الحكمة تقول: "الحركة بركة.. والعمل حياة".. وقد أكد الخالق سبحانه وتعالى على قيمة العمل وذكره فى آياته البينات أكثر من مائتي مرة فهو السبيل لإعمار الأرض وحياة البشر: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".. فالزارع فى أرضه والصانع فى مصنعه والمعلم فى المدرسة والجامعة والمهندس.. وكل من يقدم اختراعا أو اكتشافا من أجل خدمة البشرية.. ورجل الدين الذى يدعو الناس إلى صحيح دينهم ويبصرهم بأمور دينهم ودنياهم على الوجه الأكمل.. وكل من يقدم من خلال عمله كلمة حق وخير تنفع الناس وتحفز بداخلهم الأمل وحب الحياة.. والطبيب وكل من يخفف الألم وأوجاع البشر.. ومن يبنى ويعمر, وكل أم تربى أبناءها وتصنع أجيالا قوية لأنفسهم ومجتمعهم.. لكل هؤلاء وهؤلاء نقول كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد العمل والعمال.. الذى نحتفل به مع العالم أجمع فى الأول من مايو من كل عام.
ولنا فى أنبياء الله ورسله جميعا القدوة والمثل, فلم يكتفوا بالدعوة للرسالات السماوية التى اصطفاهم الله من أجلها وكلفوا بها لهداية البشر بل عملوا بأيديهم من قبل وبعد بعثهم بالرسالة.. فالعمل عبادة ودعوة للحياة.. ولهذا كان رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام يعمل برعي الغنم فى صغره.. ومنها تعلم الصبر وقوة الاحتمال والرأفة بالصغير والضعيف والتأمل والتدبر فى الكون من حوله.. ثم عمل بعد ذلك فى التجارة وعرف بأمانته وحسن معاملته للناس.. وكذلك كل أنبياء الله كانوا يعملون بأيديهم مؤكدين على قيمة العمل, كان نوح عليه السلام نجارا يصنع الفلك, وكان داود عليه السلام حدادا يصنع الدروع.
واختار الله الإنسان خليفته فى الأرض وكلفه بإعمارها بالعلم والعمل وإعمال العقل والتفكر فى خلق الله من حوله والعمل فى أرض الله الواسعة لنشر الخير والحب والتعاون والسلام والعدل والمساواة بين البشر.
وقد غنى العديد من نجوم الطرب والغناء للعمل ومن بينهم ما قدمه العندليب الأسمر عبد الحليم من كلمات الشاعر والفنان الشامل صلاح جاهين فى عيد العمل والعمال: "بالأحضان يا مزارع يا مصانع.. بالأحضان يا اللى أنت بترفع راية العلم بالأحضان يا اللى على الجرار.. وأصاد لهاليب الصلب.. بالأحضان يحميكوا المولى وتدوم الهمة ويحيى الشعب.. بالأحضان يا بلادنا يا حلوة بالأحضان.. بالأحضان فى طريق الخير والعمران".
فالاحتفال بعيد العمال هو تقدير من العالم لجهودهم التى من شأنها أن ترفع مكانة الدول, ولهذا تهتم كل دولة بعمالها وتقديرهم وتشجيعهم على المزيد من الجهد وبذل الطاقة من أجل الإنتاج وذلك بتطوير قدراتهم ومدهم بكل ما يرفع من شأنهم ويساعدهم على تطوير أنفسهم والتواصل مع كل جديد فى التكنولوجيا الحديثة وسن القوانين التى تحافظ على سلامتهم وأمنهم وتوفر لهم كل حقوقهم.. وكل الخدمات التى يحتاجون إليها.. ونحن إذ نعتز ونفخر بدور المرأة مع الرجل فى كل مجالات الحياة والتى تحمل على عاتقها نصف قوى طاقات العمل فى مجتمعنا وكل المجتمعات إلى جانب مسئولياتها عن أبنائها وكل أفراد أسرتها.. فتحية تقدير لها ولكل عمال مصر فى عيدهم.
ساحة النقاش