50طالبة كن مهددات بعدم مواصلة الدراسة فى المدارس الثانوية و المعاهد العليا. حدث هذا فى القرى المحيطة بمدينة بنها... فقد أمتنع عدد من الآباء فى هذه القرى عن أرسال بناتهم الى مدارس عاصمة المحافظة.. و كان ذلك لاكثر من سبب.. أولا لعدم وجود بيت للطالبات فى بنها.. ثانيا لعدم قدرة هؤلاء الآباء على دفع نفقات سفر بناتهم الى بنها كل يوم... و لكن ما حدث ذلل كل هذه الصعاب.. فقد تم أنشاء بيت لهؤلاء الطالبات يعتبر الاول من نوعه فى المحافظات...

    و فى زيارة لهذا البيت رأيت التجربة على الطبيعة.. عشت يوما كاملا مع الطالبات الوافدات الى بنها من قرى كفر شكر و قويسنا و سنديون و شطانوف و أجور الكبرى.. حدثتنى الطالبات عن حياتهن الدراسية بعد الاستقرار فى هذا البيت؛و بعد أن تحقق أملهن فى مواصلة الدراسة.. قالت لى احداهن إنها كانت مصممة على الدراسة فى بنها.. لكنها – نظرا لعدم قدرة والدها المالية – كانت ستركب حمارا من قريتها الى بنها و بالعكس!. و قالت لى أخرى أنها أضطرت بعد أن حصلت على الاعدادية أن تمكث فى البيت عامين بلا تعليم..و لكنها لم تترك التربية و التعليم و أدارة رعاية الشباب و المحافظة بنصيب معين فى تطاليف أنشائه.. و تبرعت المحافظة بست شقق باحدى عماراتها السكنية كبداية للمشروع – و ذلك بايجار أسمى فقط... كما تكلفت أدارة معونة الشتاء بتكاليف التغذية داخل البيت... و كان لهذا التضامن بين أكثر من جهة أثره الفعال.. فالطالبة تدفع نظير الاقامة و الاكل مبلغا رمزيا هو جنيهان و نصف فقط فى الشهر... و تقول السيدة (بهجة) أن تعميم نظام التغذية فى البيت، بعد اسهام معونة الشتاء بتقديم الوجبات الثلاث، قضى على مشاكل سوء التغذية بين الطالبات..و قد أدى هذا الى جانب توفر الفرصة تضيع منها، فعندما تم أفتـتاح هذا البيت، عادت للالتحاق بالمدرسة الثانوية.. و قالت لى ثالثة أن والدها بعد أن رأى تصميمها على مواصلة الدراسة، كان يعطيها أجرة السفر الى بنها فقط،و لا يعطيها أجره العودة...و كان عليها أن تعود سيرا على الأقدام!!

    و التقيت بالسيدة (بهجة الراهب) مفتشة المواد الاجتماعية و أحدى المشروفات على البيت.. لقد تبنت مشكلة هؤلاء الفتيات، و أستطاعت بجهودها أن تدفع مشروع انشاء هذا البيت الى حيز التنفيذ.. قالت لى أنها تقدمت بمذكرة تفصيلية عن المشروع الى المسئولين فقد لاحظت أن عددا كبيرا من الفتيات يحرم من مواصلة التعليم بسبب عجز ابائهم عن الانفاق على اقامتهن ببنها أو السفر كل يوم اليها.. و تمت فعلا الوافقة على انشاء بيت للطالبات.. و قد أسهمت كل من مديرية أسباب الحياة المريحة فى البيت الى أمتناع عدد من الطالبات عن السفر الى القرى فى الاجازات الأسبوعية...

تعاون و هوايات
    و قد لاحظت أثناء زيارتى للبيت ظاهرة تستحق التسجيل.. أن نظام (أخدمى نفسك بنفسك) هو السائد.. فبعض الفتيات يذهبن الى السوق لشراء اللحوم و الخضروات... و بعضهن يقوم بطهو و اعداد الطعام.. أما الفريق الثالث فيشرف على نظافة الحجرات.. و الهدف من وراء ذلك تعرفه كل واحدة منهن.. أنه عدم زيادة الأعباء المالية فى البيت.. و توجد فى البيت ثلاث مشرفات و أخصائية اجتماعية، لمباشرة سير العمل و الاشراف على النظام،و حل مشاكل الطالبات....

    و فى البيت ناد رياضى و ترفيهى – كما ألحقت به مكتبة ثقافية. و فى النادى التقيت بالطالبة (زينب شحاتة). لقد كان ترتيبها الأولى على المنطقة فى الإعدادية فى العام الماضى.. و فى حياتها قصة كفاح.. توفى أبوها منذ مدة و تركها و ثلاث أخوات. و ثلث فدان...
    و تقول لى زينب و هى تغالب الدموع فى عينها: الحق أنه لولا بيت الطالبات لما نلت فرصتى فى الدراسة من جديد.. فأن ميراثنا من أبى لا يكاد ينهض بجزء من ضرورات الحياة.. و قد علمت أن أدارة (البيت) قد قررت اعفاء زينب من المصروفات الشهرية نظرا لتفوقها و لظروفها الاجتماعية..

    و خدمات البيت لا تقف عند هذا الحد.. أنه يسهم أيضا كما رأيت بنفسى و كما سمعت من المشروفات – فى أعداد الطالبات  للحياة.. تقول السيدة (بهجة) أن الفتاة تتعلم كيف تهتم بشعرها – و ملبسها،و تعرف المناسب لها و غير المناسب.. كما تقف على التصرفات اللائقة بها و الأخرى التى يجب أن تتحاشاها.. و قد أمكن التوصل الى نتائج كثيرة فى هذا الميدان.. و سوف يكون لذلك أثره بلا شك عند عودة الفتيات الى القرى.. سوف تكون كل واحدة منهن قائدة تتولى توعية القرويات و تسهم فى خلق عادات جديدة،و تطوير الحياة فى الريف..

و بعد
    فهذه تجربة أثبتت نجاحها الى حد كبير.. و لذلك فأن (حواء) تطالب بتعميم هذا البيت فى كل مدينة و مركز. و أن تتضامن الهيئات المسئولة فى المحافظات من أجل نجاح هذه الخطوة.. فسوف يكون ذلك أسهاما حقيقيا فى خلق الوعى التعليمى بين فتيات القرى،و بخاصة أذا كانت تكاليف الاقامة معقولة.. كما حدث فى بيت الطالبات ببنها.

المصدر: سهير الكيال - مجلة حواء

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,729,711

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز