الشكوي الزوجية بين الحقيقة وخزي العين

كتبت :نجلاء ابوزيد

«الشكوي نص الرقوة» .. مثل شعبي توارثته الأجيال يعبر باختصار عن حالة الشكوي الدائمة التي يقوم بها المتزوجون من بعضهم البعض أمام الناس.

وحول كثرة الشكاوي الزوجية ، ومدي صحتها أو كونها «خزي عين» وتأثيرها علي العلاقة بين الزوجين كان هذا التحقيق llفى البداية تحدثت عزة غزالة - ربة بيت - قائلة :

البيوت كلها مشاكل لكن أحيانا يحتاج الإنسان أن يفضفض عما يعانيه حتى يستطيع أن يتحمل، وهنا أحكى لصديقاتى المواقف التى تغضبنى من زوجى ولا يكون ذلك على سبيل الشكوى لكن من باب الفضفضة، وعندما أستمع إلى كل واحدة منهن عما يغضبها نضحك جميعاً من مواقف الرجال لأنها متشابهة جداً.

وتضيف - غزالة - أحيانا تبالغ إحدانا فى تصوير نفسها على أنها ضحية لكننا نسخر منها ونتهمها بأنها تخزى العين فكل المتزوجات يعلمن أن الحياة الزوجية تسير بمشاكلها ومن تبالغ لا تقول الحقيقة، فطالما لم تطلب الطلاق أو يتطاول عليها بالضرب فمشاكلها عادية يمكن تجاوزها.

تدخل الآخرين

منار صالح - مهندسة تقول : أتعرض فى حياتى الخاصة للكثير من المشكلات والاختلاف فى الرأى بينى وبين زوجى لكن عادة أنهى مشاكلى دون تدخل الآخرين حتى لاتصبح حياتى مشاعاً.

لكن عندما أجلس مع زميلاتى وأستمع لشكوى كل واحدة من زوجها وتصرفاته معها وكيف أنه يلقى عليها كافة الأعباء فترد أخرى بمشاكلها أضطر إلى قول أشياء قد لاتكون حقيقية عن علاقتى بزوجى حتى أبدو طبيعية بينهن.

ولا أفكر فى قضية الحسد لكن طالما الحديث عن المشاكل فيجب أن أكون مثلهن لأننا جميعاً لدينا مشاكل.

الحسد

سحر فاروق - مدرسة - تجاوزت الخامسة والثلاثين تقول:

لم أتزوج ولم أعانى من أى مشكلة لكن يغضبنى وبشدة سيل الشكاوى الزوجية التى تنهال على أذنى فما أن أقابل امرأة متزوجة إلا وتبدو حياتها وكأنها نار.

بل يصل الأمر ببعضهن إلى أن يحسدننى على ما أنا فيه فلا أحد يشاركنى مرتبى ولايضايقنى وأفعل ما أريد وقتما أشاء فأتعجب وأصمت.

أحيانا أتعاطف مع صاحبة المشكلة وأصدقها وأكتشف بالصدفة أن علاقتها بزوجها أفضل مايكون لكنها تخاف الحسد فتبالغ فى تضخيم الأمور البسيطة.

إلا من تطلق فأستمع لها لأنها تحتاج فعلاً لمساندة حقيقية.

دلع ستات

وترفض آمنة عبدالله - موظفة- ماسبق قائلة :

زوجى إنسان محترم وحياتى معه مستقرة وتعاملنا مع المشكلات يتم بشكل راقٍ لدرجة أننا قد نظل أياماً لانتحدث معاً ونستقبل ضيوفاً أو نزور آخرين دون أن يشعر بمشاكلنا أحد وعندما أستمع لشكاوى زميلاتى أخبرهن أن هذا دلع ستات فيؤكدن لى ليس كل الرجال مثل زوجك.

وبمرور الوقت وتكرار الكلمة لفتت انتباهى صديقة مقربة إلى أننى مخطئة، لأن دفاعى عن الرجال يجعلهن يحسدوننى على استقرار بيتى، وأخبرتنى أنها هى الأخرى لاتواجهها مشكلات لكن طالما أن الجميع يشكون فهى تفعل ذلك والكل لايصدق لكنها عادة فى التجمعات النسائية.

ولأننى لا أستطيع ادعاء المشكلات بدأت أنسحب من هذه الجلسات لأى سبب لائق حتى لا أخزى العين أو أكذب.

نظرة الرجال

وإذا كانت هذه نظرة المتزوجات للشكوى فكيف يراها المتزوجون ؟!

عن ذلك يتحدث محمود عبدالوهاب - موظف - قائلاً :

الرجل بطبعه لا يميل للحديث عن أسرار بيته، أمام أصدقائه لكنه قد يشكو من كثرة الأعباء المالية وطلبات الأولاد وإسراف الزوجة، وهذه شكوى دائمة لدى جميع الرجال.

الإهمال

«إهمال الزوجة لنفسها وعنايتها بالأولاد وحدهم يأتى على رأس الشكاوى التي يتحدث فيها الرجال».

هكذا بدأ محمد أمين - موظف - حديثه قائلاً :

الرجال عندما يشكون معاناتهم يفعلون ذلك مع الأصدقاء المقربين وعادة تتشابه شكواهم وهى إهمال الزوجة لهم وتركيزها فى أمور البيت وطلبات الأولاد.

وأى رجل بعد الأبوة يصبح آخر أفراد البيت اهتماماً، فالرجل يشكو من الألم لا خوفاً من الحسد. وتكرار الشكوى أمام الغرباء تعنى أنه بدأ فى مرحلة البحث عن شهود حتى إذا ما قرر الزواج بأخرى يجد من يدعم قراره.

الخصوصية

وما بين آراء الأزواج والزوجات يأتى المتخصصون ليشرحوا لنا أسباب الشكاوى الزوجية وكيف نتجنبها ؟!

وعن ذلك تحدثت د. سامية خضر - أستاذة علم الاجتماع - قائلة:

العلاقة الزوجية علاقة ذات طابع خاص تعتمد بشكل أساسى على الخصوصية ولكن للأسف لاتحظى كثيراً بأى خصوصية وربما كان هذا سبباً فى كثرة العواصف التى تتعرض لها العلاقة، لأن المرأة تظل فى حالة شكوى ومن يستمعن لها يبدأن فى تقديم حلول ربما لاتتناسب مع حالتها فتزداد المشكلة وتتسع لأن آخرين ليسوا ذوى صفة تدخلوا.

وعلى الرغم من ذلك فهناك بعض النساء يتعاملن مع الشكوى على أنها شكل من أشكال الفضفضة التى تريحها وتجعلها قادرة على استكمال حياتها وهذا غير صحيح لأننا لانكتفى بعرض الشكوى لكن قد نبالغ فيها وقد ننفذ نصائح الأخريات.

أضافت د. سامية أن الشكوى الزوجية لاتكون عادة صحيحة لكن قد تكون وسيلة لجذب تعاطف الآخرين أو لمنع الحسد.

وفكرة الحديث عن المشاكل أمام الناس لاتحلها لكن تعقدها والأفضل أن تتحدث الزوجة مع زوجها بشكل مباشر فالصراحة بين الزوجين أقصر الطرق لتجاوز أى أزمة بينهما.

الكذب

أما الادعاء بوجود مشاكل فهذا أسلوب الضعيف المريض الذى يبحث عن أزمة ليعيشها وهذه النوعية غير مستقرة اجتماعياً وتعيش الأزمة وقد تحدث فعلاً لكثرة حديثها عنها.

وتنصح أستاذة الاجتماع فى النهاية بضرورة التريث قبل الحديث عن مشاكلنا أمام الغرباء أيا كان الهدف من هذا الحديث لأنه عادة لا يأتي بالخير على علاقتنا الخاصة والأفضل تطبيق مقولة للبيوت أسرار.

تأثير سلبي

أما د. عادل المدنى - أستاذ الطب النفسى والاستشارات الأسرية - فيقول :

الشكوى من الطرف الآخر فى العلاقة الزوجية أصبحت أمراً معتاداً بين الكثير من المتزوجين وعادة يلجئون لهذه الشكوى بين الأصدقاء والمعارف بحثا عن مستمع جيد لهم ربما ينصفهم لأن الشاكى عادة يرى أنه صاحب الحق فى الموضوع محل الخلاف وأنه مظلوم ويحتاج أن يستمع من الآخرين لهذه العبارات لدعمه.

 

المصدر: مجلة حواء -نجلاء ابوزيد

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

22,805,055

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز