فى مكتبة الإسكندرية«من مذكراتى أثناء الثورة» .. بعين الكاميرا
كتب:صلاح بيصار
من بين وجوهها العديدة والمضيئة من أجل حياة أفضل .. ومع الجانب السياسي والاجتماعي .. يظل للجانب الفني في ثورة شباب مصر «25 يناير» 2011 مساحة متسعة وعميقة .. فقد افرزت سيلا من الابداعات اللحظية المتنوعة .. لعل أهمها البوستر «الملصق» السياسي الذي كان له دور كبير في تأجيج الحماس وحشد الجموع المشاركة .. مع الأعمال الفنية التي شهدها ميدان التحرير ما بين المجسمات واللوحات الجماعية .
لكن تظل تلك الصور الفوتوغرافية التي التقطها الثوار من الفنانين لما كان يحدث خاصة في اللحظات الحاسمة .. داخل ميدان التحرير وميادين مصر وشوارعها بمثابة سجل التاريخ والخلود.
وإذا كان الفيلسوف الصينى كونوشيوس يقول : «الصورة خير من ألف كلمة» .. فقد جاء المعرض الذى أقيم بمكتبة الإسكندرية بقاعة المعارض الشرقية بعنوان «مذكراتى أثناء الثورة» أشبه بيوميات أو مدونات مصورة .. جسدت روح ثورة مصر .. وجمعت بين التسجيل والتعبير .. وهى تمثل فى مجملها المعنى الحقيقى لعمق الشخصية المصرية والتى كتبت بالنور واحدة من أروع الثورات فى العالم .. جاءت مع بداية الألفية الثالثة .
شارك بالمعرض 46 فنانا وفنانة .. شكلوا شهادات مصورة للعظمة والشموخ والتوثب والانطلاق .. للشعب المصرى بكل طوائفه .
الرسم بالرمال
يتصدر مدخل المعرض عرض «الرسم بالرمال» فيديو ارت للفنان أيمن عبداللطيف .. وهو ينقلنا فى هذا العمل لحظة بلحظة مع الثورة .. فى لوحات الكترونية .. وهى صور تعبيرية ذات إيقاع درامى آخاذ بالأبيض والأسود .. وهنا تطل يد «سلويت» وتقوم الأصابع بالرسم مباشرة على السطح بدون وسيط من قلم أو ريشة أو فرشاة .. تجسد فى شاعرية لحظات الحماس والانتفاضة .. جموع الشباب مع الشعب والعلم المصرى .. مع الدبابات التى كانت الحارس الذى يحمى الثورة .. فى مواجهة عربات الصفيح والغشم والجهالة للنظام الفاسد .. وتنساب الصور فى ثورة تعبيرية وفى النهاية .. تطل كلمة لا نهاية بالانجليزية مع توقيع الفنان .. بمعنى لا نهاية للثورة .. ولن تتوقف من أجل حياة كريمة لكل أبناء الشعب المصرى ، وما أن تظهر الصورة التى تشكلها أصابع الفنان حتى تختفى كالوميض لتظهر صورة أخرى .. مكملة لها .. انها رسوم على الرمال .. أشبه بدقات القلب .. كل هذا مع الموسيقى التى تتصاعد وتهدأ وتتوهج وتخبو موازية للرسوم التى تؤكد أن الثورة ستظل فينا من أجل العزة والكرامة ومجتمع أفضل.
التاريخ يتغير
«لم أكن من الشباب الداعين لثورة 25 يناير.. ولم أكن يوما ناشطا سياسيا ولكن لبيت الدعوة سريعا للمشاركة فى أحداث الثورة كلها وكان يتملكنى الحماس والشجاعة.. وقد استخدمت الكاميرا لتسجيل الأحداث من حولى .. والتى كانت أشبه بالحلم الجميل وأنا أشاهد التاريخ يتغير وأن أكون مشاركا فى ذلك التغيير مع أبناء الوطن.
هكذا يقول الفنان عبدالله داوستاس والذى تعرض للإصابة مرتين فى أحداث ثورة مصر .. المرة الأولى يوم 28 يناير جمعة الغضب، وكانت إصابته الثانية فى 4 مارس حينما كان مع شباب الفراعنة بالإسكندرية وأصيب برصاصة غادرة من أحد القناصة اخترقت صدره وخرجت من أسفل ظهره .. جاءت بمثابة وسام شرف على صدره.
ورغم اصابته قدم مجموعة من اللقطات الفريدة والتى توثق جانبا من ثورة مصر .. وفى نفس الوقت تتألق بنبض الفن .. ما بين اللقطات المقربة «الكلوز» وبين اللقطات البانورامية المتسعة .. ومن بين أجمل تلك اللقطات تلك اللقطة التى تجسد جموع المصلين فى حالة سجود والتى تبدو فى إيقاع تجريدى شديد التلخيص وأيضا التمثال الرومانى الشهير بالإسكندرية ممتطيا الحصان وهو برداء علم مصر.
وتضاف إلى سجل الخلود والتاريخ لقطات ولقطات تؤرخ أجندة الثورة لحظة بلحظة من جموع المتظاهرين المحتشدة فى مليونيات والأعلام التى ترفرف.. كما فى صور الفنان صبرى أبوعجيلة والتى تأخذ أحيانا طابعا رمزيا مثل صورة علم مصر مع مئذنة .. تأكيدا على معنى الوطن .. ويجسد الفنان محمد أبوكليلة تواصل أجيال الثورة من خلال صورة الأم وطفلها مع العلم الذى أصبح أيقونة ثورة مصر .. ومن بين الظواهر الفريدة مشاركة الأطفال فى كل مكان فى الشارع والميدان كما نرى فى لقطة الطفل والعلم للفنان أحمد عطية .
وتنساب الصور .. تكتب هذا الحدث الذى غير حياة الشعب المصرى .. حدث هذا الشموخ والكبرياء .. كما نرى فى أسد قصر النيل والذى يرمز إلى تلك القوة وكأنها قوة أبناء مصر تجسدت فيه.
وفى لقطة طفل صغير يحمل علم مصر فوق لافتة «دم الشهيد لن يضيع» أيماءة إلى الشهيد محمود محمد حسن الذى تظل صورته داخل الصورة .
وفى لقطة يمتد علم مصر بطول السور الطويل لشارع يمتد بلا نهاية ونطالع اللافتات التى تندد بفساد النظام السابق وتحث على الرحيل قبل إعلان التنحى فنطالع : «ارحل» فى كل مكان .. و«من أجل دمائكم لن نترك ميدان التحرير حتى يرحل القتلة» ثم تتغير الصورة بعد الرحيل كما نرى فى «مصر بكرة أحلى .. مصر بعد 25 يناير» وفى صورة نطالع دنيا المحبة رجل يحمل الصليب بيد والمصحف الشريف بالأخرى .. وقد وحدت الثورة بين شقى الأمة .
تحية إلى شهداء مصر وإلى ثورتها.. ثورة غيرت التاريخ والحياة.o
الفنــانـــــــون المشــــــاركـــــون
أحمد القوصى - أحمد المحلاوى - أحمد إسماعيل - أحمد رفيق خليل - أحمد عطية - أحمد وضاح - أحمد محفوظ - أسماء عبداللطيف - أيمن عمارة - إمى الشعراوى - إيمان شكرى - إيمان فؤاد - باسل عمارة - باسم الشاعر - تيمور سنبل - حسن قدرى - دعاء شعراوى - دنيا خالد - رانيا السيد - رأفت عبدالله - صبرى أبوعجيلة - طارق مكروم - عبدالرحمن بدر - عبدالله داوستاشى - عبدالوهاب عصام - فخر السنهورى - مجدى محمود - محسن عبدالفتاح - محمد أبوكليلة - محمد عريقات - محمد نافع - محمد هشام - محمد رفقى عسكر - محمود ياقوت - منال الشيخ - ناجية محرم - نجوى عبدالحميد - هاجر التونسى - هبة البحاوى - هدير المصرى - وسام عبدربه - وسام ماهر - يارا مكاوى - أيمن عبداللطيف
ساحة النقاش