في هدوء ورقة يتسلل الشتاء إلى شوارعنا ونوافذنا، رومانسية مظاهر الخريف تلملم أشياءها وتستعد للرحيل، الدنيا تقف على عتبة الشتاء، وأراني أتأمل فصول السنة، من خلف نافذتي تتعانق سحابتان تحجب بعض الشمس، الشتاء يبرز بطاقة الدخول على استحياء استعدادا وتأهبا، شخصيا أعشق الشتاء وأحب الخريف، أسمع همسات وريقات الأشجار وأسرح بفكري، الصيف فصل مندفع محموم، يصبح ابتلاء في البلاد الحارة، موسم البهجة في البلاد الباردة، الشتاء قلب حزين رقيق دائم الشكوى لا يمل من الدموع يذرفها على عتباتنا، صريح وجارح بصراحته فيجعلنا نهرع إلى ملابسنا نتدثر بها حتى لا يقتحم عظامنا صقيعه بحثا عن الحقيقة، الربيع جميل لكنه أناني يتفنن في إغراء من حوله، جرئ ويحمل بعض المكر، وهو فوق كل هذا طاووسي الطباع، أما الخريف فهو يمثل عندي خلاصة الحياة، الحقيقة كما نطلبها، لا ضوضاء فيه ولا تقلب، في فصل الخريف تعقد كل الفصول معاهدة صلح وتعايش سلمي، فالشتاء يقدم أوراق اعتماده ويعلن عن نفسه بابتسامة دافئة، لا عواصف ولا صقيع، ولكن مجرد نقرات على أبواب الأيام لتسمح له بالدخول، والصيف ينسحب بعد أن يترك ذكرى طيبة فلا حر قئظ ولا عرق ولا ملح، وإنما سيمفونية دفء عجيبة محببة إلى النفس، وقت الغروب في فصل الخريف يختلف كثيرا، يجعلك تتأمل فتتفتح بداخلك ألف حديقة فهم، حتى الأشجار تنفض أوراقها نزوعا للصراحة، للوضوح، دون زينة ولا مساحيق، وداعا أيها الفصل الجميل الذي أحبه، ومرحبا بفصل أعشقه، ليالي الشتاء، وصوت فيروز، ومصباح فوق الطاولة تترنح أشعته الرقيقة، وستائر ترفرف فوق زجاج النافذة، وكوب من الشاي الدافئ يقف في وسطه عود النعناع الأخضر يعلن عن نفسه بوضوح فيعطر الأيام.
****
لا تقل"أحبك "هكذا كل يوم وأنت لا تعرف معناها، إنك تذكرني بديك الجيران على السطح المجاور، يجرب حنجرته كل صباح، لا يعرف ماذا يقول ونتصور أنه يذكرنا بالفجر، فالحب عندك مجرد خربشات على أوراق حياتك قد تملأ بها فراغات بين السطور، ثم تنساها بعد ذلك، وأنا يا سيدي لا أملك حبا أخفيه حتى ترتفع الأسعار، في الحب لا توجد سوق سوداء، أنا أملك قلبا واضحا صريحا لا يسكن خلف الضلوع، بل في حدقتي يسكن.
****
لماذا؟ لماذا نحول الجمال إلى تماثيل، لماذا نعلب المشاعر ونكتب عليها تاريخ صلاحية، لماذا ندفن الإحساس حيا، لماذا نبيع الشمس ونشتري بثمنها ستارا معدنيا، لماذا نبيع القمر ونقبض ثمنه شموعا تحترق وتزول، لماذا نبيع الحب لنشتري بثمنه كتبا تتحدث عنه؟ لماذا؟.
****
لا تفتح بابك، فقط أريد صدرك، لا تكوم بداخله، أتقوقع في وضع جنيني يعيد لي أمني.
****
افتح قلبك للحياة، فقد ازدادت أجهزة التكييف بشكل مستفز، أكره أجهزة التكييف التي أصبحت تملأ نوافذ القلوب.
المصدر: إيمان حسن الحفناوي
نشرت فى 1 أكتوبر 2014
بواسطة hawaamagazine
مجلة حواء أعرق مجلة للمرأة والأسرة المصرية والعربية أسسها إيميل وشكرى زيدان عام 1955، وترأست تحريرها الكاتبة أمينة السعيد، ومن يوم تأسيسها تواكب المجلة قضايا وهموم المرأة والأسرة المصرية والعربية. »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
23,019,367
رئيس مجلس الإدارة:
عمر أحمد سامى
رئيسة التحرير:
سمر الدسوقي
الإشراف على الموقع : نهى عبدالعزيز
ساحة النقاش