هل تصلح المرأة للعمل فى ميدان الجراحة؟
ماذا تستطيع الفتاة المثقفة أن تصنع لمجتمع القرية؟
الفتاة التى عاشت حياتها فى المدينة،و نالت أعلى الشهادات الدراسية.. ماذا يمكن أن تفعل لو عاشت فى الريف؟
هل تخلق لنفسها مجتمعا منفصلا عن مجتمع القرية، لأنها لا تستطيع أن تتلاءم معه فكريا و اجتماعيا؟
هل تنسى ما حصلت عليه من شهادات، و تحاول أن تندمج فى حياة هؤلاء الناس، و أن تكون واحدة منهم لا تختلف عنهم فى شئ؟
هل تحمل عملها و ثقافتها وافاق الحياة العريضة الى هؤلاء الناس، فترتفع من مستوياتهم،و تفتح امامهم ابواب الحياة السعيدة؟
فى قرية (نوارة) بمحافظة الفيوم، عشت تجربة حية لفتاة جاءت من المدينة لتعيش مع زوجها فى هذه القرية الصغيرة... فماذل فعلت السيدة (منيرة سليمان داود) فى هذه التجربة؟
بداية التجربة
عندما ذهبت (منيرة) الى القرية، أحسنت بأنها التقلت الى حياة غريبة تختلف عن حياة مجتمعها القديم. وكان من نتيجة ذلك أن ظلت قرابة عامين من حياتها الزوجية حبيسة بيتها، لا تخرج منه الا لزيارة اهلها فى القاهرة بين الحين و الاخر.
أما يومها، فكانت تضيه فى العناية بشئون بيتها.. ثم يبقى فراغ طويل لا تعرف كيف تتصرف فيه.
و فكرت... لقد أصبحت واحدة من أهل هذه القرية،و عليها أن تندمج فى حياتهم،و أن تعطيهم ما عندها من علم و ثقافة و مدنية، لكى تجعل من قريتها مدينة صغيرة تسير فى ركب الحياة الحديثة.
و حددت اهدافها فى هذا المجال. و بدأت تسير نحوها فى رؤية واضحة.
و كان الهدف الاول هو أن تقهر الجهل بين سيدات قرييتها.. أمهات الاجيال الصاعدة. و استجابت سيدات القرية الى دعوتها. فأصبحن يذهبن كل يوم الى بيتها لتقوم بتعليمهن و تثقيفهن. و تطورت التجربة الى المدى البعيد.. مدى الوعى و النضج، فأصبحت تشترى الجريدة اليومية،و تقرأها عليهن،و تقوم بشرحها و مناقشتهن فى أخر الاخبار.
كذلك قامت السيدة منيرة بقيد أسمها فى جداول الانتخابات. و من بعدها قام عدد كبير من سيدات القرية بقيد أسمائهن فى الجداول الانتخابية.
و قامت أيضا بحملات توعية صحية واسعة بين أهالى القرية. فامتنع الاطفال عن الاستحمام فى الترع،و بذلك قلت نسبة الاصابة بالبلهارسيا، كما جعلت من بيتها دارا للتمريض و الاسعاف.
و تولت تدريب سيدات و فتيات القرية على أعمال التريكو و أشغال التطريز. و قامت بارسال هذا الانتاج الى مديرية الشئون الاجتماعية بمحافظة الفيوم.
المهمة الصعبة
و الذى فعلته السيدة (منيرة) يعكس تغييرا جذريا فى حياة القرية و أهلها،و لكن هذا التغير يتفق مع رغبة الانسان و تطلعه الدائم الى حياة أفضل،و لكن المشكلة الصعبة هى أن يحاول الانسان اقتلاع عادة أو فكرة ترسبت فى الاذهان سنين طويلة. و هذا ما حدث عندما دعت السيدة منيرة سيدات القرية الى تنظيم النسل. أن الاعتماد السائد فى الريف أن المرأة التى لا تنجب هى أمرأة عجوز عقيم،و أن على زوجها أن يبحث له عن زوجة ثانية شابة تنجب له مزيدا من البنين و البنات.
و لكنها وقفت فى وجه الافكار العتيقة،و استطاعت أن تنتزع الخوف من قلوب النساء،و الافكار الخاطئة من أذهان الرجال،و قامت بتوعية كل النساء عن الطرق السليمة لتنظيم النسل و تحديده.
و هكذا أستطاعت المرأة المثقفة التى جاءت من المدينة الى الريف، أن تترك بصماتها ظاهرة على حياة القرية و أهلها.
المصدر: هدى اصفهانى - مجلة حواء
نشرت فى 27 نوفمبر 2010
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,812,327
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش