كتبت :نجلاء ابوزيد
البطالة.. كابوس المجتمع المصري بكل فئاته.. إلا أن المرأة تحتل المركز الأول في البطالة، حيث تمثل بطالة النساء ثلاثة أضعاف نسبة بطالة الرجال وفقاً لإحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والعديد من المراكز الحقوقية . وحول أسباب البطالة وانعكاساتها الاقتصادية كان هذا التحقيق.
فى البداية تؤكد ريم محمد ليسانس -حقوق - أن فرص العمل تقول: هى الآن محدودة جدا، وتضيف: أى مكتب محامٍ يفضل الذكور على الإناث، وقد قال لى أحد المحامين «هاتتعبى.. إما تشتغلى على مكتب أو تتجوزى وتقعدى فى البيت».
وعملت سناء يوسف -دبلوم صنايع - فى أكثر من مصنع للمنسوجات وتبرر بطالتها قائلة: لم أستمر لأن ظروف العمل قاسية وأتعرض لإهانات كثيرة ولا أحصل على حقى، ولذلك عدت للبيت رغم أن ظروف زوجى الاقتصادية سيئة ونحتاج لعملى بشدة.
واعتقدت منار سعيد -بكالوريوس علوم - أن الطريق مفروش بالورود تقول: حلمت بأنى سأصبح عالمة، لكننى منذ تخرجى من عامين وأنا أبحث عن عمل ولا أجد، فقررت استكمال دراستى العليا حتى أتسلى. بصراحة البطالة أكبر مشكلة لخريجات الجامعة، فحاملات الدبلومات يعملن فى المصانع أما نحن فلا أحد يقبلنا.
الواقع يتكلم:
هذه بعض نماذج للمعاناة من البطالة ، لكن ماذا عن الدراسات التى اهتمت بتناول هذه الأزمة وأثرها على النساء . هذا ما بحثنا عنه، حيث وجدنا أن نسبة البطالة بين الإناث وصلت إلى 50% وفقا لتقرير عن وضع المرأة - صادر عن المركز المصرى لحقوق المرأة، وأن هذه النسبة تتركز فى محافظات؛ الوادى الجديد ، السويس،الجيزة وأسوان، وأنه بالرغم من أن عدد النساء فى مصر بلغ 49% من إجمالى عدد السكان فإنهن لا يحصلن إلا على 13.3% فقط من إجمالى استثمارات خطة التنمية وفقا لما جاء فى تقرير الموازنة العامة وحقوق الإنسان.
أما تقرير منظمة العمل الدولية فقد أشار إلى ارتفاع معدلات البطالة بين نساء مصر إلى 3.23% عام 2009 فيما انخفضت البطالة بين الرجال من 4.5% إلى 2.5% ، وأن نظام الخصخصة أدى لزيادة البطالة بين الإناث. وتركزت غالبية العاطلات من الإناث فى الحضر بنسبة وصلت 68% من إجمالى العاطلات مقابل 32% فى الريف، وقد أكد هذا أحد تقارير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى نهاية 2011 مشيراً إلى أن معدل البطالة بين الإناث بلغ 6.23% خلال الربع الأخير لعام 2011 بينما كان 32% خلال الربع السابق له فى نفس العام وكان 8.22% خلال نفس الربع من العام السابق، وبلغت نسبة البطالة بين الإناث فى الحضر وفقا لنفس التقرير إلى 1.29%، بينما بلغت بين إناث الريف إلى 8.18% وأنه توجد أعلى نسبة للبطالة بين الخريجات من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة بنسبة 2.53% من إجمالى العاطلات، يليها المعاطلون الحاصلات على مؤهلات جامعية وما فوقها بنسبة 7.39%.
من أولى بالعمل:
لكن ما تعليق المتخصصين وتفسيرهم لهذه الأرقام ؛ عن ذلك تحدثنا مع د. زينب شاهين خبيرة التنمية البشرية قائلة:
- معاناة المرأة من مشكلة البطالة أكبر بكثير من معاناة الرجل وذلك لعدة أسباب أهمها : أن المجتمع ما زال يرى أن الرجل هو الأحق والأولى بالعمل، وأن بطالته مشكلة لكن بطالة المرأة ليست لها نفس الأهمية وفى هذا ظلم كبير لأن نسبة كبيرة من النساء يعلن أسرهن.
وتلعب الأمية وتدنى مستوى التأهيل والتدريب بالإضافة للعوامل الاجتماعية والثقافية السابق ذكرها دورا أساسيا فى زيادة نسبة البطالة بين النساء ثلاثة أضعاف نسبتها بين الرجال، خاصة وأن البرامج التى تعد لتأهيل وتدريب النساء للالتحاق بسوق العمل ما هى إلا مجهودات لمؤسسات المجتمع المدنى، ونصحت شاهين بضرورة تشجيع المرأة على إقامة مشروعات غير تقليدية خاصة مع انتشار تأنيث الفقر والبطالة وضرورة صياغة إستراتيجية تضمن تنمية قدرات المرأة ومهاراتها لتتواكب مع العصر.
ويتفق معها د. حمدى عبدالعظيم - أستاذ الاقتصاد ورئيس أكاديمية السادات الأسبق - قائلا:
معدلات البطالة بين الإناث زادت جدا فى الفترة الأخيرة، حيث انخفضت نسبة مشاركة المرأة فى قوة العمل وفقا لبعض الإحصاءات إلى 19%.
وأضاف: إن القطاع الخاص عادة لا يميل لعمالة الإناث حتى لا يتحمل تكاليف الإجازات التى منحها لهن القانون، ولأنه يرى أن تدريب الفتيات للعمل غير مربح لأنها ستتزوج وتنشغل بأسرتها، وأكد على أهمية التمكين الاقتصادى للمرأة حيث يلعب دورا كبيرا فى تحقيق الازدهار والتنمية الاقتصادية، واستقلال الطاقة الإنتاجية للمرأة فى المجتمع من خلال إتاحة فرص عمل لها، ويتوقع د. حمدى أنه إذا تحسنت الظروف الاقتصادية وتحولت إلى الإنتاج مع تحسن الأوضاع الأمنية ربما يكون هناك فرصة حقيقية للاستفادة من طاقة الإناث والقضاء على البطالة التى ما زال يتعامل المجتمع معها على أنها قضية ذكورية لا قضية عامة
ساحة النقاش