فتحت عينى كعادتى على الجريدة الصباحية،و جلست اقرأ ملخصا لتقرير لجنة تعديل الاحوال لشخصية فى أول بند من التشريع المقترح تعريف للزواج. و قرأت التعريف،و كذبت عينى،و عاودت القراءة و الحروف ثابتة كما هى لا تتغير، التعريف وفقا للجريدة هو: الزواج عقد تمليك يمتلك الرجل بمقتضاه المرأة.

    و وجدت نفسى أقول (غير معقول، غير معقول أن يعرف أنسان الزواج فى النصف الثانى من القرن العشرين،و فى مصر الاشتراكية، فيصفه بأنه عقد تمليك، يملك بمقتضاه الانسان انسانا آخر! و اسلمنى التعريف الى حالة من اليأس و فقدت فجأة خاصة الاتجاه و توقفت و قد ضاع منى الطريق، اتساءل: أين نحن؟ و فى أى عمر نعيش،و الى أين نسير؟ و شعرت شعور الانسان الذى يتوهم أنه كاد يصل الى هدفه، حين يكتشف أنه كان يدور حول نفسه و أنه مازال فى أول الطريق. أو شعور الانسان حين يكتشف فجأة أنه كان ينفخ فى قربة مقطوعة.

    و عدت أقول لنفسى (غير معقول)، غير معقول أن نتصدى لتحرير الانسان فى اليمن،و لتحرير الانسان فى الكونغو و فى كل مكان يسعى فيه الانسان الى التحرر من العبودية،و نحن شعب تقول الجريدة أن اللجنة تفترض أن نصفه من العبيد! غير معقول أن نعيش هذه المتناقضات، غير معقول أن تصور اللجنة الاسرة على أنها عقد ين مالك و مملوك،و يصور الميثاق الاسرة على أنها خلية حية (متحركة بالمجتمع كله و معه الى غايات النضال الوطنى) . ان تصور اللجنة المرأة على أنها عبد مملوك لا يتمتع بالحرية،و من ثم فهو غير مسئول،و أن يسوى الميثاق بين المرأة و الرجل،و أن يطالبها كانسان حر مسئول أن (تسقط عنها بقايا الاغلال التى تعوق حركتها الحرة التى تستطيع ان تسهم فى عمق و ايجابية فى صنع الحياة).

    لابد و أن هناك خطأ ما، خطأ من الجريدة أو خطأ من اللجنة لابد من اصلاحه حتى نسترد حاسة الاتجاه و حتى نعرف أين و الى أين نسير.

    و بدأت أتحرى الامر،و اكتشفت ان اللجنة تحيط الموضوع بسرية تامة،و كانه سر عسكرى خطير، لا تشريع يمس كل واحد منا مسا مباشرا،و أن هذه السرية بالذات هى التى سببت هذا الخلط و الارتباك. سمعت نقلا عن أحد أعضاء اللجنة أن التعريف ورد فى التشريع المقترح. و لكن التمليك لا تعنى التمليك على اطلاقة،و أنما تعنى تمليكا محدودا بحدود الحقوق الزوجية أى (تمليك الحل).

    و سمعت من عضو أثق به، ان التعريف المنشور كان مجرد اقتراح رفض باجماع الاراء،و بالتالى لم يرد فى التعديل المقترح. وحتى اليوم ثم ينشر التعديل بطريقة رسمية،ولا أحد يعرف على وجه التحديد أن كان هذا التعريف قد ورد فى التعديل المقترح أم لم يرد.

    و أنا أطالب بنشر التعديل المقترح بطريقة رسمية قبل عرضه على مجلس الامة بمدة كافية، حتى تتسنى مناقشته مناقشة موضوعية على أسـس سليمة.

    و ليس لاحد أن يحرمنا حقنا الطبيعى فى هذه المناقشة. فمن حق الشعب أن ينير لممثليه فى مجلس الامة الطريق،و من حق ممثلى الشعب أن يستنيروا برأى الشعب.
                                                    

المصدر: د.لطيفة الزيات - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,871,168

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز