أسرار الرجال

رفقـاً بنـا !

كتب :أدهم نور

اعاني هذه الأيام مما حدث مع شبابنا الجميل في مباراة الاهلي والمصري

معاناتي مركبة،فأنا كأي مصري حزين على شبابنا الذين دفعوا دماءهم وأرواحهم ثمنا لحبهم وانتمائهم،لكنني أيضا حزين على صديقي نعم صديقي الذي فقد فلذة كبده في هذه المجزرة البربرية... حزني على صديقي ليس لأنه فقد ولده فقط لكن لأنني اكتشفت أننا كرجال نعاني بشدة من مجتمع لا يقدر حزن الرجال 

يوم المباراة أذكر أن المشكلة بدأت بين صديقي وزوجته فهي تقف في صف ابنها الذي أصر على الذهاب لتشجيع ناديه مع أصدقائه،استطاع أن يؤثر على أمه التي بدورها فعلت المستحيل لتقنع والده،فصديقي كان يرى أن الوضع الأمني لا يسير على ما يرام لذلك فذهاب إبنه في هذه الرحلة يعتبر مجازفة غير محسوبة... طبعا في النهاية انتصرت الأم والإبن وأرغم الأب على الموافقة ... أذكر أيضا كم كان صديقي قلقا مرتبكا بعدما سافر ابنه،كنا معا بالمقهى أحاول أن أطمئنه وإن كنت أنا نفسي أعاني نفس قلقه... تابعنا المباراة معا إلى أن بدأت الأحداث العجيبة... لن أطيل في وصف ما حدث، فكل مصري كان يتابع سيدرك ما هو شعور ورعب أب يشاهد بعينيه ما يحدث ويتوقع أسوأ الاحتمالات لابنه ،بدأ صديقي يصرخ بشكل هيستيري "ابني... قلت لهمايروحش، الولد ضاع يا أدهم ... "يصرخ ونحن نركض صوب بيته لنصل فنجد الأم لا تعلم شيئا فقد كانت تتابع مسلسلا... صرخاته جعلتها تركض تجاه الباب ... المشهد عجيب.. الأم علمت ما يحدث في بورسعيد ، تضرب على صدرها وتبكي وتصرخ "ابني.. حيلتي من الدنيا .. ياترى انت فين يا ضنايا"" وهو يصرخ " قلت لك مايروحش"... فترة عصيبة أحاول أن أهدئ الأمر لكن كيف افعل وأنا أيضا مرتبك... تعاقبت أحداث وانفعالات وترقب واتصالات ... وانتهى الأمر بأن نذهب لمحطة القطار ننتظر جثة الصغير!!!.. كل هذا في كفة وما حدث بعد ذلك في كفة أخرى.. لقد تحول الجميع يواسون الأم يطلبون لها الصبر.. كل من يعرف المأساة يقول"يا عيني على أمه ربنا يصبرها ويصبر قلبها" وكأن الأم فقط هي من فقدت فلذتها... الجميع يحتشدون بجوارها ،حتى صديقي كان مرتعبا عليها،ورغم أنه هو الذي كان يرى الموضوع ببعد نظر فالكل حولها هي...من يقول أنها لابد أن تخرج للعمرة حتى يصبرها ربها، من يوصي زوجها أن يحاول التخفيف عنها وألا يتركها وحدها حتى لا تصب بسوء، من ينصح بضرورة متابعتها... وهو من يقدر ألمه العميق؟ هل لا يهتم أحد بمشاعرنا؟ هل لأننا نعتقل دموعنا ونتوارى بأحزاننا عن الأعين يتصور من حولنا أننا لا نشعر؟... قلت لزوجتي" مسكين مصطفى مصيبته كبيرة قوي" فردت" أمال داليا تعمل إيه؟ دي هي اللي كارثتها كبيرة" فقلت:كيف؟ ألم يكن والد الصغير؟ " فأجابت بلهجة تأكيدية" لا يا أدهم.. دي أم.. عارف يعني إيه أم يضيع منها وحيدها؟؟"... أم؟ وهو أليس أبا؟؟؟ وأتابع بعيني ما يحدث.. الكل حول داليا، من يحاول اطعامها ، من يركض ليحضر لها قدحا من الماء، من يبكي معها... وأرى مصطفى يتسلل بعيدا إلى غرفة المكتب ، ذهبت خلفه دون أن يدري، لم يوقد المصباح، توجه لمكتبه فتح درجا وأخرج منه شيئا ، احتضنه وراح في نوبة بكاء مزقت فؤادي.. رحت تجاهه تفاجأ أنني موجود، شعرت انه في هذه اللحظة يحتاج كتفا يأوي إليه وصدرا يلقي فيه بحزنه، احتضنته وصرنا نبكي معا... إلى أن جاء من أوقد النور... وبدلا من أن تواسينا شقيقة زوجة صديقي نظرت لنا باستنكار وقالت: انتو واقفين هنا ولا على بالكم اللي بيحصل؟؟ داليا فقدت الوعي تعالوا بسرعة بدل مانتو واقفين هنا..... إلى هذا الحد لا يمكن أن يعبر الرجل عن حزنه ولا يمكن لصديقه أن يؤازره؟؟ إلى هذا الحد لابد للرجل أن يؤجل مشاعره؟؟؟ رفقا بالرجال  

المصدر: مجلة حواء -أدهم نور
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 800 مشاهدة
نشرت فى 9 فبراير 2012 بواسطة hawaamagazine

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

20,051,668

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز