لعبة التوقعات

كتبت :ايمان حسن الحفناوي

 

لماذا يحدث الطلاق؟ لماذا تتغير القلوب؟ لماذا ينكسر الحلم؟

 وبعدما ضمتنا صورة زفاف يصبح مصير العلاقة «طلاق»؟

 سيجيب كثيرون أن السبب في الطرف الآخر لأنه لا يستحق الحب.. حسنا. من هو الشريك الذي يستحق الحب؟

 هو الممهور بالرحمة المسكون بالتعاطف المدموغ بشعار صنع من مركبات النبل، هو الانسان الذي له تاريخ ابتداء ولا يمكن أبدا أن يحمل تاريخ انتهاء فالشريك الحق ليس له تاريخ لانتهاء الصلاحية فهو موجود وإن غاب، وباق حتي لو تخلت عنه أوراق التقويم، ومستمر حتي مع انتهاء مدة إقامته في الحياة.. هذا الإنسان لن يفرط فيه شريكه ابدا، انه الذي تتسع ابتسامته الدافئة لتفتح لنا ابواب الأمل، هو الذي يسري صوته ليلمس الاشياء فتضيء، هو الذي يعامل شريك حياته كأنه طفل صغير، يأخذ بيده، هو الذي يمثل صدره وطنا آمنا وعيناه مدنا لا تعرف القسوة وأذناه مرفأ متاعبنا وراحتاه عشنا الهاديء ووجوده هو كل الوجود، غيابه حضور، وحضوره احتفال كوني، صمته تفكر وكلماته نجوم تدلنا علي الطريق، هو الذي يشعر شريكه في وجوده بالعزة والثقة، وبعيدا عنه يصبح كيانا تائها ينتظر عٌشاً ومدفأة.

 اري كثيرين عندما يقرأون هذا التشبيه يقولون وهو فين الملاك ده؟

 موجود لكن ظروف الحياة من حولنا قد تجعلنا متحفزين مرهقين فتضيع أحلي ملامحنا تحت أقنعة الضغوط، مشكلتنا ان كل طرف قد يتصور انه هو فقط الذي يعاني، من هنا تبدأ لعبة التوقعات فالزوج يريد زوجة تتحمل ارهاقه وقلقه، والزوجة تنتظر تقديرا لما تبذل في سبيل اسرتها، كل طرف ينتظر لكنه لا يبدأ هو بالخطوة الأولي في طريق الاقتراب، هذا هو ما يبعدنا، عندما تزفنا الأحلام ونحن مقبلون علي حياة زوجية جديدة، يتصور كل منا أنه ارتبط بملاك وينسي انه إنسان فلابد من الارتباط بانسان مثله، المرأة في ثوب عرسها لا تعرف الكثير عن هذا الذي يجلس بجانبها لأنها لم تتعامل بعد مع عادات الرجل، لا تعرف دنياه فهي لم تره مكفهر الوجه منتفخ العينين تركض خصلات شعره علي جبينه بعد ليلة من الأرق، لم تتعامل مع غضبه الذي يفرغه في أشياء تافهة لا تستحق الغضب، لا تعرف معاناة رجل يتعرض لمشكلات حاسمة في عمله يخفيها عن أهل بيته، اشياء كثيرة تجهلها الفتاة حتي ولو عايشتها من خلال رجال عاشت معهم مثل والدها وأشقائها ، حيث غرورها الإنساني يزيف لها الحقائق فتتصور أن فارس أحلامها الذي اختارته ليس كباقي الرجال، وعندما تحيا معه تكتشف انه ليس كما تصورت فتحاسبه علي أحلامها وتنسي أنها هي ايضا لم تكن فتاة الاحلام التي تصورها، لأنه هو الآخر كان قد وضع لها تصوراً واصبح يحاسبها علي أحلامه.. لقد تصورها عصفورا رقيقا لا يغضب أبدا ، لا يثور، حورية في جمالها ورقتها لم يخطر بباله أنه سيراها أحيانا «منفوشة الشعر» وأحيانا تصرخ، وتنتابها نوبات اكتئاب،.. مشكلتنا أننا نضع سيناريوهات لأفلام رومانسية ونتصور أنها صورة مصغرة لما ستكون عليه حياتنا وعندما يصدمنا الواقع لا نحاول أن نعدل توقعاتنا بحيث تصبح منطقية ، بل نرفض الواقع ونتصور أننا وحدنا من أصابنا سوء الحظ.. مشكلتنا أننا قليلا ما نحصي مميزات الشريك والأخطر أننا لا نحصي عيوبنا.. والمشكلة الكبري أن كثيرين يفتقدون موهبة المصارحة والحوار ومحاولة الوصول لمنطقة تصلح لنا معاً. أن تقبل شريكك كما هو فن لابد من إتقانه. وحتي تقبله كما هو لابد أن تعرف نفسك أولا وتفهمها جيدا، وإذا فهمتها ستفهم شريكك وإذا فهمته ستتقبله كما هو .. ولأننا لا نسير في هذا الدرب بخطواته هذه فلا نتيجه إلا الانفصال، الذي قد يكون عاطفيا بأن يحيا الزوجان غريبين تحت سقف واحد، أو ينتهي الأمر بالطلاق، وهو ما نعرضه علي صفحات عددنا هذا..افهم نفسك وتقبلها وافهم الآخرين وحاول تقبلهم «تحلو» حياتك

المصدر: مجلة حواء -ايمان حسن الحفناوي
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 673 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,802,480

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز