الجريمة الحمراء..خطر يهدد المصريين

 

لا شك أن الحصول على الأعضاء البشرية بطريقة غير مشروعة أو ما يسمي بجراحة السوق السوداء أو الجريمة الحمراء جريمة انتشرت منذ سنوات قليلة نتيجة الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الراهنة، وزادت خطورتها لعدم توافر بيانات وإحصاءات دقيقة بشأنها لاسيما المعلومات التي توضح ماهية الطرق العلمية المؤكدة لنقل الأعضاء.. وهو ما أدى إلى بث الرعب والخوف في القلوب، وانتشار الشائعات بشأن سهولة نزع الأعضاء البشرية من أي شخص لاسيما أطفال الشوارع والفئات المعرضة للخطر من المتسللين الأفارقة وغيرهم .

 

فى هذا الشأن أكدت د. عزة العشماوي الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة على ضرورة التكاتف لمكافحة تلك الجرائم البغيضة المتمثلة في الاتجار بالبشر والأعضاء ، والتعرف علي حجمهما الحقيقي، وبحث سبل إحكام الأطر التشريعية المنظمة لها، وذلك بالتشاور مع كافة الجهات المعنية من مسئولين حكوميين ومنظمات مجتمع مدني، مضيفة أن الدولة اهتمت بتلك الجرائم وصدر القانون رقم 5/2010 بشأن تنظيم زراعة الأعضاء البشرية والقانون رقم 64 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر، والمادة 291 من قانون العقوبات لضمان حقوق الإنسان وسلامته نتيجة للأضرار المادية والمعنوية التي يتعرض لها  نتيجة هذه الجرائم التي تروع أمن المجتمع.

جاء ذلك فى حلقة نقاشية تحت عنوان "الاتجار بالأعضاء البشرية من منظور قانونى اجتماعى طبى" نظمها المجلس بالتعاون مع اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية تحت رعاية وزير الصحة والسكان د.عادل عدوى ورئيس اللجنة العليا لزرع الأعضاء البشرية، لمناقشة أساليب مكافحة تجارة الأعضاء البشرية كجزء من مكافحة الاتجار بالبشر والتعرف على معوقات تطبيق قانون رقم 5 لسنة 2010 لزرع الأعضاء البشرية بمشاركة وحضور السيدة السفيرة نائلة جبر رئيس اللجنة الفرانكفونية بوزارة الخارجية، و د. محمد هلال أمين عام اللجنة العليا لزارعة الأعضاء وعدد من أعضاء النيابة العامة وخبراء في كافة المجالات الطبية والقانونية والأمنية.

اصطياد السماسرة

 

وذكرت فيها د.عزة أن بيع دم أطفال الشوارع والأطفال في ظروف صعبة هو جريمة استغلال نصت عليها المادة 2 من قانون الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 وأن المجلس معني بإنفاذ القانون وملاحقة المتورطين، وطالبت بضرورة رفع الوعي المجتمعى بهذه القضية من خلال الإبلاغ عن سماسرة الاتجار بالأطفال عن طريق خط نجدة الطفل (16000) وخط المشورة ( 16021 )، وناشدت وزارة التضامن الاجتماعي بإعادة هيكلة دور الإيواء التابعة لها لتحقيق أقصي حماية للأطفال خاصة وأن هناك أوجه تشابه بين جريمتي الاتجار بالبشر والاتجار بالأعضاء البشرية، حيث إنهما من الجرائم المنظمة التي ترتكب بواسطة عصابات منظمة وأيضا كونهما من الجرائم العابرة للحدود الوطنية، كما يُلاحظ وجود بعض الفروق في تعامل المشرع مع هاتين الجريمتين حيث إنه وفقاً لقانون مكافحة الاتجار بالبشر لم يعتد برضاء المجني عليه أو المسئول عنه أو متوليه إذا كانت الضحية طفلاً أو عديم الأهلية، إلا أنه وفقاً لقانون تنظيم زراعة الأعضاء البشرية أجاز المشرع نقل الأعضاء البشرية على أن يكون ذلك على سبيل التبرع بشرط أن يكون التبرع صادراً عن إرادة حرة خالية من عيوب الرضاء وثابتاً بالكتابة.

قواعد صارمة

وقال د. عبد الحميد أباظة مساعد وزير الصحة والسكان لشئون الأسرة والسكان ورئيس الأمانة الفنية للجنة العليا لزارعة الأعضاء- إن هذه القضية مرت بمراحل عديدة من النزاعات والنقاشات امتدت إلى 14 سنة إلى أن صدر القانون في 2010، والذي غير نظرة دول العالم إلى مصر تجاه مواجهة هذه الجرائم ورفعها في مكانة مختلفة، وأن وجود مادة في الدستور لزراعة الأعضاء يعطى دفعة قوية لتنظيم هذه القضية، مؤكداً أن قانون زراعة الأعضاء محكم للغاية واستطاع تحقيق الهدف العاجل منه وهو ضبط المجتمع المصري على إطار تشريعي في مجال لزراعة الأعضاء، ووضع قواعد صارمة لإعطاء تراخيص لمراكز زرع الأعضاء حيث تم غلق العديد من المراكز وتبقى منهم 30 مركزا من 140 مركزا وقت صدور القانون، كما أن عقوبات القانون تصل إلى السجن والسجن المشدد وكانت من قبل نقابية مخففة، والهدف الآجل للقانون هو أن أصل زراعة الأعضاء هي من المتبرع المتوفي إلى الحي وليس من الحي إلى الحي كما في بعض الدول، وشدد على أهمية دور الإعلام في تغيير ثقافة التبرع لدي المجتمع، بنشر الحقائق العلمية حول زراعة الأعضاء البشرية ومنها استحالة إنتزاع أعضاء الإنسان إلا بترتيب عصابي فمثلا الكلى من الصعب انتزاعها في مكان والسفر بها لمكان آخر حيث إنه لابد من تحديد الشخصين المنتقل منه وإليه، أما الكبد يستحيل نقله من شخص متوفي لأن الكبد يفسد في حالة الموت.

وقال المستشار توفيق علام وكيل قطاع حقوق الإنسان بوزارة العدل إن الاتجار بالبشر والأعضاء قضية متشابكة تختلط فيها عناصر قانونية واجتماعية واقتصادية ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخرى، وأن المشرع المصري عند إصداره القانون رقم 5 لسنة 2010 وازن بين تلك الاعتبارات جميعاً، وأنه يحظر نهائياً التعامل في الأعضاء البشرية على سبيل التبرع أو الشراء أو بمقابل أياً كانت طبيعته، وأن فلسفة المشرع في إصداره تأسست على المنع التام للاتجار في الأعضاء البشرية، وأن الحالات التى أجاز فيها القانون التبرع تعتمد على حالة الضرورة لإنقاذ نفس من خطر داهم يتهددها مع مراعاة سلامة المتبرع ذاته، مشدداً على ضرورة تفعيل القانون للقضاء على هذا النوع من الجرائم التى تهدد النفس الإنسانية في اسمى خصائصها بتضافر كافة الجهود المجتمعية.

عبر الحدود                           

كما أكد اللواء محمد ناجي مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان بوزارة الداخلية علي ضرورة وجود استراتيجية متكاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية للتصدي لجريمة الاتجار بالأعضاء البشرية وأن يكون هناك برامج متعددة تستهدف محاصرة الفقر وتنمية المجتمع لأن تلك الظاهرة تعد شكلا من أشكال الجريمة المنظمة عابرة الحدود التي اتسع نطاقها بشكل ملحوظ خلال الحقبة الأخيرة والتي يترتب عليها نقل ملايين من البشر عبر الحدود الدولية أو داخل حدود الدولة ذاتها بغرض الاتجار بهم موضحا أن وزارة الداخلية قد اتخذت العديد من الإجراءات للتصدي لتلك الظاهرة حيث تم توسيع صلاحيات واختصاصات قسم متابعة جرائم الهجرة غير الشرعية بقطاع مصلحة الأمن العام ليشمل مكافحة جرائم الاتجار بالأفراد وإنشاء وحدة أقسام متخصصة بكل من الإدارة العامة لشرطة حماية الآداب العامة والإدارة العامة لمباحث رعاية الأحداث بهدف التعامل بشكل منتظم مع القضايا المتصلة بالاتجار في النساء والأطفال، كما تم عقد العديد من الدورات التدريبية داخل وخارج مصر بالتعاون والتنسيق مع الجهات الأمنية لإعداد وتأهيل العنصر البشري من رجال الشرطة المعنيين بالتصدي لتلك الجريمة، موضحاً أنه بالرغم من حداثة جريمة الاتجار بالأعضاء البشرية إلا أن وزارة الداخلية لا تألوا جهداً للتصدي لهذه الجريمة وتعاملت مع البلاغات التي وردت في هذا الشأن وقامت بإجراء التحريات وتشكيل فرق البحث وقد أسفرت الجهود عن ضبط عدد من التشكيلات العصابية وتقديمهم للنيابة العامة.

وعرض تامر العربي رئيس نيابة جنوب القاهرة تطبيقات عملية لحالات واقعية لتشكيلات عصابية للاتجار بالبشر ومنها بيع ونقل أكياس دم وبيع أعضاء بشرية في المناطق الشعبية واستغلال الأحوال المعيشية والاجتماعية المنخفضة للأفراد المعرضين للإتجار بهم .

 

بينما أشار د. رشاد برسوم عضو اللجنة العليا لزراعة الأعضاء أن ظاهرة بيع الأعضاء هي نتاج احتياج المريض لنقل الأعضاء أو زرعها حتي يتمكن من الاستمرار في الحياة علي أكمل وجه، ولا يمكننا القضاء علي التبرع أو الحد منه لأننا بذلك نقضي علي حياة الكثير من المرضي ممن هم في حاجة إلي نقل الأعضاء موضحا أن الظاهرة  لها العديد من الجوانب منها الجانب الأمني ومحاسبة من يخترق القانون المنظم لتلك الظاهرة، والبعد الاقتصادي الذي يكمن في تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمرضي، والبعد الطبي وضرورة التركيز علي التبرع من حديثي الوفاة لأن التبرع من الأحياء يكفي فقط إلي 30% من الحالات التي تحتاج إلي زرع أو نقل الأعضاء.

المصدر: ايمان عبد الرحمن _مجلة حواء
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 588 مشاهدة

ساحة النقاش

hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,869,803

رئيس مجلس الإدارة:

عمر أحمد سامى 


رئيسة التحرير:

سمر الدسوقي



الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز