني من أطعمة وأدوية فقط أم تعدت إلى دعم المتضررين نفسيا؟
بلا شك.. لم يقتصر الدعم المصري على الغذاء والدواء، بل امتد ليشمل الدعم النفسي والاجتماعي، وذلك عبر فرق متخصصة من الأطباء النفسيين والمتطوعين شاركت في برامج دعم الجرحى والنساء و الأطفال المتضررين من الحرب، خاصة بعد استقبالهم في المستشفيات المصرية، حيث تدرك مصر أن إعادة بناء الإنسان نفسيا لا تقل أهمية عن علاجه جسديا.
- وهل يتوقف الدور المصري عند عبور المساعدات معبر رفح أم أن هناك متابعة لها على الجانب الفلسطيني؟
المتابعة مستمرة بالتعاون مع الهلال الأحمر الفلسطيني لضمان وصول المساعدات لمستحقيها، ولا تكتفي مصر بتسليم الشاحنات عند المعبر، بل تحرص على متابعة توزيعها داخل القطاع والتأكد من وصولها للفئات الأكثر احتياجا، هذه المصداقية جعلت الجهد المصري محل ثقة وتقدير عالمي.
- الشباب هم عماد العمل التطوعي وركيزته الأساسية، فما دوره فى تقديم الدعم بداية من تجهيز المساعدات وحتى إدخالها إلى القطاع؟
كان شباب مصر –وما زال- في مقدمة الصفوف، حيث شاركوا في التعبئة والتغليف، وتعبئة الشحنات، وتنظيم القوافل، فضلا عن أن روح الحماس والالتزام التي أظهرها الشباب كانت ملهمة وأثبتت أن العمل التطوعي في مصر أصبح جزءا أصيلا من وجدان الأجيال الجديدة.
- تحرص المرأة على المشاركة فى مختلف الأحداث السياسية، فهل تواجدت الفتيات بين صفوف شباب المتطوعين؟
بكل تأكيد، الفتيات كان لهن حضور بارز، ليس فقط في التجهيز بل أيضا في الإدارة والتنظيم والتواصل مع الإعلام، والمرأة المصرية دائما في مقدمة العمل الوطني والإنساني، ومشاركتها في هذه الأزمة كانت امتدادا لدورها التاريخي في كل القضايا الكبرى.
- صناع الخير عضو فاعل ومؤسس فى التحالف، فما الدور الذى لعبته فى تسيير المساعدات لأهلنا فى القطاع؟
شاركت مؤسسة صناع الخير بفاعلية منذ اليوم الأول في حشد المساعدات وتجهيزها، حيث جرى إطلاق حملات دعم شعبي واسعة، وتجهيز آلاف الطرود الغذائية والطبية، كما كان لها دور في إدارة التغطية الإعلامية لتلك الجهود لإبراز صورة مصر الحقيقية التي تقف دائما بجانب أشقائها الفلسطينيين، وهي مؤسسة مستمرة في دورها هذا حتى يتحقق الاستقرار وتهدأ المعاناة.
ساحة النقاش