زوج فى مصيدة الحب

قلب .. أتلفه الهوى

 

كتب:عمرو سهل

ورطة هي عندما تتحرك دعائم قلب رجل متزوج لتتحرك معه أركان زواج ليصبح علي شفا جرف هار .. وقد يكون الأمر مقبولا إن كان الزوجان لايعيشان علي وفاق، ولكنه يزداد صعوبة إن شرخ الحب الوليد جدار زوجين يعيشان حياة نموذجية لاتعرف نزاعا أو شقاقا.

وكيف تدرك المرأة مبكرا انفلات عقال قلب زوجها وخروجه خارج نطاق الأسرة وكيف تتعرف في حالة فشلها في التنبؤ بذلك وهل يمكن أن يكون الحب الوليد محل تفاوض بينهما؟! حاولنا خلال السطور التالية رصد المشــكلة ومحـــاولة نقاشها 

الزوجة : لم تعد ذلك الرجل الذى أحببته ؟

بعيون زائغة يرد الزوج : ماذا تقصدين؟

الزوجة : لم أعد أشعر أنى أمثل شيئاً فى حياتك .

يدخل الزوج فى لحظات صمت مثبتاً عينيه صوب زوجته:

أظن أن حبنا جار عليه الزمن فأفقده بريقه .. لكننى مازلت أحترمك .

ترد الزوجة مذهولة بصوت الخوف والترقب : هل هناك امرأة أخرى وحب آخر .. كن شجاعا وأخبرنى .

الزوج : نعم .. فقدت السيطرة على دفة قلبى لتختطف سفينته امرأة أخرى .. ساعدينى .. خلصينى من هذا العذاب.

عزيزتى القارئة ماذا لو تحرك قلب زوجك إلى امرأة أخرى هل تغفرين له ؟ هل تساعدينه ؟ أم تغادرين حياته بلا رجعة ..

دعونا نتعرف على الإجابة من أهل الاختصاص: وقبل مناقشة هذه القضية لابد أولا أن نتعرف على كيف يحب الطرفان الرجل والمرأة، وعن ذلك يحدثنا الدكتور عادل إبراهيم - أستاذ الطب النفسى - قائلاً : إن من الخصال النفسية لدى الرجال أنهم عندما يمرون باضطرابات لا يتكلمون ولا يفصحون عما يشغلهم بل قد يلجأ الرجل إلى دائرة من العزلة للبحث عن الحل وإذا لم يجده يلجأ إلى وسيلة تبعده قليلا عن أزمته كقراءة صحيفة أو غير ذلك .

وهنا على المرأة أن تفهم أن أى ابتعاد للرجل عنها ليس شرطا أن يكون دليلا على الكراهية، بل قد يكون أمراً آخر ومن الضرورى أن تدرك المرأة أن ابتعاد زوجها رغم قناعتها بمحبته وتقديره لها ليس عن عمد بل هو صفة تلازم الرجال.

شكل العلاقة

وتقوم العاطفة فى قلب الرجل على الحب المبنى على الثقة به وتقدير جهوده، وعلى الجانب الآخر تريد المرأة الحب القائم على الرعاية وتقدير وتفهم مشاعرها، فالرجل يريد دائما أن يشعر أن زوجته تقدر ما يبذله من أجلها وما يقدمه لإسعادها كما يحتاج الرجل أن يعطى طوال الوقت الدافع القوى لامرأته للبذل والعطاء، وفى الوقت نفسه تحتاج الزوجة إلى استمرار طمأنة الرجل لها.

كيف أكتشف ؟

وهنا يكون التساؤل عن الطريقة التى تدرك من خلالها الزوجة أن زوجها مشغول بغيرها يقول د. إبراهيم : هناك علامات شهيرة ومنها أن يصبح الزوج أكثر تلبية لرغبات شريكة حياته بل وأقاربها وذلك يرجع إلى شعوره بالذنب خاصة فى بداية نشأة حبه الجديد فى قلبه، وتملك المرأة من الخصائص النفسية ما يجعلها تشعر أن زوجها ليس كما اعتادت عليه، ومع مرور الوقت فى البدء فى علاقة جديدة يصير الزوج كثير الشجار يفتعل أى خلاف لترك البيت ويضطرب مزاجه فتارة يكون سعيدا وأخرى حزينا .

وقد تلاحظ الزوجة أنه بات أكثر ميلا للصمت غير متفاعل بالحديث أو المواقف والمشكلات التى تواجه العائلة ومن الممكن أن تظهر عليه علامات الشعور بالذنب إذا قامت الزوجة بأى بادرة حب أو تصرف إيجابى يعبر عن الاهتمام أو المحبة .

عوامل

ويتحدث د. عادل إبراهيم عن بعض العوامل التى تدفع الزوج إلى الحل الأسهل فى اعتقاده وهو الخيانة يقول : هناك عدة عوامل إذا انفردت أو تجمعت تؤدى بالرجل إلى التفكير فى علاقة خارج إطار الزوجية منها التباعد النفسى والعاطفى بين الزوجين الناتج عن عدم تغير نمط العلاقة التقليدى وإهمال التجديد فى المشاعر والتصرفات وطرق التعبير عنها .

أيضا عدم الاهتمام بإيجاد السبل التى تقرب بين الزوجين وصعوبة الحياة بعد إنجاب الأولاد وتحمل الزوجة لكثير من المسئوليات التى لايشارك الزوج فيها ليصبح حملا إضافيا عليها وأخيرا يأتى عدم الاهتمام بالتفكير فيما يحب أو يغضب الطرف الآخر وتدخل الأنانية بين الزوجين .

ماذا أفعل ؟

وأتساءل ماذا تفعل الزوجة عند شعورها أو اكتشافها أو حتى مصارحة زوجها لها بأنه يحب عليها يقول د. إبراهيم: عندما تتأكد الزوجة من انشغال قلب زوجها بأخرى بداية إذا كانت هذه مجرد زلة فزوجها عادة مخلص وأبدى زوجها الندم، على ذلك يجب أن تكون أكثر وعيا وحرصا فلا تتخذ قرارات انفعالية تؤثر على حياتها وهنا أحذر من الغضب والثورة ويفضل أن تنتظر حتى تهدأ انفعالاتها ثم تتحدث إلى زوجها فى حوار به مساحات واسعة من التفاهم فى محاولة للمكاشفة ومعرفة دوافعه لهذه النزوة لمنع تكرارها .

أما إذا تكررت الخيانة من الزوج فعلى الزوجة محاولة تعديل سلوك الزوج وإشعاره بما لحق بها من أذى نفسى ومعاناة داخلية وأن تدفعه للتفكير بماذا سيكون رد فعله لو كانت هى الخائنة وأنه لا فرق بين ما تسببه الخيانة الزوجية من جرح للمشاعر والكبرياء إذا ما كانت صادرة من رجل أو امرأة .

ثقافة المجتمع

ولكن فى نظر المجتمع قد يعد الحب الثانى لرجل متزوج مقبولا بل ودليلا على رجولة أو فهلوة يتبارى بها الرجال ويتناولها المجتمع بالسخرية بدلا من الاستنكار والبحث عن النتائج وتداعياتها. وعن هذه الاشكالية تقول د. إيمان عبدالقوى - استاذة علم الاجتماع-: البعض فى مجتمعنا تربى على أن الإنجاب للزوجة والحب للعشيقات بل وأصبحت كالعدوى تنتقل من الرجل المتعدد العلاقات إلى محيطه من الأصدقاء والمعارف بل ويعلن عنها البعض بكل فخر وينعكس هذا على الزوجة التى قد تراقب زوجها وبالتالى تندلع المشكلات أو تفضل الحصول على الطلاق أو تلجأ إلى خيانته انتقاما .

وهنا يسيطر على الأسرة مشاعر الكآبة التى تكون ثمرة للخيانات والنزوات فى حياة الزوجين، وهنا نعود إلى التنشئة فى فترة المراهقة والشباب وبث قيم تتضمن أنه لا أحد يرغب فى الدخول فى علاقة بدون أهداف بل هناك دائما بعض التوقعات والمخططات للمستقبل وأهمية تجنب الاعتقاد بفكرة الثقة العمياء التى لا تجعل الزوجة تنتبه إلى تحركات زوجها، ومن الأمور التى تساعد على الحفاظ على الروابط الزوجية ألا تترك الزوجة لزوجها وقت فراغ طويلا يشغله بأمور خارج المنزل، وأن طبيعة العلاقة الزوجية والتفاصيل المرتبطة بها تجعل الزوجة دائمة الإطلاع على سلوكيات زوجها ما يجعلها أقدر على رصد أو التقاط أى تغيير أولا بأول مما يجعل احتمال أن تفاجأ بعلاقة تجمعه مع امرأة أخرى احتمالا بعيدا بعض الشىء.

دور الرجل

وعن ثقافة الرجل داخل المجتمع فى تعامله مع الزوجة تقول د. عبدالقوى: إن الحياة مليئة بالمتغيرات الكثيرة خاصة العلاقة بين الزوجين ويجب على الرجل أن يفهم أن تبدل مشاعر المرأة أيضا على هذا النمط من التغير ومن الخطورة أن يمنع الرجل زوجته من تقلبات المشاعر والمزاج وأن المرأة عندما تشعر بانخفاض مشاعرها ناحيته تحتاج منه للإحساس بمساندتها بالمواقف وبكلمات الرعاية والعناية والشعور بالدفء ولطف المعاملة .

وهنا أنصح الطرفين بضرورة فهم كيف يرضى الآخر، فالرجل عادة يتصور أنه سيحقق نقاطا أكثر ويزداد تقدير شريكة حياته له إذا قدم لها شيئاً كبيرا، والمرأة على العكس لا أهمية لديها لحجم الهدايا بل هو احتياج حقيقى للمشاعر، وأى رجل يريد النجاح لابد أن يعرف كيف يدير مشاعرها.

الوقاية

ولكى تتجنب الزوجة خيانة وانصراف قلب زوجها إلى غيرها لابد أولا من عدم اختيار شريك الحياة على مواصفات شكلية أو تبعا للحالة المادية.

وأنه إذا لاحظت الزوجة خلال الفترة الأولى من الزواج فتورا فى العلاقة فلا تعتبره أمرا عابرا، وأن الزمن كفيل بعلاجه بل لابد من البحث وراء ذلك الشعور .

ومن الأمور التى تذيب الحب والود السخرية، فسخرية الزوجة وتسفيه آراء زوجها يدفعه للشعور بأنه شخص غير جذاب وأنك تعيسة معه ولا يجب أن تطغى شخصيتك المستقلة على علاقتكما.

وفى النهاية يظل قلب الرجل المتزوج ممنوعا من الصرف مقيدا بضوابط أخلاقية ومجتمعية قد تدفع بحب وليد فى قلب متزوج إلى ركن المشاكسين المضطربين الذين يسعون إلى من يأخذ بيدهم وانتشالهم من أمواج الحب العميقة الجارفة التى يروح قلب الزوجة ضحية لذنب لم ترتكبه ولتدخل فى صراع مع منافس مجهول لاتدرك أسباب قوته أو ضعفه لتواجهه ليبقى قلب زوجها هو ساحة المعركة واللقاء

 

المصدر: مجلة حواء- عمروسهل

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,865,171

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز