الحمى القلاعية تهدد مصر
كتب :حسن محمد
فجع داء «الحمي القلاعية الثروة الحيوانية في مصر بخسارات فادحة، انعكست سلباً علي المواطن المصري، فارتفعت أسعار الأسماك والدواجن والألبان ومنتجاتها وغيرها.. الأسباب وراء هذا الداء وانتشاره أخيراً، كثيرة منها ما هو مرتبط بالفلاحين أنفسهم حيث الرغبة في ازدياد النسل والإنتاج الغذائي باستيراد ماشية و«حقن» تلقيح صناعي وغيره، ومنها ما يرتبط بإهمال وزارة الصحة عن متابعة الثروة الحيوانية والحفاظ عليها، والآن الأمر لم يعد مجرد «داء» بل أصبح أزمة تضيف عبئاً جديداً علي الأسرة المصرية، ولهذا قامت «حواء» بمتابعة الأمر وزارت المضارين، والمتخصصين للتعرف علي ما يجري
«جسم البهيمة يسخن، وعينها تدمع، ويحدث لها رقاد تام».. هكذا وصفت إحدى فلاحات قرية سايلة - محافظة الفيوم - أعراض إصابة الماشية بالحمى والتى عاشتها شخصياً مع إحدى بهائمها، وأضافت: حين نجدها «راقدة» اليوم بكامله نعرف مباشرة أنها أصيبت بالوباء، نبدأ فى اجراء العلاج ونصبر عليها ثلاثة أيام فإن صحت نبدأ التعامل معها بشكل طبيعي، من إطعامها وحلبها، لكن المخيف فى الأمر إذا ظلت على ما هي عليه، حيث يعني الأمر أنها قد أصيبت بالداء ولا أمل فى شفائها.. نبعدها عن القرية كلها حتى «تنفق» وحدها، حيث أنه إذا شرب منها ابنها أو ابنتها.. «تنفق» هى الأخري، فالأمر يستلزم إبعادها نهائياً.
ويضيف الحاج محمد مزارع ومربى ماشية: البهيمة تبدأ «ترول» وتصاب بورم فى ضرعها وتشقق فى أظافرها وتقشف فى لسانها وانقطاع تام عند الحركة ومباشرة أى نشاط، مما يؤكد الإصابة بالحمى القلاعية.
يرجع سبب المرض لاستيراد البقر «الفريزيوم»، و«المجنّس» لأن لحمه وضرعه كثير، وأيضاً نتيجة حقن التلقيح الصناعى «التعشير».
ويصف الحاج إسماعيل - رئيس سابق لإحدى الجمعيات التابعة للثروة الحيوانية بقرية سايلة محافظة الفيوم - أعراض الإصابة بالحمى.. بضربة شمس تصيب رأس الماشية، مع «ريالة» وعدم قدرة على السير وأظافر تتفتح وتتشقق، خاصة العجول الصغيرة والتى يبلغ عمرها شهر، أو شهرين حيث نسبة اصابتها 50% وكذلك نسبة الشفاء؛ أما مع الكبيرة فنسبة الإصابة والنفوق من 2 إلى 20% والشفاء 80% حيث يكون «العجل» زنة 350 كيلو يفقد منهم 50 كيلو خلال ثلاثة أو أربعة أيام، كان فى الماضى يأتى فريق من الطب البيطرى يرش «الحظائر ويحصّن البهائم مرتان فى العام والرش كل ثلاثة أشهر، وكان هناك تعويضاً نحصل عليه إذا ما نفقت بهيمة حد منّا، بالإضافة إلى «كثب» وألواح علف لكل مربٍ كل ذلك كان يأتينا من هيئة الثروة الحيوانية، أما الآن فلا يأت لنشيء من هذا، ويتكبّد ويتحمل الفلاح والمربّى أعباء إصابة وفقدانه لماشيته.
ويؤكد محمد عبدالقوى - كبير مربّيى الماشية قرية سايلة مركز الفيوم محافظة الفيوم - على أن الموجة الخماسينية هى التى عملت على نشر المرض، قائلاً:
الحمى القلاعية «فيروس» فى مصر منذ سنوات، فقد كانت الهيئة العامة للخدمات البيطرية تأتى بلقاح من معهد المصل واللقاح بالعباسية، وتوزّعه على الوحدات البيطرية لتحصين المواشى مجاناً حتى يناير 2006 إلى أن تحوّرت فيما تُعرف «عترة» جديدة من الحمى حصدت معها 50% من نسب وأعداد الماشية على مستوى المحافظات للدرجة التى معها أصبح لقاح معهد المصل لا يفيد مع «العترة» الجديدة، فقد كان فى مصر لقاح سداسى العترات يُستورد من فرنسا والآن لا يوجد.
ويُرجع عبدالقوى السبب الرئيسى لوجود العترات الجديدة فى مصر إلى استيراد الحيوانات الحية حيث مضاعفات الحمى من التهاب رئوي، ولا هوائيات.. لذا لابد من توافر اللقاحات التى تتلاءم والحالات فى مصر لأن اللقاحات وكما قال عبدالقوى «الرصيد الاستراتيجى لمصر».
فيروس يحمله التراب من «لعاب» «دابة» مصابة بالحمى ولمسافة 150 كيلومتر لتلتقطه أنوف البهائم الصحيحة فتصاب بعدوى الحمى القلاعية.. مفهوماً أوضحه د. خالد زين - طبيب بيطرى مركز حاتوم محافظة الفيوم - محذراً وبشدة من التحصين أثناء انتشار المرض.. هذا التحصين الذى ينادى به الكثيرون، معللاً تحذيره بأن الحيوانات عرضة للإصابة بالمرض الذى يعتبر حملاً زائداً على الجهاز المناعى للحيوان حيث تعد هنا جرعت مُمرضة تتفاعل مع الجرعات الفيروسية يصبح معها الحيوان «عرياناً»، ويعطى د. خالد روشتة وقائية ومن ثّم علاجية لمربييّ الماشية بالأكل المتميز، وعدم إجهاد الحيوان بالمشاوير البعيدة والتنشيف دوماً تحت أقدامه حفاظاً على صحته. ولحماية بنى البشر بغسل أيديهم وما يستخدمونه من أوانٍ وأغراض بالقلويات كالصابون والكربونات وكل ما هو مطهّر قوي، بالإضافة إلى الابتعاد عن الحيوان المصاب. وأكد الطبيب خالد زين على عدم التخوف من «لحم» و«لبن» البهيمة المصابة، المهم «غلي» كل منهما جيداً جداً والوصول باللحم إلى درجة «تسوية» فائقة. وكذلك اتفقت معه د. أمل حسّان - طبيبة وصاحبة صيدلية بيطرية - بالفيوم - والتى نادت ونصحت بالاهتمام الكامل بالنظافة بالنسبة للبشر وللماشية. لتبقى الحمى القلاعية محط اهتمام الناس إلى أن يُقضى عليها.
وأكد د. محمد عياد - أستاذ كلية طب بيطرى جامعة القاهرة - أن تأثير المرض على صحة الإنسان يعد ضعيفاً قائلاً: الحمى القلاعية فيروس متعدد الأشكال منه الإفريقى والآسيوى وظاهر بوضوح فى كل الحيوانات ذوات «الأظلاف» وهى «الأظافر»، وتلك الحيوانات هى «البقر»، و«الخراف»، و«الخنازير»، و«الماعز»، وكلها تُعدى وتصاب بالحمى القلاعية.
أما بالنسبة لتأثيرها على الإنسان بيّن د. عياد أن الأكثر تعرضا للعدوى هم الجزارين، والمتعاملين كثيراً مع اللحم النييء
ساحة النقاش