وخـــــــــز الضميـــــــــــر ..

كتبت:نبيلة حافظ

إلي كل نفس مهمومة ومتعبة تبحث عن ملجأ آمن لتلقي فيه بأدق أسرارها .. إلي من يبحث عن مكان للراحة والهدوء النفسي، يتوقف فيه ليتأمل ذاته ويراجع خطواته ويواجه أخطاءه .. نقدم استراحة نفسية لننفض عن النفس همومها ومتاعبها .. فإذا كانت لديك مشكلة نفسية تحيرك .. أرسليها لنا .. نحن في إنتظارك ..

لا يوجد ماهو أقسى على الإنسان من نفسه.. ولايوجد مقابل لما يسمى «الإحساس بالذنب» عند أى من مخلوقات الله .

ولا توجد مخلوقات تعانى صراعات كما يعانى الانسان . وصدق المولى عز وجل عندما قال: «لقد خلقنا الإنسان فى كبد». نعم خلق الإنسان ليعيش عمره كلها يعانى ومعاناته تأخذ أشكالاً مختلفة .. وكم هو واهم هذا الانسان الذى يمر بلحظات زهو وفرح ويتخيل أن الحياة كلها ستكون هكذا .. مبتسمة وضاحكة له إلى النهاية هيهات .. فإنها لحظات قليلة وتأتى المعاناة .. إنها سنة الحياة.. ودستور الله فى الأرض .

ومن بين معاناة الإنسان فى الحياة احساسه بالذنب ذلك الاحساس الذى يراوده فى ظروف معينة ويسيطر عليه ولايفارقه ليسبب له ألما شديدا .

وصاحبة مشكلة اليوم امرأة فى أواخر الثلاثينات.. فقدت زوجها بعد رحلة قصيرة مع المرض.. وبعد فراقه أصبح لديها احساس قوى بالذنب تجاهه .. فهى تتخيل أنها قصرت معه وأنها أهملت فى رعايته وأنها سببا من أسباب وفاته .. لذلك هى تعانى وتشعر بوخز الضمير .

والسوآل الآن لماذا يشعر الإنسان بالذنب؟

التوصيف النفسى لهذه الحالة يقول أنها حالة نفسية تسيطر على الإنسان فى ظروف معينة - مثل حالة هذه الزوجة فالإحساس بالذنب قاتل ولايزول إلا إذا عاقب الإنسان نفسه.. والإنسان هو المخلوق الوحيد الذى يوقع العقاب على نفسه وذلك بأن يقتل نفسه أحيانا.

وهنا تبرز وظيفة الشعور بالألم .. إنها وظيفة الحفاظ على التوازن النفسى وحماية الانسان من التمادى فى عقاب نفسه إلى حد الموت.

ان الألم هنا يعتبر وسيلة لعقاب الذات نتيجة الاحساس بالذنب.. فكل انسان يعانى احساسا بالذنب يحتاج للأمل .

واخطر احساس بالذنب هو ماىشعر به الانسان حين يفقد انسانا عزيزا .. انه يشعر انه مسئول عن فقده .. وكلما كان حبه لمن فقد كبيرا .. كان احساسه بمسئوليته فى فقده أعظم وبالتالى احساسه بالذنب اضخم.

وهذا يعنى احتياجه لأشد أنواع الألم ضراوة ليغسل بها هذا الاحساس بالذنب .

فالألم وسيلة للتفكير .. نحتاجه لنكفر عن أشياء اقترفناها وأشياء أخرى لم نقترفها .

والسؤال الغريب هنا هل حب الانسان خطيئة تستدعى أن يكفر عنها بالألم ..؟

علم النفس يؤكد على أن حالة التكفير هنا ليست عن الحب ولكن عن الكراهية.. فالكراهية.. متداخلة مع نسيج الحب فالانسان عندما يحب انسانا آخر فإنه يحمل له بعض الكراهية .. يكره فيه بعض صفاته.. يكره فيه بعض معاناته معه .. يكره فيه ارتباطه به .. هذا الارتباط الذى يسلبه حريته واستقلاله .. يكره فيه ضعفه الذى جعله لايستطيع الاستغناء او الابتعاد عنه .. وهذا ما يسمى فى علم النفس «الثنائية الوجدانية» ثنائية الحب والكراهية .. فإذا فقد هذا الانسان تثور لديه أحاسيس الذنب ويشعر أن كراهيته له هى المسئولة عن فقده .. يشعر أنه مقصر ومهمل عن عمد وبذلك ساهم فى فقده ويصبح على وشك الانهيار.

وهذا مايحدث مع هذه الأزملة .. شعور بالذنب تحول الى عقاب فى صورة ألم .. والألم عذاب ومعاناة جسدية انها حالة مؤقتة تزول مع الأيام..!!

المصدر: مجلة حواء -نبيلة حافظ
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 1223 مشاهدة
نشرت فى 27 أكتوبر 2011 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

23,156,711

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز