<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin:0cm; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

مطلوب آراء الشريعة والتشريع

يد الإصلاح تمتد إلى كل ناحية من حياتنا.

وفي كل ركن من أركان هذا البلد جماعة تفكر وترسم، وتضع الخطوطوط الرئيسية لمستقبل أحسن.. مشروعت تلو مشروعات لا تسلم- بعد الفراغ من وضعها- إلى فيران المكاتب لتتسلى عليها كما كان يحدث في الماضي... بل نخرج إلى حيز التنفيذ... نشاط أشبه بنشاط خلايا النحل في وزارة البلديات، في وزارة التربية، في مجلس الخدمات، في مجلس الإنتاج... في وزارة الخارجية.. في وزارة الإرشاد.... في كل ناحية... هذه الخلايا كلها تعمل لتبني مصرا جديدة... مصرا جديرة بهذه الآمال التي تعلقها عليها...

وفي غمرة هذا النشاط تركت بعض نواحي حياتنا خلف نسيج العنكبوت... إما لأن يد الإصلاح أعتبرتها من مشاكل الدرجة الثانية... أو تجنبتها مراعاة لاعتبارات خاصة...

وعلى رأس قائمة النواحي المنسية ناحية الأحوال الشخصية... أهم ناحية في حياة الشعب، ناحية الزواج والطلاق... ناحية البيت والأولاد...

تركناها جانبا، مع إنها الأساس الأول الذي ينبغي أن نقيم عليه هذا الغد الأحسن الذي نكافح في سبيله...

مسألة يحسب الناس إنها شائكة، لأنها تتصل بالشريعة وبالتقاليد... ومن محاسن الثورة أنها لا تمس هذه النواحي إلا في رفق وفي حساب شديد....

ونحن نعتقد أن الرفق هنا ضروري، والحساب الدقيق أشد ضرورة...

ولكننا نرى أن هناك الكثير جدا يمكننا عمله، دون أن نمس القوانين القائمة والتقاليد السارية... هناك الكثير مما يزيد الشريعة حرمة والقانون مهابة، ويضفي على التقاليد لونا من الجد والصدق هي في أشد الحاجة إليه...

وفي هذه السطور، نحن نقدم الخطوط الرئيسية لتنظيم جديد نقترحه لوضع هذه الأحوال الشخصية على أساس أكثر إنتظاما، أكثر إحتراما...

خطوط رئيسية نستطيع أن ننفذها ونحن آمنون، ونجني خير أتهادون أن نخشى شيئا... لا في المال ولا في الكيان المعنوي العام

 

الزواج.. أيسر من دخول السينما

كل شيئ في حياتنا اليوم يحتاج إلى إجراءات... إلا الزواج!

لنأخذ أبسط شيء نعمله في حياتنا اليومية:

شراء قطعة قماش، إيجار مسكن، شراء تموين البيت... إلى آخر هذه العمليات الجارية التي نقوم بها كل يوم...

لنأخذ واحدة من هذه العمليات، واحدة تشبه- ولو من بعيد- عملية عقد زواج... لنأخذ عملية إيجار بيت...

دع جانبا مسألة معاينة البيت قبل الإيجار لندخل مباشرة في موضوع كتابة العقد.

إن المؤجر لا يوقع قبل أن يقراه جيدا، والعقد نفسه محرر بطريقة قانونية دقيقة تنص على كل شيء، حتى التفاصيل مثل عوائد الحفر والمياه منصوص عليها بصراحة، وكل من صاحب البيت والمؤجر يأخذ لنفسه ما يريد من الضمانات...

ثم يوقع العقد ويصبح ساريا...

تعال معي، لنرى كيف يعقد عقد الزواج المأذون- وهو الرجل الموكل بعقد الزيجات- معتبر من أصغر موظفي الدولة وأقلهم أهمية، راتبه لا يكاد يكفيه ليعيش، وهو لهذا يسكن دائما في بيت متهالك في آخر الدنيا. والناس لا تسعى إليه، بل هو يسعى إليهم، يرغب دسوقي البرعي بائع السمك المتجول يرغب في الزواج من بنت شحاته عويس بائع المخلل، فيرسلون في طلب المأذون، بالضبط كما يرسلون في طلب الفراش الذي سيضع بضعة كراسي أمام الباب، وينتقل الماذون إلى البيت، فماذا يجد؟

يجد رجلا يقولون له: هذا دسوقي البرعي، ليس من حق الماذون، ولا في استطاعته أن يتحقق من شخصية هذا العريس...

أما العروس، فهو لا يراها إطلاقا، لا يعرف إذا كانت موجودة أم غير موجودة، حتى شهادة ميلادها يعسر عليه أن يراها، فيكتفون بإطلاعه على شهادة من طبيب تقول إنه عاين المدعوة زكية شحاته عويس ويقدر أن سنها لا يقل عن 16 سنة...

وحيث أن العريس ووالد العروس- وهو وكيلها-والعريس والشهود أيضا لا يكتبون ولا يقرأون، فهو يأخذ بصماتهم على ثلاث صور من عقد الزواج، ويستلم المعلومات التي سيسجلها في وثيقة الزواج في ورقة صغيرة، ليكتبها فيما بعد، في الوثيقة التي بصم عليها المذكورون على بياض...حتى المهر لا ينص عليه، يقولون في خنته: " المهر المسمى بيننا"!

وبينما تدور أكواب الشربات وتنطلق الزغاريد يقوم الماذون بتلاوة خطبة الزواج، خطبة تقليدية بليغة في غاية الحكمة... ولكن صوت المأذون لا يسمعه أحد...

ويتفقون فيما بينهم على أن يقولوا أن مقدم الصداق خمسة جنيهات ومؤخره خمسة حتى يخفضوا حصة الحكومة من رسم الزواج إلى أقل حد ممكن، الحكومة تتقاضى على هذا العقد خمسة قروش! وهو بالضبط ثمن ورقة الدمغة التي لابد أن يضمها الموظف على ورقة يطلب فيها يوما أجازة عادية...

ثم يدسون في يد المأذون بقشيشا، كأنه شحاد، يضعها الرجل المسكين في جيبه وينصرف.... هكذا تتم عقود الزواجّ

لا هيبة ولا قدسية...

لاتأكد من شيء...

ولا عجب والحالة هذه أن الكثير جدا من عقود الزواج يعتبر في نفس الوقت كارث اجتماعية...

رجل يقرر إنه موظف ثم يتضح إنه ليس موظفا...

رجل يقرر إنه في الدرجة الفلانية ثم يتضح إأنه خارج الهيئة...

رجل يقول إنه تاجر ثم يتضح إنه فراش

رجل يقول إنه غير متزوج ثم يتضح إنه متزوج وله أولاد...

فتاة يقررون أنها في السادسة عشرة وهي في الثانية عشرة...

يعقد الرجل على فلانة ثم يتضح إنها علانة أختها الكبرى...

مأس وفضائح وألاعيب...

وكل ذلك في أخطر شيء في حياة الشعب:

الزواج...

 

الطلاق.. باب للمآسي.. مفتوح على مصرعيه

قلنا إننا لن نتعرض هنا للشرع، فهو في الواقع لاغبار عليه، ولكن الغبار- بل التراب والطين- على طريقة التنفيذ...

إن القهوجي الذي يشتري جهاز راديو بالتقسيط ثم يريد إرجاعه، لا يستطيع أن يكتب خطابا إلى صاحب المحل يقول له: تعال خد جهازك... ولكن نفس القهوجي الذي يتزوج مواطنة مصرية يستطيع أن يستكتب أي إنسان خطابا يقول إنه يطلق هذه المواطنة... ويعود إلى بيته ليقول للزوجة: إلى دار أبيك... أنا لا أريدك، لقد طلقتك...

وفي نفس اليوم يستطيع أن يستدعي المأذون ويتزوج مواطنة مصرية جديدة!

كان هذا معقولا في الماضي عندما كانت الدولة غير مسئولة عن شيء على الإطلاق....

كانت الدولة- حتى في أزهى العصور الإسلامية- مسئولة عن شيء واحد: الدفاع، حماية المواطنين من الغزو الأجنبي، أما مستقبل الأولاد، صحة الأولاد، تعليم الأولاد، كل هذا كان من شئون الناس، ولا علاقة للدولة به على الإطلاق...

وتصور كيف كان يتعجب هارون الرشيد مثلا، لوتقدم إليه رجل وبيده أبنه، وقال له: هذا أبني مريض، وعليك أن تعالجه...

تصور كيف كان السلطان بيبرس مثلا يستلقى على قفاه ضحكا إذا جاءه رجل وقال له: أنت مسئول عن تعليم أبني ومستقبله!

يجوز أن يأمر له بمائه دينار على سبيل الإحسان...

ويجوز أيضا أن يأمر بضربه مائة جلدة على سبيل العقاب...

ولكن الوضع يختلف اليوم.... فنحن مسئولون عن كل مواطن: كل غلام يخرج إلى النور يطالبنا بأن نرعى صحته ومستقبله،ولابد أن نقوم بهذا الواجب...

ويوما بعد يوم تزداد مطالب الآباء، وتشتد لهجتهم في المطالبة بها: نريد مستشفيات،نريد مدارس، نريد وظائف، نريد شوارع، نريد مساكن...

كل هذا ولا رقابة لنا على أولئك الآباء، يتزوج الواحد منهم اليوم وينجب خمسة، ثم يلقي بهم وبأمهم على قارعة الطريق، ويتزوج أخرى وينجب خمسة آخرين... وهكذا....

الزواج لا يتكلف شيئا...

الطلاق لا يتكلف شيئا....

والعيال يستقرون على أكتافنا.... على أكتاف الدولة...

إن أبسط قواعد الرحمة... بالأبناء....

إن أبسط قواعد الرفق بأموال المواطنين.

إن أبسط أصول الرعاية لسمعة الوطن ومستقبل الوطن تطالبنا بأن نعمل شيئا

لا نطالب بتعديل القوانين... وإنما نطالب هنا فقط بالتنظيم والتدقيق...

وفيما يلي... بضع مقترحات.... إطار كامل لنظام جديد يرفع هيبة الزواج ويؤكد قدسية البيت والأسرة، ويضمن شيئا من مصالح الوطن والمواطنين....

 

دار للأحوال الشخصية

لننشيء في كل قسم من أقسام المدن، وفي كل قرية دارا للأحوال الشخصية...

دارا كاملة فيها بضع إدارات واحدة للزواج وواحدة للطلاق وثالثة لشئون الأسرة ورابعة لأرشيف الأحوال الشخصية...

ليرأس هذه الدار قاضي شرعي أو أهلي أو رجل متخصص في الشئون الإجتماعية....

في هذه الدار مكتب محترم للمأذون, لنرتفع بالمأذون إلى مرتبة وكلاء النيابة، ولنحاول تكوين نوع جديد من المأذونين، نوع يحمل شهادة عالية من الأزهر، تحت يده سكرتارية خاصة للبحث والإستقضاء....

فإذا أراد رجل أن يتزوج، يقدم قبل الزواج بأسبوعين على الأقل، بطلب إلى المأذون مرفق بكل الأوراق الشخصية اللازمة...

وبإقرار منه بحالته الشخصية، متزوج، غير متزوج، أرمل وله أولاد أو من غير أولاد... إلى آخره... وكل بيان غير صحيح في هذا الإقرار، يعتبر تزويرا في أوراق رسمية يعاقب عليه أشد العقاب.

لا دعي لضامن أو لشهادة من القسم أو من شيخ الحارة، فالرجل الذي يريد أن يتزوج، ينبغي ألا يكون- على الأقل- في حاجة إلى من يضمنه....

ويقوم المكتب بالتحقيق مما يمكن التحقق منه: حركة طالب الزواج، وظيفته، دخله، مرتبه، حالته الشخصية....

ثم يستدعي الخطيبة وآباها أو وكيلها، ليضع المعلومات الصحيحة أمامها ويأخذ إقرار منهما بالقبول...

ثم يحدد موعد الزواج...

وفي قاعة الزواج بدار الأحوال الشخصية، وهي قاعة تؤثث على نظام قاعات المحاضرات الصغيرة يحضر الزواج والزوجة ووكيلها والشهود، وعدد محدد من الحضور.

وقبل جلسة الزواج تكون أوراق الزواج كلها قد أعدت، وملئت خانات الوثيقة... ويجلس المأذون على مكتبه، ويلقي خطبة الزواج، ثم يأخذ إقرار الزوجين والشهود...

ويتم التوقيع أمامه.

ثم يسلم الزوج دفترأحوال شخصية فيه كل البيانات، وفيه صفحات لإثبات كل مولود... ولا يستطيع الرجل أن يتزوج أو يطلق بعد ذلك إلا بعد تقديم هذا الدفتر ومن هذا الدفتر يحفظ نسخة في الأرشيف المحلي ونسخة أخرى في أرشيف عام للأحوال الشخصية في العاصمة، ولا يتم زواج إلا بعد الإطلاع على هذا الملف.....

وعسى من يقول: هذا يتكلف كثيرا...والجواب إننا نستطيع أن نجعل الناس يتحملون الجانب الأكبر من هذه التكاليف لنرفع رسوم الزواج، لنفصلها عن المهر،لنجعلها على أساس الدخل: جنيهان لمن دخله أقل من عشرة جنيهات، خمسة لمن دخله بين عشرة وعشرين، وعشرة لمن هم فوق ذلك... ولتدفع الزوجة جنيهين، لا نحسب أن ذلك كثيرا، لأن أفقر رجل يتزوج يقدم من الشربات فقط أكثر من ذلك بكثير....

والطلاق؟...

ينبغي أن يتم في هذا المكتب...

ليطلق الرجل زوجته إذا شاء، فهذا حقه الشرعي، ولكن لا يجوز له أن يخرج الزوجة من البيت أو يلقي بأولادها في الطريق إلا إذا مر بالمكتب، وأبلغ المأذون بطلب الطلاق شخصيا- بخطاب مسجل أو بعلم الوصول- وسلمه يدا بيد طلبا فيه أسباب الطلاق.... وتظل الزوجة وأولادها في البيت، لأن البيت بيتها، ويلزم الزوج بالاستمرار في الإنفاق حتى يبت في طلب الطلاق

ولن يحكم القاضي بأن الطلاق غير نافذ، وإنما عليه فقط، إذا رأى أن الزوج مخطئ أو غير كفء لتحمل تبعات الزواج أن يحكم على الزوج بألا يتزوج إلا بعد خمس سنوات على الأقل، ويسجل في دفتر أحواله الشخصية أن كل زيجة يعقدها حتى إنقضاء الأجل تعتبر لأغية....

ليدفع الزوج والزوجة رسما عن دفتر الزواج، وعن كل عملية تتم في الدار....

نظن أنه ليس في هذا كله أي تضييق....

ونظن أنه ليس فيه ما يمس الشريعة من قريب أو بعيد...

 

صالح للمجموع.... أو لا....

كل حرف من هذا الذي كتبناه يهدف إلى تثبيت دعائم الأسرة، إلى حماية الزوجة- والزوج أيضا- وحماية الأولاد...

ليس من المعقول أن ننظم كل شيء إلا مسألة الزواج والطلاق....ليس من المعقول أن نشترط على من يريد أن يفتح متجرا أن يتوجه إلى إدارة السجل التجاري ويسجل محله ويضعه تحت رقابة الدولة... بينما ندع من يريد الزواج يستدعي الدولة إلى بيته لتعقد له الزواج....

ليس من المعقول أن نطالب من يريد استيراد علب سردين مثلا أن يتقدم بطلب رسمي مشفوعا بضمان مالي إلى إدارة الاستيراد... بينما لا نطالب من يريد الزواد بشيء على الإطلاق....

إن بناتنا لسن رخيصات إلى هذا الحد

إن أبناءنا أعز علينا من ذلك بكثير...

ينبغي أن تنتهي مهزلة كارت طالب الزواج ياخذه أبو الفتاة ويمضي يسأل عنه من مكتب لمكتب ومن مقهى لمقهى، كأنه بائع كرفتات يحملها على ذراعه....

هذا حرام يا ناس....

هل يعقل أن يكون الزواج أبسط من حيث إجراءاته من الذهاب إلى السينما؟...

إن الذاهب إلى السنما يتكلف على الأقل الذهاب إليها وثمن التذكرة الدخول....

أما راغبي الزواج فتنتقل الحكومة إلى بيته، ووثيقة الزواج تعطى بالمجان...

والمأذون؟....

هل يعقل أن ندع الرجل الذي يعقد أهم شيءفي حياتنا يعيش على التبرعات والحسنات ويسير في أسمال...

شيئا من الأحترام أيها الناس...

شيئا من القدسية لأقدس ما في حياة الإنسان!....

 

المصدر: د. حسين مؤنس - مجلة حواء
  • Currently 70/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
24 تصويتات / 770 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,454,338

رئيس مجلس الإدارة:

أحمد عمر


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز