حقك أمام القاضى

كتب : صلاح طه

تسأل عزة مصطفى من مدينة نصر: كيف يضمن المواطن تحقيق العدل أمام القاضى بينما نجده يلاقى الويلات والبيروقراطية والتشدد وقد يقع عليه بعض الظلم قبل أن يقف أمام ساحات القضاء.

- يقول المستشار البشرى الشوربجى نائب محكمة النقض السابق تتمثل حقوق الإنسان أمام القاضى فى العدالة بداية فى استدعائه أو القبض عليه بموجب أمر من النيابة العامة، وفى معاملته إنسانياً ومحاكمته محاكمة عادلة ومن ثم فإن كل فرد من حقه أن يتحاكم إلى قاضيه الطبيعى وأمام شريعته دون سواها.

«دفاعكم بينهم بما أنزل الله ولاتتبع أهواءهم» ومن حق الفرد أن يدفع عن نفسه ما يلحقه من ظلم ومن حقه أن يدفع الظلم عن غيره بما يملك «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» إن كان ظالم فلينهه عن الظلم وإن كان مظلوماً فلينصره» وعلى الحاكم أن يقيم هذه السلطة ويوفر لها الضمانات الكفيلة، كذلك من حق الفرد أن يدافع عن حق أى فرد آخر - «ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذى يأتى بشهادته قبل أن يسألها» أى يستبقها دون طلب من أحد ولاتجوز مصادرة حق الفرد فى الدفاع عن نفسه «إن لصاحب الحق مقالا» «إذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت فى الأول فإنه أحرى أن يتبنى لك القضاء».

أما عن حق الفرد فى محاكمة عادلة فتتمثل فى الآتى: البراءة هى الأصل « كل أمتى معافى إلا المجاهرين» وهذا الأصل مستمر مع اتهام الشخص ما لم تثبت ادانته أمام محكمة عادلة إدانة نهائية حيث لاتجريم إلا بنص شرعى ولايعذر المسلم بالجهل أو بما هو معلوم من الدين أو العرف بالضرورة، ولكن ينظر إلى جهله متى ثبت على أنه شبهة، بل لايحكم بتجريم شخص ولايعاقب على جرم إلا بعد ثبوت ارتكابه له بأدلة لاتقبل المراجعة أمام محكمة ذات طبيعة قضائية كاملة.

كما لايجوز بأي حال تجاوز العقوبة التى قدرتها الشريعة للجريمة .. تلك حدود الله فلا تعتدوها» مع مراعاة الظروف والملابسات التى ارتكبت فيها الجريمة درءاً للحدود ومبدأ مهم من مبادى الشريعة، وأخيراً لايؤخذ إنسان بجريمة غيره، وكل إنسان مستقل بأفعاله «كل امرئ بما كسب رهين» فلا يجوز أن تمتد المساءلة إلى ذويه من أهل وأقارب وأصدقاء وهذا ما نص عليه البيان الإسلامى العالمى لحقوق الإنسان.

وعن قيمة العدل فى الإسلام ضمن حقوقه الأساسية يقول المستشار البشرى إن العدل من أسماء الله الحسنى وصفة من صفاته سبحانه وتعالى ويحفل الإسلام بالعدل الشامل دون تخصيص بنوع دون نوع أو طائفة دون طائفه، لأن العدل نظام الله وشرعه والناس عباده وخلقه يستوون أبيضهم وأسودهم ذكرهم وأنثاهم مسلمهم وغير مسلمهم أمام عدله وحكمه لأن الظلم ظلمات يوم الدين، إضافة إلى أنه يفسر الحياة الدنيا والمقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن الذى يعدلون فى حكمهم وماولوا عليهم «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل».

والعدل واجب على الكافة ومن ثم كان الظلم حراما على الجميع ففى الحديث قدسى يقول تعالى «إننى حرمت الظلم على نفسى وعلى عبادى أفلا تظالموا» «إن الله لايظلم مثقال ذرة»، يقول الإمام ابن تيمية «إن حق المظلوم لا يسقط باستغفار الظالم سواء فى قتل النفس أو فى سائر مظالم العباد مادام يستطيع رد هذا الظلم بأى وسيلة أو لورثته بعد مماته «ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره» لكل ذلك كان العدل حقا من حقوق الإنسان بلغ مرتبة الفريضة الواجبة على القضاة والولاة لأن ولاية القاضى مقصودها إيصال الحقوق إلى أربابها فيتعين عليه أن يفتح صدره للدفاع لكل الخصوم على سواء دون غضب ولاقلق ولا ضجر ولا تأذ إلى آخر ما نهى عنه القاضى فى الإسلام، وإن حق الدفاع حق أصيل ينشأ منذ اللحظة الأولى التى يواجه فيها الشخص بالاتهام ويقصد بهذا الحق تمكين الشخص من الدفاع عن نفسه إما بإثبات فساد دليل أو بإقامة الدليل على نقيضه وهو البراءة فلا يجوز لأى سبب حرمان المتهم من هذا الحق وإذا كان لايستطيع أن يحقق ذلك لأى سبب سواء عجز مادى أو إنسانى لأن ذلك معناه بطلان محاكمته ولايصح إدانته لأن العجز عن الدفاع كالحرمان منه حتى بلغ التشدد ببعض فقهاء الشريعة مثل الأحناف بمنع عقاب الأخرس فى الجرائم وحجتهم أنه لو كان ناطقاً فربما ادعى شبهة تدرأ الحكم عنه لأنه عاجز عن إظهار كل مافى نفسه بالإشارة وقد ورد فى المبادئ الإسلامية أنه لايعاقب أحد على ذنب أو جريمة إلا بعد أن يسمح له بالدفاع عن نفسه وتحكم عليه المحكمة وأن الضمانة الأعظم لكافة حقوق الإنسان أمام القضاء تتجسد فى وجوب أن يوجد فى كل وقت قاضى مجتهد ومستقل يلجأ إليه المتقاضون فيجدون فى مجلسه المساواة وفى حكمه التثبت والاجتهاد للوصول لمعرفة الحق والحكم به فهل يعنى ذلك المتظاهرون أمام المحاكم وشعارهم طلب العدالة

المصدر: مجلة حواء -صلاح طه
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2805 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,681,810

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز