الحب والرومانسية تحت المطر
كتبت :ايمان عبدالرحمن
الضباب يلف الشمس بعيداً.. يعطيها أجازة.. يقول لها ابتعدي قليلاً عن الأرض.. اجعليهم يتلمسون الدفء بطرق أخري..وتنزل الأمطار لتغسل الأرض.. والشجر والمباني وتبلل المارين..وتنزل معها ذكريات قصص حب مضت.. تجعلنا أحيانا نختبئ من برودة الجو.. نتلمس الدفء مع ذكرياتنا.. وأحيانا نمد أيدينا علنا نجد الدفء مع آخرين. نبحث عنه وأحيانا لانجد سبيلاً سوي أن نتمني أن يمر الشتاء سريعاً حتي لايرهقنا بذكريات مضت.. وبين كل هذه المشاعر..يبقي الشتاء ملك الرومانسية عند الكثيرين..وهذا ما حاولنا اكتشافه في التحقيق القادم..
ندى عبد الرازق - طالبة كلية الفنون الجميلة تقول : الشتاء له وضع خاص ، فالبرودة والأمطار كلها أشياء جميلة وأنا عامة أحب فصل الشتاء وتحكى أنها ارتبطت بزميل لها فى الجامعة وهي في الفرقة الأولي. وأول تعارف لهما كان في فصل الشتاء..كانا يجلسان في الجامعة..ويشربان معاً النسكافيه.. وكثيراً ما كانا يركبان من نفس محطة الأتوبيس.. ليصلا إلى محطة المترو معاًَ.. وفى أكثر الأوقات كانت الدنيا تمطر عليهما..كنا نضحك وأنا بطبيعتى أحب المطر والشتاء ولكن بعد ما تخاصمنا وافترقنا.. ظللتت فترة أتذكر الأحداث والذكريات كلما أمطرت على السماء وأنا منتظرة الأتوبيس أو وأنا جالسة مع صديقاتى نحتسى النسكافيه فى الجامعة والجو باردا.. أحاول أن أنسى هذه الذكريات الآن.. ولكنها أحياناً تأتى رغماً.. وأتمنى أن أرتبط بشاب آخر أتشارك معه ذكريات أخرى.
الشاعر نزار قبانى لخص الكثير من المعانى عن مشاعر الحب فى الشتاء والذكريات التى لاتنسى وحالة كثير من العشاق عندما يرتبطون بمن أحبوا فى الشتاء ويفترقون بعدها: فى رسالة الحب رقم (58) فيقول: كلما ضرب المطر شبابيكى.. أتلمس مكانك الخالى.. كلما لمس الضباب زجاج سيارتى.. وحاصرنى الصقيع.. وتجمعت العصافير.. لتنشل سيارتى المدفونة فى الثلج.. أتذكر حرارة يديك الصغيرتين والسجائر التى كنا نقسمها.. كالجنود فى خنادقهم.. نصف لك.. ونصف لى .. كلما علكت الرياح ستائر غرقتى.. وعلكتنى أتذكر حبك الشتائى.. وأتوسل إلى الأمطار أن تمطر فى بلاد أخرى.. وأتوسل إلى الثلج.. أن يتساقط فى مدن أخرى.. وأتوسل إلى الله.. أن يلغى الشتاء.. لأننى لا أعرف ..كيف سأقابل الشتاء بعدك.
وكثيراً ماينجح المحبون فى نسيان ذكريات حب الشتاء.. وينجحون فى تخطى هذه المشكلة.
رانيا محمد طالبة فى الفرقة الرابعة كلية التجارة تقول: أحببت زميلى وأنا فى الفرقة الثانية.. وكان لفصل الشتاء ذكريات جميلة معاً وخاصة يوم عيد الحب.. أذكر أن الجو أمطر يومها وابتللنا وجرينا وذهبنا لنختبئ .. كنا فى حديقة يومها.. وشربنا مشروباً دافئاً.. ذكريات جميلة .. ثم افترقنا .. والشتاء الماضى كان أصعب شتاء مر على.. كنت أتذكر كل كلمة قلناها.. وصوت المطر والبرودة وأشياء كثيرة.. لكن الحمد لله تمت خطبتى فى العيد الماضى إلى ابن عمتى.. وأنا سعيدة جداً.. وتختم حديثها قائلة: ذكريات الماضى نسيتها لأننى أبدأ حياة جديدة .. وأنتظر شتاء دافئاً مع خطيبى هذا العام.
يعبر الشاعر محمود درويش فى قصيدته «لمساء آخر» عن حب الشتاء عندما ينسى ويأتى الشتاء الذى بعده فيحيى ذكرياته السابقة فيقول: قصتى كانت قصيرة.. وهى النهر الوحيد.. سأراها فى الشتاء.. عندما تقتلنى .. وستبكى.. وستضحمك عندما تقتلنى وأراها فى الشتاء.. إننى أذكر .. أو لا أذكر.. العمر تبخر.. فى محطات القطارات.. وفى خطواتها.. كان شيئاً يشبة الحب.. هواء يتكسر.
رمانسية كل الفصول
الموسيقار عمر خيرت يرى أن الرومانسية تكون نابعة من الإنسان نفسه ولاترتبط بفصل معين من فصول السنة، ويقول: كل فصل فى فصول السنة له طبيعة خاصة، فالربيع له رومانسية والخريف أيضاً له رومانسية مختلفة والشتاء جميل أيضاً، وأنا أرى أن الرومانسية تكون نابعة من داخل الإنسان نفسه لذلك ستكون فى أى وقت من الأوقات.
وعن أكثر الفصول التى يفضلها قال: كل فصل من الفصول له جماله وسحره لذلك أرى كل فصول السنة جميلة.
ونسى الشتاء
«ينبئنى شتاء هذا العام / أننا كى نعيش فى الشتاء/ لابد أن نخزن من حرارة الصيف وذكرياته.. دفئاً»
كلمات صلاح عبد الصبور فى قصيدته أغنية الشتاء وهو رأى مشابه إلى حد كبير رأى البعض من أن الشتاء يحتاج إلى دفء لذلك يحتاج الكثير منا إلى الحب فى الشتاء.. ومن هذه الآراء.
الكاتبة وفية خيرى ترى أن الشتاء به رومانسية خاصة.. فيحتاج إلى دفء بطبيعته لذلك فهو يشجع على الرومانسية على العكس من الصيف الذى نضجر فيه من الحر.
والشتاء يحتاج إلى ونس لذلك فهو شاعرى أكثر، ونتلمس الدفء فى الحب فى الشتاء لأن الحب شئ جميل.
واختتمت «واللى مش بيحب ولايجد ونيسا، عليه أن يدور بجد على الحب».
رومانسية الشتاء أم الخريف؟
الكاتبة والأديبة سلمى شلاش لها رأى مخالف فتقول: نعم الشتاء له رومانسية ، فالشتاء يحب الدفء لأنه بطبيعته بارد ويعطى فرصة للإنسان أن يجلس مع نفسه، على العكس من الصيف الذى يتميز بالزحمة والضوضاء.. لذلك فالشتاء يجعلنى أجلس مع نفسى وأفكارى.
لكن الخريف أرى أن رومانسيته أعمق فى نظرى وتضيف : أنا أحب الخريف أكثر من الشتاء فالخريف له سحر خاص وله طبيعة غامضة، فمنظر ورق الشجر وهو يملأ الأرض والشوارع ونتنفس رائحة الشتاء وهى آتية من بعيد لذلك أعشق الخريف برومانسيته رغم أننا نفتقد أجواء الخريف فى بلادنا لكننى أحس به أكثر عندما أسافر، فأحس بكل مميزات وشاعرية الخريف.
ساحة النقاش