نعم نستطيع

كتب :طاهر البهي

عشت طوال عمرى أحترم الرأى الآخر، وأعتبر ذلك من مفردات شخصيتى وتربيتى، وأعتنق الحكمة القائلة «رأيى صواب يحتمل الخطأ، ورأيك خطأ يحتمل الصواب»، وعندما تعرضت لقضية المعونة المصرية كبديل للمعونات المشروطة بشروط لا يوافق عليها الشعب المصرى بكامل أطيافه - بمن فيهم المعارضين والمؤيدين لسياسات السلطة الحاكمة - كنت أراها قضية بديهية سوف يلتف حولها المصريون، بل على العكس من ذلك كنت أضع يدى على قلبى خشية أن تتحول الحكومة إلى معارضة، مستخدمة فى ذلك حق «الفيتو» الذى تحتفظ به الحكومات فى جيب الچاكت، بدعوى أن المعونة المصرية تحمل بين طياتها رفضا للمعونات الأجنبية مما يهدد مصالحنا المشتركة مع الجهات المانحة، وهو مبدأ مغلوط بل هو الذى يعرض مصالحنا للخطر، ولكن مع الأسى والأسف فإن هذا كان هو الدرس والفزاعة من قبل نظام مبارك، الذى كان يميل كل الميل تجاه إذلال الشعب المصرى، فكنا نرى وزراء يرفضهم الشعب يأتون بالمظلات فوق مقعد المسئولية، وراجعوا تربع يوسف والى على عرش الزراعة وآخرين - وزراء - يستبعدون بلا سبب رغم أن الشعب يهتف بأسمائهم النظيفة، والآن فهمنا أن «المصالح المشتركة» كانت هى «اللهو الخفى» الذى يمسك بمفتاح المنح والمنع، وهتفت مع الهاتفين أن تلك المبادرة سوف تكون هى المشروع القومى والحلم الوطنى، وأنه عار علينا ألا نشارك وننظم أنفسنا من أجل هذا الغرض، تماما مثلما وقف شباب التحرير العظيم ينظم حركة المرور دون تعالى، وحينما بدأت المشاركة الفعالة على صفحة الفيس بوك فوجئت بهجوم عنيف عنيد من قبل البعض، اندهشت له فى البداية كما اندهشت لاستمرار صمت حزب الكنبة، ولكن اندهاشى كان أكبر لمن يخوّنون - بضم الياء وتشديد الواو - الفكرة ومطلقيها وحامليها ومروجيها، أرسلت رسائل إلكترونية خاصة للمهاجمين - وكثير منهم مصريون مغتربون - أحاول أن أجرهم إلى حوار دون جدوى، أما المشاهير من داخل وطنى فقد فشلوا فى تبرير موقفهم -، ولكن مع وصول أول رسالة إيجابية لمصرى يعمل بدولة شقيقة عاد التفاؤل .

 نعم نستطيع :

 علما بأننى لست من أنصار الشيخ الجليل الذى أطلق المبادرة، ولكنى متفائل بها للغاية، وسوف أروج لها بين الزملاء والأصدقاء، وعلى من لديه معلومات عن كيفية التبرع ولو بأجر يوم أو أقل أن يوافينا بالمعلومات. ولا تستح من تقديم القليل فمصر بحاجة إلى جهود أبنائها الأوفياء، والذى ينظر إلى قيمة المساعدة الأمريكية التى نذل بها، سوف يكتشف أن الرقم هزيل، خاصة إذا اطلعنا على شروط استخدامه أو الحصـول عليه من الأصل ، ومصر لن تستجدى بعد اليوم، ولا سامح الله من أذلنا بدولارات لا تمثل أى نسبة من موازنة مصر المرهقة.

 هذا الكلام ليس ضد أى من أبناء وطنى، فجميعهم طاهرون، ولكنى أطرحه لأننا بحاجة لأن نصالح الوطن المتخم بالجراح .. ويدى ممدودة لكل من يريدنى جنديا معه بالوقت والجهد .

 نعم نستطيع :

 وإلى من يدعى أن المبادرة تحمل إهانة للمصريين ،لا أفهم عن أية إهانة يتحدثون ؟

 هل كان مشروع القرش لبناء مصنع الطرابيش فى القرن الماضى مهينا للمصريين؟، هل الاقتراض أو السلف أو الاستدانة من المصريين لبناء بلدهم إهانة ؟، أنا معك تماما فى وجود خلل فى النظام الضريبى، و«دلع مِرِئ» من الرأسماليين الطفيليين واستهبال وسرقات لحق الدولة، ولكن الاقتصاد المصرى ينهار والدول اللاصديقة تزغرد شماتة، فما الحل الآن وفورا .. وما واجب المصريين حتى لو كانوا يعانون الأزمات .. هل نتفرج على أنفسنا حتى نكتشف أننا أصبحنا لا نستطيع التنفس .. هل نشمت فى حكامنا .. هل نمد أيادينا استجداء ؟ على كل منا أن يختار .

 نعم نستطيع :

 يا صديقى العزيز الدمث الخلق المثقف، لماذا أنت غاضب إلى هذا الحد؟ غضبك يكشف عن وطنيتك وغيرتك، ولكننا نحتاج إلى أن نعلى من معنويات هذا الوطن، أن نحفز الهمم .. فكر فى فكرة تخدم الوطن ونحن سوف نسير معك بكل ما أوتينا من قوة ومن وهن أيضا .. مصر تحتاج إلى أفكار المثقفين أمثالك .. الكرة فى ملعب كل وطنى غيور.

 نعم نستطيع :

 توحدوا .. تآلفوا .. تآخوا .. تعانقوا وأنتم تنظرون إلى مستقبل مصر .. جاء وقت البناء .. جاء وقت الكشف عن معدن المصرى .. مصر تناديكم .. وسوف نلبى النداء من أجل أبنائنا .. ووحدتنا

المصدر: مجلة حواء -طاهر البهي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 413 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,754,963

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز