عمرو الليثى .. ونعم الرجال..!

كتبت: نبيلة حافظ

ما أحوجنا الآن إلي التريث ومحاسبة النفس كل في موقعه .. ولكن لابد من المصداقية والشفافية في لحظات الحساب ...والإعلاميون هم أولى الناس بهذه المحاسبة لأنهم عن قصد وتعمد أوصلونا إلي هذه الحالة التي نحن عليها الآن من التخبط والتشرذم والفرقة والخلاف ...اعترف بذلك وأنا للأسف الشديد واحدة من أهل الإعلام ...وإن كنت أنا ومعي البعض لم نشارك في صنع هذه الحالة إلا إننا لم نتمكن من تغيير هذا الواقع أو محاولة إيجاد بديل له .. وكل ما قدمناه مجرد كلام ووجهات نظر محايدة ، تخيلنا أو توهمنا أننا بذلك قد أدينا دورنا ورضينا بهذا الأداء ...وللأسف اكتشفت مؤخرا أننا لم نقدم أي شيء يحسب لنا أو يشفع لنا يوم الحساب ! ووجدتني أسأل نفسي بماذا استفاد الناس من كلامنا ووجهات نظرنا ...؟ وبماذا استفاد منا الوطن ؟ فكل ما قدمناه كلام في كلام ... ويا حسرتاه .. أإلي هذا الحد عجزنا عن فهم الدور الحقيقي للإعلام ، وعجزنا عن جهل وغباء من أداء الرسالة المنوط بها تجاه مصر وأهلها في هذه الأوقات العصيبة ؟ كم أشعر بالخزي والعار وأندم علي كل لحظة مرت علي وأنا اكتفي بمجرد الكلام قد يتساءل البعض من الزملاء ماذا أنا بفاعل مع ما يمر به الوطن من أزمات؟ أقول لهم بأيدنا الكثير والكثير كان بإمكاننا تقديمه لناسنا ولأهلينا في هذه الأوقات ...كان من الممكن أن نمسح بأيدينا دموع الكثيرين من الأرامل والأمهات والأطفال الأيتام .. وكان من السهل علينا أن نخفف من آلآم المرضى ونساهم في علاجهم .. وكان من المتاح أيضا أن نقدم العون للفقراء ولكل محتاج ..كان.. وكان.. وكان.. كان من الممكن تقديم الكثير ولكننا تكاسلنا وأهملنا عن آداء دورنا هذا عن جهل من البعض منا وعن قصد من البعض الآخر ، فليسامحنا الله عن جهلنا هذا وتقصيرنا تجاه أبناء هذا الوطن.

أقولها كلمة حق يحاسبني عليها المولي عز وجل أنني لم أفطن إلي ذنبي هذا أنا وبقية زملائي من الإعلاميين ــ الإعلام المرئي والمكتوب ــ إلا بعد أن شاهدت عمرو الليثي وهو يقدم حلقة برنامجه 90 دقيقة علي قناة المحور وفيها استعرض إنجازه الرائع والجميل في حل مشكلة عشوائيات سكك حديد منطقة المهندسين بالجيزة ، والتي كانت تعاني من وجود عشش يقطنها فقراء مصر الذين جار عليهم الزمان وجعلهم يعيشون في وسط غير آدمي لعشرات السنوات ..عمرو الليثي بنفسه تواصل مع هؤلاء ، نزل بفريق برنامجه منذ عام ، التقى بهم ، تحدث معهم عن مشاكلهم وهمومهم ، أباحوا له بأحلامهم البسيطة ولكنها كانت بالنسبة لهم مستحيلة فكل ما كانوا يحلمون به جدران تحميهم من برد الشتاء ولهيب الصيف .. جدران تسترهم وتحفظهم من أولاد الحرام ...هؤلاء البسطاء لم يتخيلوا وقتها أن أبواب السماء سوف تنفتح وتستجيب لهم ولأحلامهم .ولم يدركوا أيضا أن هذا المذيع اللامع لا يريد من وراء ذلك الشو الإعلامي ولا مجرد ملء فقرات برنامجه والسلام .. لم يتصوروا أنه سيحمل همومهم هذه بكل إخلاص وأمانة ويسعي جاهدا مع محافظ الجيزة من أجل حلها .. لم يجول بخاطرهم أبدا أنه عقد العزم وعاهد الله علي أن يعيد لهم إنسانيتهم المفقودة ويجعلهم من سكان البيوت بدلا من سكان العشش والقبور.

فماذا فعل عمرو الليثي ...؟

ذهب إلى محافظ الجيزة طرح عليه المأساة وبحث معه عن أسلوب الحل والعلاج .. لم يعلن وقتها عن خطواته ولم يفصح عن نيته ولم يملئ شاشة الفضائية التي يعمل بها بالكلام ، إنه رجل أفعال ــ ونعم الرجال ـــ وفي خطوات سريعة ظهرت النتائج الجميلة والمبهجة محافظ الجيزة خصص أرض فضاء بهذه المنطقة وبدأ على الفور في بناء ثلاث عمارات مقسمة علي ثلاثين شقة وقبل أن ينتهي العام كانت العمارات جاهزة لاستقبال ساكنيها ومن بعد هؤلاء سوف يتم بناء عمارات أخرى لبقية سكان عشش المنطقة .. وهكذا ساهم عمرو الليثي بعمله الإعلامي في إسعاد القلوب الحزينة وفي علاج مشكلات المجتمع ...

هذا هو دور الإعلام الحقيقي الذي يرضي الله ويرضي الضمائر الحية فماذا أنتم فاعلون يا إعلامي مصر الآن..! 

المصدر: مجلة حواء- نبيلة حافظ

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,744,337

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز