<!--<!--<!--
لسنا ندعي أن المرأة العربية بلغت غايتها من التقدم والتحضر، فمازال بينها وبين المكانة التي نبتغيها، مرحلة طويلة شاقة ولكننا لا نزعم كذلك أنها تتخبط في غياهب الجهل والتأخير، فمن الواضح إنها تسير إلى الأمام بخطى حثيثة.
ونحن نعترف بأن العربية الناهضة تعطي صورة حسنة لما ينبغي أن تكون عليه المواطنة الصالحة في بلادنا، ولكنها ليست صورة كاملة، فباستطاعة العين المدفقة أن ترى أوجه النقص فيها بوضوح. وهذا النقص- وإن كان طفيفا- يحد من وفرة إنتاجها الأدبي والمادي، وينال من عظمة أثرها الاجتماعي، ويقوي حجة القائلين بأن نواحي الضعف الغريزي في المرأة، تحول دون إرتقائها فوق مرتبة معينة.
وبديهي أن لا وجود لما يسمى الضعف الغريزي، فطبيعة المرأة كطبيعة الرجل، والأثنان بشرمن فصيلة واحدة، إنما هناك صفات تشبه الضعف، إكتسبها الجنس النسوي في بلادنا، نتيجة لأوضاع اجتماعية معينة، اصطلح الناس عليها منذ قديم الزمن، ومازالت آثارها موجودة رغم تطور حياتنا وتقدمها.
والعيوب الملحوظة في شخصية المرأة الحديث، أثر تخلف عن طول عهدنا بهذه الأوضاع، ولكن علاجها ليس أمرا عسيرا، لأنها تتناول الفروع دون الأصول، ولا تمس الجوهر الأصيل.
والمسألة كلها لا تتطلب أكثر من أن نحلل شخصيتنا في ضوء ما وصلت إليه الشخصية النسائية في الأمم المتقدمة، وإذ وجدت لدينا الجرأة على مجابهة الواقع بشجاعة وصراحة، سنجد إن أهم ما ينقصنا، هو الثقة بالنفس.. فلا مفر من الأعتراف بأن العربية الحديثة، بالرغم مما وصلت إليه من علم ومقدرة، لا تقدر نفسها التقدير الواجب وشعورها يوحي إليها دائما بأنها أقل من الرجل، وليس في إمكانها أن تكون مثله.
ونتيجة لهذا الشعور المثبط للعزائم، نجدها في معظم الأحيان منطوية على نفسها مترددة في أعمالها، متوجة من السير في طريقها. وإذا أتاها خير، فهي لا تعتبره حقا اكتسبته بجهادها وكفاءتها، بل هبة منت بها المجتمعات عليها ولذلك ترحب بالانسحاب من الميدان عند أول فرصة تسنح لها.
والشائع أن العربية المتعلمة تفقد نشاطها بعد الزواج، وهذا قول صحيح في جوهره ولكن الأصح منه إنها تجد في الزواج سبيلا إلى الخلاص من الدور الاجتماعي، الذي يخيل إليها إنها فرضته على نفسها بغير حق.
وضعف ثقة العربية الحديثة بنفسها، وإن كان شعورا دفينا تحرص على إخفائه وراء ستار كثيف من المكابرة المصطنعة، غير إنه يتسلل من بين جوانحها دون أن تدري، وينعكس على المجتمع كله، فيزعزع إيمانه بها.
وليس هناك ما يدعونا إلى عدم الثقة بأنفسنا، وما يترتب على ذلك من أضرار بقضيتنا، فقد تعلمنا وعملنا وانتجنا ووفقنا، ومرافق الحياة التي خضناها تشهد شهادة صريحة قاطعة بأهليتنا وكفاءتنا، وقدرتنا على إفادة المجتمع الذي نعيش فيه. وإذا كان بعضنا قد فشل أحيانا، فليس للجنس دخل في ذلك، إنما يرجع الفشل لعوامل أخرى أهمها عدم استغلال المواهب في ميادينها الصحيحة.
واجبنا الأول أن نؤمن بأننا مخلوقات كاملة، كفاءتنا في أعمالنا لا تقل عن كفاءة الرجل في أعماله، واهميتنا في مياديننا كأهميته في ميادينه، واحتياج المجتمع لجهودنا مثل احتياجه لجهوده.
بهذا الإيمان تتوافر الثقة بالنفس، وعندها تنتهي مشاكلنا كلها.
رئيسة التحرير
ساحة النقاش