كتبت : مروة لطفي
في محيط السفارة الأمريكية .. مصادمات دامية، ونيران تشتعل في سيارات الشرطة ..
وفي التحرير .. اشتباكات عنيفة وأصوات أعيرة نارية
إصابات .. جرحي .. قتلي . والسبب ببساطة عدم معرفتنا بالأسلوب الأمثل الذي تدار به الأزمات .. ، ولأن المرأة تلعب دورا رئيسيا في تهيئة أبنائها للتعامل مع الأزمات، فكان من الضروري معرفة ما يمكن أن تقوم به في هذا الصدد
فى البداية التقينا مع د.حورية مجاهد - أستاذ العلوم السياسية بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة - فقالت : لا شك أن دور الأسرة تقلص كثيرا فى الفترة الأخيرة مما فتح الباب على مصراعيه لدخول بعض المفاهيم الخاطئة لعقول الشباب .. فكانت النتيجة قيام بعضهم بأفعال تتسم بالعنف عند تعبيرهم عن غضبهم .
لذا أرى ضرورة إعادة القيم والأخلاق عند تعاملنا مع الفتن بكافة أشكالها وهو ما قامت به الصين عند بداية نهضتها حيث أوقفت الدراسة عدة سنوات لإعادة القيم والأخلاق بين النشء الجديد مما ساهم فى التقدم الذى وصلت إليه الآن ..
ولا يختلف الأمر فى جنوب أفريقيا حيث تعرض الزعيم نيلسون مانديلا وأسرته إلى الظلم والقهر حتى أنه سجن لمدة 28 عاما ومع ذلك خرج من محبسه للمناداة بمناهضة العنف، وقد منع رياضة الملاكمة لمدة 10 سنوات فى بلده تعبيرا عن رفضه التام للعنف .. وعندما قامت ثورات الربيع العربى كانت رسالته لنا تتلخص فى أهمية التسامح حتى نفتح صفحة جديدة من خلالها نصبو نحو مستقبل أفضل .
وأعتقد أن فتح هذه الصفحة يعتمد على النساء، فعليهن تجميع أنفسهن للذهاب إلى الجامعات والمدارس لفتح باب نقاش مع النشء وتوعيتهم بضرورة التعقل عند التعامل مع الأزمات المختلفة وكيفية التسامح مع الآخر حتى لانخسر حقوقنا بسبب اندفاعنا الذى قد يؤدى لبعض الأفعال الخاطئة .
أهمية الاحترام
وتتفق عواطف والى - عضو اتحاد نساء مصر - مع الرأى السابق وتضنيف قائلة : إن المرأة عليها دور مهم فى تنشئة أبنائها على احترام الآخر .. فالمطلوب ليس أن يحب بعضنا البعض لكن الأهم أن يحترم كل منا الآخر .
كذلك على النساء المثقفات عبء توعية الأميات الفقيرات ، والمعيلات اللائى يبلغ عددهم 37% من السكان بالأسلوب الأمثل للتعامل مع الأزمات، وتوعيتهن بكيفية تنشئة أبنائهن على التصدى للفتن بأسلوب حضارى بدلا من العنف الذى يضيع الحقوق .
دور الكبار
وتشير د. عزة هيكل - الأستاذة بكلية الآداب جامعة عين شمس، وعضو المجلس القومى للمرأة - إلى الدور السلبى الذى تلعبه بعض الأسر فى تعامل أبنائها مع الأزمات، وذلك من خلال مشاركة بعض الآباء والأمهات فى وقفات احتجاجية داخل مقار أعمالهم يتخللها بعض مظاهر العنف من تطاول على الرؤساء .. كذلك اقدام البعض على قطع الطرق، وغيره من الأساليب الخاطئة للتعبير عن الغضب مما ينعكس على الشباب خاصة فى مرحلة المراهقة فيظهر ذلك فى تعاملهم مع الفتن .. لذا على الآباء والأمهات البدء بأنفسهم أولا حتى يكونوا قدوة لأبنائهم .. كذلك يجب أن تتكاتف مؤسسات الدولة المختلفة من أسرة، مناهج تعليم، قانون، ومجتمع للاتفاق على وسيلة سلمية من خلالها تدار الأزمات، ويحصل البرىء على حقه بينما يأخذ المجرم جزاءه وبهذا يختفى العنف من قاموس إدارتنا للأزمات .
حقوق الإنسان
وترجع الكاتبة الصحفية أمينة النقاش - نائب رئيس حزب التجمع - سوء إدارتنا للأزمات إلى غياب ثقافة حقوق الإنسان فى المجتمع المصرى سواء داخل الأسرة، المناهج الدراسية، والإعلام الأمر الذى ينجم عنه عدم التعبير السلمى عن الغضب .. ولكى ننشر هذه الثقافة يجب على النساء المثقفات توعية غيرهن بدورهن التربوى فى التعريف بحقوق الإنسان وكيفية التعبير السلمى عن الغضب، وذلك من خلال عقد ندوات ومؤتمرات شعبية حول هذا الصدد، كذلك يمكن استخدام الدراما التلفزيونية فى نشر تلك المفاهيم حيث تلعب دوراً مهماً فى تشكيل وعى الشباب .
مرحلة مخاض
وتؤكد الكاتبة والفنانة. نادية رشاد أن مصر تمر بمرحلة مخاض لذا علينا معرفة الكيفية المثلى التى ندير من خلالها الأزمات .. وأعتقد أن الانضمام لأى من الأحزاب الجديدة المزمع تكوينها يعد فرصة جيدة للتعبير بأسلوب متحضر عن الرأى لذا يمكن للمرأة تشجيع أبناءها على المشاركة السياسية فى أحد الأحزاب حتى تصل أصواتهم بطريقة شرعية عند التصدى للفتن المختلفة.
كذلك يمكن توظيف الدراما فى اخماد الفتن من خلال إنتاج متميز لأعمال دينية إسلامية ومسيحية تجوب كافة بلدان العالم لنثبت من خلالها أننا بلد متسامح تتساوى فيه كافة الأديان السماوية.
المجتمع المدنى
أما د. زينب شاهين - أستاذ علم الاجتماع وخبيرة العلاقات الأسرية - فترى أن التصدى للفتن يحتاج لتضافر جهود جميع مؤسسات المجتمع من أسرة، مدرسة، إعلام ومؤسسات دينية للاتفاق على رؤية واحدة من خلالها تدار الأزمات، وتتحقق الأهداف بعيداً عن أى من مظاهر العنف.
وتضيف د. زينب قائلة: إن جميع مواثيق حقوق الإنسان تحض على حرية التعبير عن الرأى وحرية العقيدة دون تطاول أحد على الآخر.. فعلينا تعلم كيفية إدارة أزماتنا والتحكم فى انفعالات الغضب حتى لا نخسر حقوقنا.
وتعتبر المقاومة السلمية خير وسلية للدفاع عن أنفسنا وإظهار مساوئ الأوضاع التى نرفضها فهى من الأساليب الحضارية المضمونة النتائج.
صوت العقل
وتتمنى د.آمنة نصير - أستاذ العقيدة والفلسفة الإسلامية - أن يعلو صوت العقل الإيجابى عند تصدينا للفتن بمعنى أن نغضب لكن بتعقل، فيمكن للنساء أن يتجمعن حاملات لافتات يعبرن من خلالها عن رفضهن مع تكرار تلك الوقفات الاحتجاجية بأسلوب سلمى وراقى.. كما تعلمنا من عقيدتنا الإسلامية .
كذلك يمكننا اللجوء إلى الأساليب القانونية الشرعية عند تعاملنا مع الأزمات المختلفة لنطالب بمحاسبة المخطئ بالقانون والحكمة، وليت كل أم مصرية تؤهل أبناءها على إدارة الأزمات وفقاً لمعاير الصدق والأمانة، وعدم النفور من الاختلاف مما يساعد على تجنب المخاطر الناجمة عن سوء إدارة الأزمات .
ساحة النقاش