لا تولوها من يطلبها
كتبت : ايمان حسن الحفناوي
لأنني احترم قارئي واعرف انه صاحب الحق الأول عندنا، فقد رأيت كما تعودنا معا أن أشركه ما يحدث الآن
فمن الشفافية التي نتبعها هنا في مجلتنا، يجب علينا أن نكون كالكتاب المفتوح أمام قارئنا العزيز ، وهذا ما اتبعناه طوال الفترة الماضية والتي تربو على الثمانية أشهر
فعندما حادثني الاستاذ الفاضل حلمي النمنم رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال مشكورا ليبلغني باختياري لرئاسة التحرير.
ترددت في البداية ، لكن نصائح من حولي جعلتني أفكر بشكل أكثر عمقا، فالبلد في مرحلة انتقالية وهي تحتاج السواعد المخلصة والنفوس النظيفة التي لا تبغي إلا العمل الجاد للخروج ببلدنا من منعطفها الذي كانت تتجه إليه
استخرت الله ووافقت، و كنت أعلم علم اليقين أن من يتولون المناصب في الفترات الانتقالية لابد أن يستوعبوا أدوارهم جيدا، فهم فرسان يقدمون أنفسهم بشكل فدائي وعليهم أن يستعدوا للرحيل وقتما ترسو السفينة، لأنهم ببساطة عمال انقاذ ليس إلا..... وانطلاقا من هذا الفكر علمت أن دوري في هذه الفترة سيجعلني انسانة على حد الخنجر، ليس مع البشر فقط، بل قبلهم وأهم منهم مع الخالق الذي لا تخفى عليه خائنة الاعين، فالفترة حساسة، تحتاج المصداقية العالية والشفافية المطلقة، وأي معلومة يمكن ان تشعل بلدا، واي تعتيم يمكن أن يدخلنا في مصاف الخائنين.... كنت اضع هذا كله نصب عيني، وعاونني فريق محترم فهم مقتضيات المرحلة وسرنا على بركة الله نحاول أن ننجو بالسفينة وسط أمواج لا نعرف متى تأتي ومتى تهدأ
ويشهد الله أننا اتخذنا سبيل الحق في كل ما كتبنا رغم أن هذا السبيل يصبح من اشق السبل في فترات الانتقال لأي بلد خرج لتوه من ثورة اطاحت بنظام راسخ
في هذه الفترة وجدت من آزرني وساندني ووجدت أيضا من عوقني واتخذ كل السبل لعرقلتي
للفريقين اتجه بالشكر العميق، فمن ساندني بالعمل او بالقول، بالمجهود او بالنصيحة، سيؤجر من الله لأنه بالفعل افادني، ومن حاول تعويقي افادني ايضا لأنه شكل تحديا وحافزا كبيرا للنجاح، فأنا بطبعي تخرج ابداعاتي اذا ما وجدت التحدي لأنني أكره الفشل، ولا أطيق أن أفرط في مسئولية وضعت علي كتفي
تحملت انا وزملائي الصعاب، كانت القنابل المسيلة للدموع تزكم انوفنا وتدمع لها عيوننا بعدما يخنقنا دخانها ، ونحن صامدون على مكاتبنا نؤدي عملنا، كنا نعود لبيوتنا في ساعات متأخرة من الليل في ظل وضع امني شبه غائب وأحداث عنف متوقعة، ولا نعبأ فرسالتنا ايصال الكلمة في موعدها صادقة امينة للقارئ، كنا نتابع ونرصد
كل ما يحدث على الساحة ونصنع سجلا وأرشيفا لفترة من اهم الفترات التي تعبر بها مصر
وفي غمرة النضال خرج علينا جهاز مهم في الدولة، وهو الذي من المفروض مسئول عنا ، خرج منه من يؤكد أن المؤسسات الصحفية القومية تعاني من الفساد ولا سبيل لتطهيرها إلا بتغيير ٥٥ رئيس تحرير!!!
هذا الكلام يعني أننا جميعا فاسدون،لأننا ببساطة نشكل ٥٥ رئيس تحرير، وقتها عزّت على نفسي، فهل بعد كل هذا الكفاح والعمل بما يرضى الله والتفاني في احلك اللحظات يتم سبنا وقذفنا بما لا يقره القانون ولا يرضى الله؟؟؟ حزنت، وقدمت سؤالا لهذه الجهة الموقرة اطلب التفسير عما طالنا من اهانة، لم يرد على أحد، فقدمت استقالتي لهم وصممت عليها، لكنني نزولا على رغبة كثيرين بالمجلة وتحقيقا للصالح العام تريثت في جمع أشيائي، فالوقت صعب ومعنى تغليب كرامتي على صالح العمل يعني التفريط، وقررت أن اصبر لحين يأتي رئيس جديد لبلدنا ووقتها انسحب بهدوء، فساعتها ستكون الأمور أكثر استقرارا، و بالفعل جاء الرئيس، ،
تصورت أن يتم شكرنا على ما أديناه طوال الفترة الماضية، ويقومون بتغيير رؤساء التحرير أو لا يقومون فهذا امر لم يكن يشغلني، لكنني تصورت وتوهمت، أن يكون خروجنا مشرفا ولائقا بنا
إلا أنني فوجئت بالقرارات الجديدة والتي تعني أن على من يريد أن يصبح رئيسا للتحرير أن يذهب للجنة الإعلام بمجلس الشورى ويقدم اوراقه!!! فوجئت أيضا بل وذهلت بأن رئيس التحرير الذي يريد أن يظل في منصبه لابد أن يقدم طلبا بذلك!!! ما هذا؟؟؟واتصل بي بعض الأصدقاء الذين أعتز بهم ينصحونني ! بماذا ينصحونني؟ بأن اتقدم بطلب لأستمر رئيسة تحرير!!! أنا؟ لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
أقول لهذا الصديق العزيز وغيره أننا نعرف أقدارنا جيدا، ونعرف الصواب والخطأ، ونعرف ان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قال عن المناصب القيادية" نحن لا نعطي هذا الامر من حرص عليه" وقال أيضا لعبد الرحمن بن سمرة:" لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إلى نفسك وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها
إن من يطلب المنصب هو أبعد الناس عن تحقيق مصلحة العباد والبلاد،الا اذا كان يفعل ذلك لمصلحة شرعية ولا يوجد له بديل من بين الموجودين مما يضطره للمبادرة، لأن ما هي مصلحتك في مسئولية كبيرة ستقف بسببها يوما بين يدي خالقك يوم المشهد العظيم يسألك عن كل كبيرة وصغيرة فعلتها ؟ انكباب على الدنيا؟ أم تحقيق لوجاهة؟ أم ماذا؟
لقد تحملنا ما نحن فيه ولم نطلبه واعتبرناه امتحانا من الله وارجو من الله ان اكون قد نجحت في هذا الامتحان، وارجو من قارئي العزيز ومن زملائي الأحباء أن يعذروني، ، فأنا لم أنسحب إنسحاب الجبناء ولا المتخلين عن ادوارهم، لكنني لابد كرائدة فكر، أن أكون صاحبة موقف عندما أشعر أن مكانة مهمة أمثلها تتعرض للخطر، فدفاعي هنا ليس عن نفسي بقدر ما هو دفاع عن المركز الذي أمثله احتراما له ولكم...
اخر المشوار
وإن أنت لم تحفظ لنفسك قدرها هوانا بها .... كانت على الناس اهونَ
ساحة النقاش