لا تستحقين ذلك.. معذبتى

كتب:عمرو سهل

كنت أنتظر لحظة رؤيتها مارة من هنا او عائدة من هناك صادقت شقيقيها، واعتبرت ذلك مرسال الثقة، وأن يكون حسن طباعي شفيعاً لي في حديثهما معها عني، عرفت معها معني الانجذاب وأيقنت أن للقلب سلطانا على صاحبه إذا أمر فمن الصعب أن ترفض أوامره وتقاوم فرماناتهl

وأذكر لقائي الأول بها عندما دق جري باب بيتنا لينكشف الباب خجلا أمام أدبها ورقتها وغموضها السفاح، وهي تحمل بين يديها طبقا من الحلوى، كان بمثابة كارت التعريف بجارتنا الجديدة التي أيقظت بداخلي مشاعر كنت أظنها من صنائع الشعراء ولطالما كنت أسخر منها واعتبرهم رجال أصيبت مناعتهم الرجولية الداعية إلى الضبط المشاعر والسيطرة على القلوب لكن أدركت خطئي وكم كانوا أرق مني وأكثر استمتاعا بالحياة.

انكشف الباب عن معذبتي ولا أعرف لماذا توقفت الأرض بي عن الدوران؟ وكيف ذهلت عما في يدي كما تذهل المرضعة عن وليدها يوم تقوم الساعة؟ شعرت وقتها أن جزءا مني انفصل، وتجسد في روحها التي شغلتني دون سابق إنذار أو تحذير.

وانخلع قلبي بإغلاق الباب، وبدأت أتساءل في إلحاح مزعج من هذه يا أمي إنها تبدو زهرة نبتت في بيت مصري يشبه بيتنا، وهنا تعجبت أمي من إلحاحي وذكرتن بأدب الجيرة وأنها يجب أن تكون كأختي بل أكثر.

لم أستمع لكلماتها التي بدت لي غير منصفة وغير مدركة لما أصاب قلبي من محياها، وبقيت على شباك نافذتنا أرقب مرورها أو ظهورها، ولا أعرف كيف كنت أتصرف كالصبيان، لا أعرف فقد كنت مدفوعا إليها كاندفاع الفراش إلى اقتحام النار.ومن هنا بدأت أفكر ولماذا لا أتناول حبتين أو اثنتين من حبوب الشجاعة لأصارحها بما أصايتني به، لعلنا نتشارك ذلك الشعور.

وتلقيت برنامجا تدريبيا مكثفا في فنون التتبع والترصد تمهيدا للمهمة الاستكشافية التي لم أعهد فنونها من قبل، وجلست خاف الباب أتابع من عينه السحرية وقع الأقدام على السلم، لعلها تكون هي وتحقق النجاح إذ رصدتها تغادر باب البيت، وكانت خطواتها تدق في أذين قبل أن تلمس الأرض.

قررت النزول خلفها فما أشعر به حقيقي وجدير بإعطائه فرصة للنجاح، وأسكت صوت أمي بداخلي الذي يتردد صداه " يجب أن تعاملها كأخت لك"....... ومنحني شيطاني الحجة لدحض شكوك أمي، وسمعت صوتاً يتردد بداخلي "أنا راجل محترم ولن أفعل ما يسيء إلىّ وإلي جيراني.

سرت وراءها وكلما هممت بالتلفظ بالكلمات التي ظللت طوال الليل أنظم حباتها في خيط لساني أتعثر وأتراجع وأبدو كالكتكوت المبتل، كما يقولون، وعدت إلى المنزل لاعنا خجلي وقلة خبرتي وارتباكي الذي أصبح كالمانع المائي أمام من لا يجيد السباحة.

وقررت أن أخوض المعركة بالوكالة وطلبت من أمي التحدث مع امها لطلب يدها وبعد إلحاح تواصل لأيام أقنعت فيها أمي أن تقدم على هذه الخطوة فعلت أمي ما أريد ويا ليتها ما فعلت، فقد جاء الرد مخيبا لآمالي وأنني لست مستعداً الاستعداد المطلوب لتكوين أسرة ولحظتها شعرت أنني أعاقب بتهمة لا ذنب لي فيها ودارت الأيام لأتزوج بغيرها وتتزوج بغيري، وبعد عامين من زواجي تلقت أذناي كلمات الشفقة على ما أصابها، فقد طلقت معذبتي وتلقيت ذلك بشعور حزين يستند إلى أطلال حب أماته الفقر في مهده ورددت قائلا :هي لا تستحق ذلك ..هي لا تستحق ذلك .لكن ما اندهشت له إنني اتجهت للنفس الشباك أنتظر رؤيتها .. .فهل أنا مجنون شاركوني بالإجابة

المصدر: مجلة حواء- عمرو سهل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 539 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,849,041

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز