هل يقف دور الفتاة الجامعية عند حد الحصول على الشهادة التى تفتح أمامها أبواب الحياة العملية؟ هل هذا هو ما يتطلبه مجتمعنا الجديد من الجامعيات خلال فنرة الانطلاق، أو دورها يتجاوز هذا المجال و ينطلق الى أفاق أخرى؟
لقد كان الحديث عن دور الفتاة الجامعية فى مجتمعنا الجديد هو موضوع الندوة التى أقامتها (حواء)،و اشترك فيها عدد من أساتذة الجامعات و الطالبات، من بينهم: (الدكتور أحمد زكى صالح) رئيس قسم التربية بكلية التربية و (الدكتور محمد محمود الصياد) وكيل كلية البنات بجامعة عين شمس و أستاذ الجغرافيا،و (الدكتورة بثينة عبد الحميد) الاستاذة بمدرسة الالسن و معهد الدراسات العربية،و (الدكتور بدر الدين على) أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس. و (الدكتور أسامة رفعت) أستاذ الوراثة بكلية زراعة القاهرة. و الطالبتان – ماجدة القاضى – بكلية البنات،و نادية سالم) بكلية الاقتصاد. و (الاستاذ صبرى أبو المجد) المحرر بدار الهلال،و ادار الندوة الاستاذ (ربيع غيث) مدير تحرير (حواء)...
ثقافة بنت الجامعة
و فى بداية الندوة، أثار الاستاذ (صبرى أبو المجد) نقطة هامة هى مسألة الثقة بفتاة الجامع.. تساءل قائلا: هل فتاة الجامعة جديرة حقا بتحمل الاعباء التى نريد أن نحملها أياها؟ هل تطورت و نضجت تماما، أو أنها مازالت فى مرحلة النمو؟
و أجاب الاستاذ صبرى عن هذه الاسئلة، فقال: رأيى أن الفتاة الجامعية لها عيوب.و هذا لا يعنى أن الطالب الجامعى ببلا عيوب.و لكن مادام الحديث عن الفتاة، فالمفروض أن نكثف من هذه العيوب فى محاولة للبحث عن علاج لها.
و فى مقدمة هذه العيوب سطحية التفكير عند الفتاة الجامعية..و هذا يجعلها عاجزة عن القيام بالدور القيادى الذى يتطلب منها سعة فى الافق و ثورية فى التفكير..و لكن الذى حدث أن الفتاة الجامعية تصب اهتمامها على الكوافير و التواليت أكثر من الاهتمام بالكتاب و الرأى و الفكرة.و هذا يبدو واضحا فى أى لقاء مع الجامعيات.. فقد لمست أن فهمهن للامور سطحى. من هنا يمكن أن نقول بأننا يجب أن نعرف أولا الاشياء التى تنقص الفتاة الجامعية لكى نساعدها على تأدية دورها الحقيقى.
و اعترض الدكتور (أسامة رفعت) على أتهام الفتاة الجامعية بالسطحية، فقال: أن هذا ليس حقيقة، فالشباب مهيأ تهيئة سليمة للمشاركة فى حياتنا الجديدة... و فى رأيى أن من واجب الفتاة أن تهتم بأنوثتها، الى جانب قيامها بدور فعال فى الحياة الاجتماعية.
و قال الدكتور (أحمد زكى صالح): أن الفتاة الجامعية ناضجة.و من الممكن أ، تصل الى قمة النضج اذا قامت بدورها فى محيط اسرتها.و هذا الدور يتطلب منها أن تسهم فى الاعمال المنزلية،و أن تشارك فى تحمل أعباء الاسرة، فتساعد أخوتها الصغار فى الاستذكار،و تحاول تنسيق ميزانية البيت،و تفصل فساتين أخواتها الصغيرات،و بهذه الوسيلة تكسب الفتاة ثقة أسرتها،و يمكنها أن تنطلق فى ميدان الحياة العامة.
و استطرد الدكتور زكى صالح قائلا: ليس من حقنا أن نحكم على الفتاة الجامعية بالسطحية. فان قيود المجتمع و الاسرة مازالت تكبلها و تعوق انطلاقها و تحرمها من ممارسة كثير من أوجه النشاط الاجتماعى و الثقافى. أن انتقال الفتاة من مجتمع المدرسة الثانوية الى مجتمع الجامعة المختلط يسبب توترا فى جو الاسرة بسبب الخوف على الفتاة.و هذا التوتر يحدث دائما بغض النظر عن نوع ثقافة الاب أو الام و لذلك فأن الفتاة تحرص فى سلوكها أشد الحرص،و هذا ما يدفعها الى داخل قوقعة. أما من حيث المظهر، فرأيى أن هناك قواعد يمكن أن يقاس عليها سلوك الفتاة الجامعية، هناك فارق بين الجمال و الاناقة و بين التبرج و التقاليع، لذلك عندما أجد طلبة تضع على رأسها باروكة، لابد أن أنصحها و ارشدها أن مفهوم الاناقة هو المظهر النظيف البسيط، و هذا ما يكسب الفتاة احترام من حولها و ثقة المجتمع الخارجى بها.
مجال العمل
و انتقل الدكتور (بدر الدين على) الى نقطة اخرى، تسءل عن المطان الذى يمكن أن تقوم فيه الطالبة الجامعية بدورها فى ميدان الخدمة الاجتماعية. و أجاب قائلا: فى رأيى أن الريف هو أنسب مكان، فإن نسبة الامية هناك مرتفعة جدا، كما أن اختلاط الطالبة بالريفات أسهل من فرصة الطلبة الجامعيين فى الاختلاط.و بذلك يمكنها أن تقوم بدور فعال فى مكافحة الامية و نشر الوعى الصحى و الاجتماعى.و نقل المعرفة و الوعى الى المرأة الريفية و قد يكون مجتمع المدينة فى حاجة الى جهود الطالبة الجامعية،و لكن هذا الاحتياج ليس بالقدر الذى يتطلبه مجتمع القرية. العاملة فى المدينةتتسع أمامها الفرصة بحكم احتكاكها بالعاملين معها، كما أن المعرفة تنقل اليها بطريق الاجهزة المختلفة و الاتصالات اليومية.
و التقط الدكتور (أسامة رفعت) خيط الحديث، فقال: أن الطالبة الجامعية يجب أن توجه بحيث يتم تكوين فريق من الفتيات ليكون على استعداد كامل للعمل الايجابى.
و يكون دور الموجهين هو اختيار المجال المناسب. فطالبه الزراعية تنزل الى الريف لتعلم المرأة الريفية كيف تعد الطعام بطريقة سليمة و صحية،و كيف تحتفظ بمحصول البلح للعام القادم.. و طالبة المعهد العالى الرياضى تقدم لها خبرتها الرياضية لكى تحافظ على رشاقة قوامها بعد الوضع. و طالبة العلوم و طالبة الطب.. كل واحدة تقوم بدورها فى مجالها، فالتخصص هو أفضل و اقصر طريق لتوعية المرأة الريفية.
و يستطرد الدكتور أسامة قائلا: أن طالبة الاداب يمكن مثلا أن تقضى على الانعزالية بين الرجل و المرأة فى مجتمع القرية. و يتم ذلك عن طريق تنظيم ندوات تجمع بين الجنسين،و يدور الحديث فى موضوع هام مثل الاشتراكية أو تنظيم النسل. و فى رأيى أن مثل هذه اللقاءات سوف تقضى على الانكماش و تؤدى الى التطور.
بإختصار ، أن الفتاة الجامعية تستطيع أن تفعل الكثير فى القرية لو أنها استطاعت أن تكسب ثقة الناس هناك.و يتم ذلك عن طريق خبراتها بأسلوب بسيط هو أقرب ما يكون الى أسلوب القرية.و بذلك توجد الصلة المباشرة و المفيدة فى نفس الوقت..
اعداد فتيات الجامعة
و بعد ذلك طرح الاستاذ 0ربيع غيث) هذا السؤال: كيف يتم أعداد الفتاة لهذا الدور القيادى؟
و كان من رأى الدكتور (محمد محمود الصياد) أن نبدأ بتوعية الفتيات بالتغيرات الكبرى التى حدثت فى مجتمعنا الجديد.و قال: يجب أن نعترف بوجود (أمية أجتماعية) فى جاماتنا.و لو أننا أدركنا ذلك، فسوف نحاول وضع الموازنة العلمية التى تجعل فتاة الجامعة على علم و ادراك بما حدث فى المجتمع..
هل تدرك الفتاة تحول مجتمعنا من الرأسمالية الى الاشتراكية؟
أن أهم ما فى هذا الموضوع أن يخرج مفهومها لهذا التحول من مجال الالفاظ الى نطاق الممارسة و التعبير المعملى. و الدرس الاول الذى يجب أن تستوعيه الفتاة هو التعاون.
و تناول الموضوع الدكتور (زكى صالح)، فقال: أن الفتاة الجامعية يجب أن تدرك الاشتراكية على أنها أسلوب سلوكى تمارسه فى حياتها العملية، فتحل التعاون محل التنافس،و تقدم المجموع على الفرد.و تدرك أن الفرص متكافئة بين الجميع بلا نظرة طبقية.
كذلك فأننا نتحول من مجتمع زراعى الى مجتمع صناعى، فهل لمست فتاة الجامعة هذا التحول على الطبيعة؟ هل زارت المصانع و المجمعات التعاونية فى الريف؟ هل أحست بذلك أحساسا عمليا و مباشرا؟ الحقيقة أننا يجب الانكتفى فى هذا المجال بندوة توعية، و أنما يجب أن يعقب ذلك ممارسة حقه و واقعية فى الميادين المختلفة.
و عاد الاستاذ (ربيع غيث) يتساءل: هل اعداد الفتاة الجامعية لدورها فى مجتمعنا الجديد يتطلب أعداد عمليا فى الجامعة؟
و أجاب الدكتور (أحمد زكى صالح): فعلا، فان جامعاتنا مازالت تعنى بالكم أكثر من أهتمامها بتربية الشخصية و تكوين الفهم و الادراك عند الجامعيين.. أننا نقدم لهم مواد كثيرة.و نطلب الى الطالب أن يحصل على تقدير فى هذه المواد ولا شئ أكثر من ذلك أقول بصراحة أن نظام الجامعة و أسلوب الاساتذة فى ممارسة العمل الجامعة لا يمكن أن يؤدى الى خلق الشخصية.
أننا يجب أن نقف عند هذا السؤال: كيف نخلق الطالبة الجامعية؟ فاذا عرفنا الاجابة عن هذا السؤال، فسوف تفهم الفتاة الدور المطلوب منها.و سوف تكون مواطنة صالحة تسعى بنفسها للقيام بدورها.. البنت أذن يجب أن تعد فى الجامعة،و هذه هى مسئوليتنا.
و فى رأيى أن الاعداد الجامعى يكون فى اشراف الاساتذة و تنسيقهم لعمليات الخدمات التى تقوم بها الطالبات.و هذا يتطلب أن ينزل الاساتذة الى ميدان فى البداية. فهم بواقع الخبرة و النضج و التجربة يستطيعون بدء المناقشة،و تعريف أهل القرية بدور هذه المجموعة،و بعد ذلك يتركون الطالبات بعد أن يبصرن طريقهن ليعتمدون على أنفسهن،و يحاولن التعرف على الاحتياجات الضرورية للقرية.
أما الاسلوب فيجب أن يتخذ الاتجاه الدينى. من الممكن أن تتحدث الطالبة عن السيدة عائشة و السيدة خديجة و بطولاتهما فى الاسلام. و تستطرد من هذه النقطة الى الحديث عن الرائدات و المصلحات الاجتماعية فى بلادنا. و بذلك تغرس فى قلوبهم الثقة بالنفس،و تلقنهم دروسا فى الثقافة فى نفس الوقت.
و كان من رأى الدكتورة (بثينة عبد الحميد) أن دور الاساتذة يجب ألا يقف عند حد التريس،و أنما يتطلب أن يكونوا مربين فى نفس الوقت. يجب أن يدرك كل أستاذ أنه مسئول عن تربية هذا الجيل، فيكون لطلبته الاب الرائد و تقول: أن تكوين الشخصية و تربية الفهم و تعليم المسئولية أشياء أهم و أخطر من دور التعليم و تحدثت (نادية سالم) الطالبة بكلية الاقتصاد، فقالت: أن أساتذة الجامعة يتهربون من أجتماعات المنظمات و اتحادات الطلبة،و اذا كان المطلوب من طالبة الجامعة أن تقوم بدور قيادى، فانها فى حاجة الى منهج تعليمى و تدريبى يوضح أمامها حقيقة دورها فى مجال الاسرة و مجتمع المدينة و القرية، كذلك فأن الطالبة فى حاجة الى ثقة أسرتها و مجتمعها بها، حتى يمكنها أن تندفع بكل أمكانياتها فى ميدان المشاركة الايجابية.
و قال الاستاذ صبرى أبو المجد: أننى لا أومن بالندوات الجماهيرية و فى رأيى أن أفضل وسيلة للتوعية هى نظام الحلقات و المناقشات ذات الاعداد المحدودة، فهى التى يمكن أن تؤدى الى نتيجة مجدية،و اذا أردنا من فتاة الجامعة أن تلعب دورا أيجابيا فى المجتمع الجديد، فأن الاساس هو تكتيل الجهود و تنظيمها على المستويات المختلفة حتى تصل الى مستوى التنظيم النسائى،و بهذه القيادات النسائية الشابة يمكن أن نفعل الكثير
أختيارى أم أجبارى
و بعد أن أتضحت حدود الدور الذى يمكن أن تقوم به فتاة الجامعة، كان من الطبيعى أن يثور التساؤل حول مدى التزام الفتاة بهذا الدور. و كان من رأى الاستاذ (ربيع غيث) أن الفتاة الجامعة يجب أن تقوم بخدمات بيئية و ريفية،و على أساس هذه الخدمات تعطى شهادة. و لتكن الخدمة أثناء العطلة الصيفية.و يكون حتما على فتاة تقديم هذه الشهادة عند التعيين فى أى وظيفة مثلها فى ذلك الشاب الذى يقدم شهادة المعاملة العسكرية
أما 0الدكتور الصياد) فهو يرى ألا تحصل الفتاة على الليسانس أو البكالوريوس إلا أذا عملت فى ميدان الخدمة لمدة خمسة أو ستة أشهر،و تعتبر هذه الشهادة مثل شهادة حسن السير و السلوك و قال: حقيقة أن العمل الذى ينبع من روح التطوع أفضل بكثير من العمل الملزم،و لكن الظروف التى تعيش فيها تحتم الالزام، ذلك أن المسألة أو تركت للاختيار فان والد الفتاة غالبة ما يرفضقبول هذا الوضع، أما اذا كانت المسألة متعلقة بالمستقبل، فأنه لن يقف فى طريق أبنته.
و ذهبت الدكتورة بثينة عبد الحميد الى أن تكون العملية تطوعية،و لكن يجب أن يسبق ذلك عملية توعية ضخمة للأباء و استطردت قائلة: عندى مثلا طالبات الخدمة الاجتماعية. انهن يهربن فى كثير من الاحيان من الاشتراك فى مجالات الخدمات أو التنظيمات النسائية أو غيرها.و السبب فى ذلك يرجع للاهل فالبنات فى الحقيقة يرغبن فى ممارسة هذه الاعمال،و لكن القيود التى يضعها الااء و الامهات تحول بينهن و بين ذلك. المسألة أذن تتوقف على توعية الاباء، ثم يصبح المجال اختياريا أمام الطالبات و تحدث الدكتور أحمد زكى فقال: أن العملية ليست تطوعا أو أجبارا، أنما هى عملية وعى. يجب أن تشعر فتاة الجامعة بأن عليها واجبا،و أن تدرك مسئوليتها الاجتماعية فى مرحلة الانطلاق العظيم
و تناولت الدكتورة بثينة عبد الحميد و الدكتور أحمد زكى الحديث عن مرحلة المراهقة الفكرية فى مجتمعنا،و كيف أن دور الفتاة يتطلب منها أن تحارب الارتداد الى الامية أكثر من محاربة الامية نفسها، فأن فتيات القرية اللاتى جازون الثالثة عشرة،و بعدت المسافة بينهن و بين المدرسة، يعيش فى مرحلة الارتداد الى الامية و هذا أخطر من الامية ذاتها.
ثم سأل الاستاذ (ربيع غيث): هل تكون خدمات طالبة الجامعة بأجر أو بدون أجر.؟يقول الدكتور (بدر الدين على) أن فتاة الجامعة يجب أن تقدم خدماتها بغض النظر عن مسألة الاجر،و يمكن أن نقتبس بعض الافكار من المجتمعات الاخرى، فمثلا نعطى ميدالية برونزية للفتاة التى تعلم 20فلاحة. فاذا عملت أكثر، حصلت على ميدالية فضية و هكذا،و بكل تأكيد سوف تسعى الفتاة للحصول على هذه الميداليات التى تكون مصدر فخر و اعتزاز لها.
و انهى الاستاذ (ربيع غيث) الندوة قائلا: أن فتاة الجامعة عندما تخرج لتؤدى دورها القيادى فى مجتمع القرية و المدينة، فانها بذلك تعلم و تتعلم،و تصبح لها أهتمامات أخرى غير المظهر،و تكون لحياتها معايير جديدة لم تدركها قطعا فى مرحلة الدراسة الجامعية. أنها بأختصار ستكون فتاة جامعية، ذات تفكير اجتماعى و سلوك أشتراكى تعاونى.و هذه الفتاة هى النموذج الذى يحتاجه مجتمعنا الجديد فى مرحلة البناء و الانطلاق.
المصدر: مجلة حواء
نشرت فى 28 نوفمبر 2010
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
22,812,239
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش