علي منصب رئيس الجمهورية
ظاظا وجلجل والحانوتى..يتنافسون
كتبت :سمر الدسوقي
مطرب شعبى وحانوتي وميكانيكي وضابط مطافئ ومنتسب للعائلة الملكية السابقة يحلم بإعادة الملكية..هؤلاء نماذج من الذين تقدموا حتي الآن لخوض انتخابات رئاسة الجمهوريةوتجاوز عددهم الـ600 مواطن، ضمنهم عدد من الرموز السياسية ذات الثقل والتاريخ السياسي، بالرغم من صعوبة الشروط الموضوعة للانضمام لهذا المارثون والتي تتطلب الحصول علي تأييد رسمي وموثق من 30 ألف مصري علي الأقل ينتمون إلي 15 محافظة، أو تأييد 30 نائباً من البرلمان بغرفتيه الشعب والشوري، وهو ما يعد أمراً شديد الصعوبة، لكن علي الرغم من ذلك أقدم الكثيرون في الأيام الأولي لفتح باب الترشح علي سحب الأوراق، وبدأت ملصقاتهم تغزو الشوارع العامة بل وأصبحت لهم صفحات خاصة علي مواقع التواصل الاجتماعي..تعالوا نعرف ومن قرب حقيقة مايحدث
أعداد ليست بالقليلة بدأت منذ إتاحة الفرصة للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية فى الإقبال على خوض التجربة، رغم أن أغلبهم لم ينخرط فى العمل السياسى من قبل، من بعيد أو قريب، وهو ما ظهر بوضوح فى برامجهم التى أعلنوها فى ملصقات فى الشوارع أو من خلال صفحات الفيس بوك وتويتر.
فبعضهم يعلن استعداده لإصلاح «الكاوتشوك» مجاناً للمواطنين بحكم عمله فى هذا المجال، والبعض الآخر يعلن أنه سيلغى «الفالنتين» لأنه ليس عيداً دينياً، وهناك آخر يعلن أنه مخترع «الفيشة» الكهربائية، وآخر يحلم بإعادة مصر للحكم الملكى لأن اسمه أضيف إليه اسم الملك المخلوع فاروق كناية عن عشقه له طوال حياته، فهل ما يحدث هنا نوع من الديمقراطية أو عشق الشهرة، أم أنه رغبة أكيدة فى خدمة البلد، أو وسيلة لتجربة الجديد، أم أنه يقلل من هيبة ومكانة هذه الانتخابات التى تعد واحدة من أرفع الانتخابات المصرية مكانة؟..!
لكن كيف يرى المجتمع هذا الإقبال الشديد على الترشح لهذا المنصب؟!
فى البداية تقول مارجريت عازر- عضوة مجلس الشعب والمجلس القومى للمرأة-: رغم أن هذه الظاهرة تعتبر غريبة بل وغير مستحبة، ولكن لها جانبها الإيجابى وهو إتاحة الفرصة أمام أى فرد ليمارس حقه الدستورى، فهذه النماذج وغيرها ممن هم بعيدون عن الحقل السياسى، تدرك جيداً أنها لن تنجح ولكنها تعيش تجربة ثرية أول مرة يشعر بها المصريون، بل ولم يكونوا يحلمون بها، وبالتالى فهذا الأمر جيد لأنه يؤكد أن الشعب المصرى عنده شغف الممارسة، وبدأ يحتفظ بحقوقه.
الجعان وسوق العيش!
ويقول د. إسماعيل إبراهيم - مدير تحرير جريدة الأهرام- أن ما نعيشه هو مأساة وملهاة فى نفس الوقت، فهو كالجعان الذى يحلم بسوق العيش، فهناك بعض البسطاء ممن يتصورون أن خوضهم لهذه الانتخابات سيجعلهم يعيشون فى نفس نعيم الثراء الذى كان يعيش فيه مبارك وأتباعه، والبعض الآخر الذى أصبح كالعفريت الذى انطلق من مصباح علاء الدين يشعر أنه تقيد كثيراً وأصبح من حقه حالياً أن ينطلق ويمارس حقه ويحلم، ثم الجانب الثالث وهو الذى لديه ميول للشهرة، وهناك مجموعة أخرى تعيش حالة من الطمع وعدم التصديق لما يحدث ، وتحلم بخوض التجربة حتى تتأكد أنها صحيحة وأنه كإنسان لايضحك منه ولايتم خداعه كالعادة، ولكن وللأسف لم يكن هذا ما نحلم به ونخطط له من خلال الثورة.
إيجابية
بينما تؤكد ليلى الألفى -من جمعية هدى شعراوى- والسكرتيرة العامة للاتحاد النسائى المصرى:- إن ما يحدث من وجهة نظرها وحتى وإن كان هؤلاء المرشحون ليس لهم باع فى العمل السياسى، فهو أمر يدل على الديمقراطية بل ويؤكد على حرية الرأى والتعبير، حتى وإن فشل هؤلاء المرشحون فى الحصول على تأييد الـ 30 ألف صوت مصرى المطلوبين فى التوكيلات أو الـ 30 نائباً برلمانىا، لن يكون الأمر سلبياً بل سيؤكد على أننا جميعاً قد تغيرنا وأصبح من حقنا أن نتنفس ونعبرعن رأينا ونظهر على الساحة دون خوف.
أزمة إعلام
ويقول حسين عبد الرازق - عضو مجلس رئاسة حزب التجمع- هناك ظاهرة اجتماعية بأن أى شىء يلقى الإعلام عليه الضوء، يحظى بإقبال الأفراد العاديين ورغبتهم فى المشاركة فيه من باب الشهرة، لذا فأنا متأكد أن هذه النماذج، والتى لا تشارك فقط فى انتخابات الرئاسة ولكن يظهر بعضها فى الانتخابات البرلمانية وانتخابات النقابات، ترى أن احتفاظها بنسخ من جريدة يحوى اسمها كاف لكى يكون لها وجود وتستخدم الوسيلة الإعلامية التى ظهرت فيها للشهرة ولتحقيق مكانة أكبر فى مجال عملها، ولكنى متأكد أن هناك 16 شخصية أخرى لها رؤية سياسية وتخوض هذه المعركة لبرامجها السياسية القوية وهو ما يعنى وجود تنافس حقيقى ونتائج ستعبر عن ما يحلم به المصريون للمرحلة المقبلة.
إضاعة للجهد!
وتنظر د. ليلى البيلى - عضوة مجلس إدارة الغرفة التجارية بالقاهرة- للأمر على أنه إضاعة للجهد والمال والوقت وكذلك الإمكانيات ، كما أنه إذا كان يعبر عن الديمقراطية فهو يعكس بصورة أو بأخرى واجهة عن هذه الانتخابات لانرغب فى أن تصل للآخرين، لأنها أول انتخابات حقيقية تعيشها مصر على مستوى الرئاسة منذ فترة زمنية طويلة، وبالتالى فالأمر يحتاج ومنذ البداية إلى وضع قيود أكثر تحجم من إقبال هواة الشهرة على المشاركة فيها.
وهو نفس ما تؤكد عليه جمهورية عبد الرحيم -النقابية العمالية- قائلة:ـ قد يعتقد البعض أن مايحدث هو ممارسة حرة للديمقراطية، ولكنى أراه غير ذلك، فهذا المنصب ليس كأى منصب آخر فى الدولة، ومن يتقدم إلية لابد وأن يكون مؤهلاً من حيث الشكل والموضوع والاستعداد السياسى، فمصر بلد ذات مكانة رفيعة، وبالتالى فمن يخوضون انتخاباتها الرئاسية لابد وأن يكون لهم تاريخ سياسى عريض ويكونوا انعكاسا لصورة مصر، حتى وإن لم ينجحوا، ولكن كيف يمكننى تقبل الأمر من شخص ليس لديه تاريخ سياسى أو برنامج مفيد أو معنى فى الأساس بالشأن المصرى، وبقضايانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، علينا وأن نحد من هذا بتطبيق الشروط المقننة منذ البداية حتى نحافظ على مكانة هذه الانتخابات.
حراك مجتمعى
وعن هذا الوضع وهذه الظاهرة تقول د. نادية عبد الفتاح - أستاذة علم الاجتماع بجامعة القاهرة:- هو بالتأكيد حراك مجتمعى حتى وإن كانت له بعض الجوانب السلبية، فالبعض يمارس الأمر من باب الشهرة وكسب الأضواء، والبعض يحلم بأن يكون له صوت ويمارس حقه الديمقراطى ويعبر عن نفسه وعن أقرانه من المهمشين، وفى كل لا نستطيع القول إن الأمر سيء لنا أو لمجتمعنا، بل على العكس هو يدل على أن مجتمعنا يتغير، بل وأفراده يسيرون نحو الأفضل وتتغير رؤيتهم لأنفسهم ولوطنهم، وعلينا أن ندرك أن البقاء دائما سيكون للأفضل وللأكثر تأثيراً وتواجداً وثقلاً سياسىاً فى أى انتخابات، لذا فلماذا نحلل فى الأمر، علينا فقط أن نسجله للتاريخ وننظر لجانبه الإيجابى، بل وننميه فى شخصية المواطن المصرى البسيط ، الذى صنع الثورة وقرر أن يشارك فى كافة تداعياتها وتفاصيلها فى ما بعد
ساحة النقاش